رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


لائحة خدم المنازل أم هدم المنازل (1 من 2)

لم أستغرب عندما قرأت في الصحف قبل شهرين أن لائحة مشروع خدم المنازل تحت الدراسة وأن هيئة الخبراء في مجلس الوزراء تناقشها، ولكن تعجبت من تصريح معالي وزير العمل من أن هذه اللائحة لن تناقش أو تمرر لأن الخبراء والمسؤولين في الدولة سيناقشونها. وأعتقد أنها ليست نظاما جديدا بل "لائحة أو تنظيم". وبالتأكيد لن نخلط أو نقارن بين العمالة العامة وبين العمالة المنزلية. وأعترض شخصيا على عدم فتح الحوار في مناقشة "مشروع لائحة العمالة المنزلية" وبالتأكيد لن تصدر اللائحة إلا بالمعجزات مثل قرار رقم 200 الخاص بسعودة قطاع المقاولين 10 في المائة سنويا أو القرار رقم 50 الخاص بزيادة نسبة السعودة 5 في المائة سنويا مع احتراماتنا. ولا أتفق مع من يتهم الوزارة بالعمل في إصدار هذه اللائحة نتيجة للضغوط من منظمات عالمية لأن الوزارة ونحن قبلها، في حاجة إلى نظام أو تنظيم أو لائحة تقضي في شؤون العمالة المنزلية وتعدل بين الطرفين من خادم ومخدوم. وهذا لا ينفي أن مسألة حقوق العمال بشقيها أصبحت قضية عالمية تتبناها منظمة العمل الدولية جنبا إلى جنب مع منظمات حقوق الإنسان العالمية. وتحرك الوزارة ليس ردة فعل بل حاجة ملحة ومخطط لها منذ سنوات، وأتذكر أثناء مناقشتنا كفريق نظام العمل الأخير مع مسؤولي الوزارة ورغبتهم حينذاك من فصل العمالة المنزلية، لظروفها، عن مشروع نظام العمل الجديد ووعدوا ببحث ما يخص العمالة المنزلية في وقت لاحق.
وكما نشر في "عكاظ" 19/11/2006 أن من ملامح اللائحة في تحديد ساعات عمل خدم المنازل بـ 12 ساعة على مدار اليوم، إضافة إلى منح الخادم أو الخادمة يوم إجازة أسبوعية، وفي حال القيام بالعمل خلال الإجازة الأسبوعية يجب تعويض العامل ببدل نقدي أو يوم راحة بديل، كما تقرر اللائحة منح الخادم مكافأة نهاية الخدمة في حال أمضى أربع سنوات، وتوفير التأمين الصحي الإلزامي له، كما اشترطت اللائحة توفير سكن مناسب (غرفة ودورة مياه)... إلخ. ونقول إن هذا بعض حقوق العمالة المنزلية ولكن ستكون على الورق فقط. كذلك صرح مسؤول في وزارة العمل في "الشرق الأوسط 4/12/2006" على توجه وزارة العمل الصارم لوضع حد لتلكؤ الكفلاء عن دفع المستحقات المالية لمكفوليهم، لافتا إلى أن مديري مكاتب العمل منحوا صلاحيات بإيقاف الخدمات عن الكفلاء كافة الذين لا يتجاوبون مع دعوات الوزارة القاضية بضرورة إيفاء المكفولين بحقوقهم كاملة في مواعيد محددة، وهذا توجه جيد ولكن كيف ستطبقه الوزارة.
إننا في ورطة حقيقية ولا أعلم كيف الخروج منها، ولكن صدور هذه اللائحة وحدها لا يكفي بالتأكيد. لا يخلو منزل في المملكة من خادمة أو طباخة أو مربية أو سائق أو حارس أو منهم جميعا حسب حجم العائلة ودخلها، وكله يرجع إلى الطفرة الأولى التي أخرجتنا من منازل العائلة إلى شقق وفلل وقصور متباعدة وبمساحات كبيرة لا تستطيع سيدة المنزل أن تنظفها وتحافظ عليها إضافة إلى خدمات القصر أو الفيلا وتربية الأولاد ومحاكاة الجيران وتحقيق متطلبات الأولاد أو اضطرار ربة البيت إلى العمل. إن بعض هذه الخدمة أصبحت ضرورية مثل احتياجنا إلى المكيفات في الصيف. ولكن هل كلما تزوجت سعودية وفتحت شقة وظفنا لها سائقا وخادمة؟ وكم سيبلغ عدد الخدم بعد سنوات؟ هذا الأمر ينبغي أن يدرس ويناقش بعمل وجدية ولا يمكن قرطسته ونترك العباد على صاج ساخن.
لضمان حقوق الكفلاء ينبغي أن نجد وسيلة لحجز جزء من راتب العامل المنزلي يكفي لتغطية نفقات الاستقدام لدى جهة ما سواء مصرف أو جهة حكومية أو شركة تأمين يستردها الكفيل في حالة هروب الخادمة أو السائق أو عند عدم عودته من الإجازة ويتسلمها العامل المنزلي عند خروجه النهائي أو عند نقل كفالته.
هل تعلم الوزارة أن التشديد في الاستقدام مع كل هذه الرسوم التي تأخذها الدولة ومكاتب الاستقدام وتكلفة التذكرة والفحص الطبي والإقامة والتأمين الصحي الإلزامي ومبالغ الوسيط أو من سيحضر لك الخادمة باسمه التي أصبحت بالآلاف، أجبر الناس على مخالفة الأنظمة. ماذا يعمل المواطن بعد كل ذلك العناء وإحضار خادمة قد تكون جاهلة بكل أعمال المنزل أو تكون غير قابلة للتعلم ولكن قبل انقضاء نصف العام تهرب ليس لسوء المعاملة أو لعدم دفع الرواتب ولكن لوجود "سوق سوداء" تنمو وتكبر أمام أعين الأجهزة الحكومية التي تحاول من دون جدوى، وما عليها إلا التشديد وإصدار اللوائح والعقوبات الجزائية. لقد توقف كثير من الناس عن استقدام الخادمات لأنهم يستطيعون الحصول عليهم من "السوق السوداء" سواء هاربات بحق أو بغير حق، أو معتمرات متخلفات لحاجتهم لهم مع علمهم بالعقوبات الشديدة والحرج الذي يقعون فيه. نتمنى أن تسارع الدولة في تنفيذ نظام البصمة على جميع الوافدين أولا ثم المواطنين حتى نتحقق ودون شك من شخصية المسافر والعامل والمتسلم لراتبه التقاعدي أو راتب الإعاشة أو المنحة.
ليس من العدل أن تنكد جهة حكومية على المواطن والمقيم في حياته وتقوم جهة أخرى بتطبيق العقوبات عليه. أوجدوا البديل أو افتحوا باب الحوار مع من تنكوي جيوبهم وتتنكد حياتهم بالقرارات الحكومية.
إن استمرار هذا الوضع سيقود إلى مشاكل اجتماعية وأمنية متداخلة سنعاني منها كثيرا.

وللموضوع بقية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي