رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أثناء عاصفة الامتحانات .. تجاوزات غير مقبولة

لا يمكن أن يحقق التعليم العام والعالي أهدافه إلا من خلال غرس الأمانة في نفوس الطلاب، وتنمية حب التعلم والفضول العلمي لديهم، وترغيبهم في القراءة. لا شك أن انتشار الغش في الامتحانات سواء في المدارس أو الكليات والجامعات، يعكس تراخياً في تطبيق الأنظمة وعدم إدراك خطورة الغش من الناحية التربوية وإخلال ببناء المواطن الصالح. لا بد أن يشاركني القارئ الكريم في ملاحظة بعض السلبيات التي يحسن الالتفات إليها من قبل وزارة التربية والتعليم وكذلك الجامعات.
بداية أشعر بالأسى عندما أرى قصاصات من ''البرشام'' تُرمى في الممرات دون خجل، قصاصات قام الطلاب بإعدادها مع سبق الإصرار والاتقان في تصوير صفحات الكتب وقصاصات أوراق الغش ''البرشام'' وتصغيرها إلى أحجام صغيرة جداً، لا تكاد حروفها تُرى بالعين المجردة، خاصة لمن هم في سني! كان من المفترض أن يستشعر القائمون بالعمل في محال ''خدمات الطلاب'' خطورة الأمر ويمتنعوا عن مساعدتهم على الغش، ولكن الدراهم تُعمي العيون!
من جهة أخرى، يئن ''الكتاب'' ويشتكي من جور الطلاب على كرامته، بعد أن يُرمى من نوافذ السيارات أو في ممرات المدارس والجامعات دون اهتمام به أو استشعار لقيمته.. وكم نصحت طلابي بأهمية تكوين مكتبة منزلية تبدأ بالكتب الجامعية، ولكن قلة منهم يستوعبون ما أقول عن أهمية الكتاب. وهذه السلوكيات تكلف الدولة والمجتمع مبالغ طائلة تتمثل في إهدار الورق وتكاليف الطباعة!
والمقلق أكثر أن المعلمين والمعلمات لا يلتزمون بكتب المقررات المدرسية التي بذلت فيها الوزارة جهداً كبيراً وأنفقت على إعدادها وطباعتها مبالغ طائلة للوصول بالكتاب المقرر إلى درجة عالية من الوضوح من خلال الصياغة واستخدام الصور والأشكال البيانية. لا أدري ما سبب اختزال المنهج في عشر صفحات تُودع في أحد مكاتب ''خدمات الطلاب''؟! هل الكتب غير واضحة من وجهة نظر المعلمين؟! أو أنها فوق مستوى استيعاب الطلاب؟! أم أن المعلم (أو المعلمة) غير مقتنع بمحتواها؟! أو أنه غير قادر على توصيل ما بها للطالب أو الطالبة؟ وأياً كانت الإجابة، فهذا الوضع لا يسر ولا يعكس مستقبلا مشرقا لأبنائنا وبناتنا!
كذلك، يحزنني عندما يأتي الطالب إلى قاعة الامتحان دون أي استعداد، فيبحث عن محسن يعيره قلماً أو آلة حاسبة أو مسطرة، مع أنه يعرف مسبقاً طبيعة المقرر ومتطلبات الإجابة عن الأسئلة! هذا السلوك يعكس لامبالاة وعدم اهتمام؛ ويذكرني هذا الوضع بمشهد يتكرر في جامعاتنا يومياً، لم أره في أي دولة زرتها! معظم طلابنا (الذكور ولا أعلم عن الإناث) يأتون للجامعة دون حقيبة أو قلم، على عكس الطلاب في الجامعات الأمريكية التي درست بها. فالطالب الأمريكي يحمل على ظهره حقيبة تحتوي على أوراقه وأقلامه ومذكراته وجهاز حاسبه المنقول، وبعض المأكولات الخفيفة أو الفاكهة كالتفاح مثلاً. أما الطالب السعودي هنا، فحالته مختلفة!
يحكي لي أحد ملاك محال ''خدمات الطلاب'' – باستغراب شديد – عن ممارسات متكررة يشهدها في نهاية كل فصل دراسي، فيقول يتوافد كثير من طلاب الجامعة في يوم الامتحان - أي قبيل الامتحان بأربع ساعات أو أقل - لشراء ''الملزمة'' المقررة من قبل أستاذ المادة. ويضيف وهو يخفي ضحكة وراء تساؤله عن مدى قدرة الطالب على قراءة المادة المقررة في ساعات أو حتى يوم أو يومين؟!
كل هذه الممارسات تستوجب تنظيم ورش عمل ودورات تنشيطية للمعلمين والمعلمات تؤكد ضرورة الالتزام بالمقررات المدرسية وتبصيرهم بإجراءات ضبط الغش والعقوبات المقررة لها، كما أن الأمر يتطلب توعية طلاب الجامعات بأهمية الكتاب وزع قيم العطاء من خلال تشجيعهم على التبرع بها للجمعيات الخيرية أو المؤسسات المتخصصة في جمع الورق لإعادة تدويره.
ومع تطور تقنيات النشر الإلكتروني، أقترح أن تسعى وزارة التربية والتعليم وكذا الجامعات إلى التحول من الكتب الورقية إلى ''الكتب الإلكترونية''، وذلك بعد إقرار أنظمة واضحة وإجراءات عادلة تحفظ حقوق الملكية للمؤلفين. إن هذا الإجراء سيوفر على الوزارة مئات الملايين من تكاليف الطباعة، وسيوفر على الاقتصاد مئات الملايين من الريالات التي تنفق على استيراد الورق من البرازيل وشرق آسيا، وسيسهم - بطريق غير مباشر - في الحفاظ على الغابات في المناطق المطيرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي