مختصو قضايا الأمن على الإنترنت يواجهون مخاوف الاختراق بطرق غريبة
لا يأمن أحد على نفسه في العالم الرقمي فحتى أذكى العقول في عالم الأمن الإلكتروني يجدون صعوبة في التصدي للمتسللين إلى حياتهم الخاصة. وخلال القمة التي نظمتها "رويترز" عن الأمن الإلكتروني هذا الأسبوع كانت النصيحة التي اتفق عليها مختصون أمن الكمبيوتر في الحكومة والقطاع الخاص هو "كن فطنا وشكاكا بل شديد الارتياب". وقال مايكل تشيرتوف وزير الأمن الداخلي الأمريكي السابق مرددا مقولة شائعة في أوساط الأمن الإلكتروني "هناك نوعان من الناس لا ثالث لهما من تعرضوا للاختراق ومن لا يعرفون أنهم تعرضوا للاختراق" في حياتهم المهنية يستخدم مختصو الأمن الإلكتروني أحدث الاختراعات التكنولوجية لحماية شبكات الكمبيوتر من التعرض للهجوم.
لكن حين يتعلق الأمر بالحماية الشخصية يلجأون -ويا للعجب- إلى أساليب لا تمت للتقنية العالية. ويقول تشيرتوف الذي أسس مجموعة تشيرتوف للاستشارات الأمنية بعد أن ترك الحكومة عام 2009: إنه لم يكن يستخدم بريده الإلكتروني عندما كان يتولى منصب وزير الأمن الداخلي ليقطع الطريق على إحدى طرق التسلل المعروفة للوصول إلى شبكته. كما لا تستخدم جانيت نابوليتانو وزيرة الأمن الداخلي الحالية البريد الإلكتروني أيضا.
وقال يوجين كاسبرسكاي وشركته من أكبر الشركات التي تبيع برامج لمكافحة الفيروسات: إنه يستخدم هاتفا محمولا قديما أنتجته شركة سوني إريكسون قبل ست سنوات لأن اختراقه أصعب من اختراق الهواتف الذكية التي تستخدم الإنترنت. وقال كاسبرسكاي الذي أجرى المختبر الذي يحمل اسمه في موسكو دراسات مستفيضة على فيروس ستكسنت والفيروسات الإلكترونية الأخرى التي تستهدف برامج الكمبيوتر: "أنا رجل محافظ. أرتاب بشدة...أشك في كل رابط وكل رسالة إلكترونية".
كما يحذر المختصون الشكاكون الناس من وضع معلومات حساسة على الأقراص الصلبة وينصحونهم بتفادي كتابة معلومات حساسة ونشر أقل بيانات شخصية ممكنة على شبكات التواصل الاجتماعي. وقال ريتشارد مكفيلي مساعد المدير التنفيذي لمكتب التحقيقات الاتحادي -إف.بي.آي-: إن ابنته التي عادت في الآونة الأخيرة إلى المنزل بعد تخرجها من الجامعة طلبت منه أن ينظر إلى رابط جاءها أخيرا يحثها على تحميل شيء حتى تستطيع مشاهدة فيديو على "يوتيوب". وقال مكفيلي: "أجريت اتصالا وكان طعما. كانت ابنتي ستفعل هذا بسهولة لو لم أكن جالسا إلى جوارها" مشيرا إلى حيلة شائعة على الإنترنت.
وصرح مكفيلي بأن صفحة ابنته على "فيسبوك" أدت في الماضي إلى قيام مجموعة -أنونيموس- التي تخترق المواقع الإلكترونية بنشر عنوانها الجامعي للوصول إليه ولأسرته. والطعم هو من أكثر الوسائل التي يستخدمها المتسللون شيوعا. فمن خلال حملة لاستخدام الطعم تمكن متسللون من اختراق حساب وكالة أسوشيتد برس على "تويتر" لإرسال برقية كاذبة الشهر الماضي تتحدث عن وقوع انفجارات في البيت الأبيض، ما أدى إلى هبوط في أسواق المال لفترة وجيزة. ويقول جيري كولي المدير التنفيذي لشركة -نورث أمريكان إلكتريك ريلايبايلتي- التي تشرف على أمن شبكة الكهرباء: إنه لتفادي هذا النوع من الهجمات تجري الشركة اختبارا لموظفيها البالغ عددهم 200 موظف وترسل لهم رسائل إلكترونية تتضمن طعما كل ثلاثة أشهر.
ويستطرد أن كل من يقع في هذه المصيدة ويضغط على الرابط ينضم إلى دورة تدريبية تنظمها إدارة تكنولوجيا المعلومات ويشرف عليها هو شخصيا. وقال: "أوضحت لهم أهمية الأمر. وأن هذه هي الطريقة الأكثر شيوعا لاختراق أمن أي شبكة". وذكر أنه في أول اختبار أجراه من هذا النوع ضغط 20 من موظفي الشركة على الرابط الطعم، لكن في آخر اختبار تقلص العدد إلى ثمانية فقط.
وأبرز مختصون آخرون أهمية توخي الحذر في نشر معلومات شخصية على الإنترنت وإن كانوا يقرون بالأمر الواقع وهو أن شبكات التواصل الاجتماعي جاءت لتبقى، وقال كاسبرسكاي "إذا كنت تعيش في العالم الحديث.. لا وجود لك إذا لم تكن موجودا على شبكات التواصل الاجتماعي".