البنوك الإسلامية في ماليزيا أقل ربحية من نظيراتها الخليجية
يرجع أصل نشوء المصرفية الإسلامية إلى مصر، حيث أصبحت سارية المفعول في ماليزيا في عام 1983، الذي توافق مع سن "التشريعات القانونية للمصرفية الإسلامية". وواكبها نمو متضاعف بأصول المصرفية الإسلامية بمعدل سنوي بلغ 27 في المائة، خلال الأعوام العشرة الماضية. وبالمثل، مرت البنوك الإسلامية في منطقة الخليج العربي بمعدل نمو سنوي مضاعف بلغ 11 في المائة خلال الفترة نفسها. ورغم ذلك، فإن البنوك الإسلامية في ماليزيا أقل ربحية من نظيراتها في الخليج، لدى مقارنة نسبة صافي الدخل التشغيلي إلى الأصول المنصوص عليها مسبقاً وعائد ما قبل الضريبة على متوسط الأصول.
يمكن أن يعزى هذا الاختلاف في الربحية بين النظامين إلى العوامل الرئيسية التالية:
ـ الاختلافات في تكلفة التمويل والحصيلة الإجمالية.
ـ حصة السوق من المؤسسات المالية الإسلامية في النظام المصرفي.
ـ الاختلافات في التهديدات التنافسية للبنوك الإسلامية.
الاختلافات في تكاليف التمويل
تتمتع البنوك الإسلامية في منطقة الخليج بأفضلية مقارنة قوية، متشكلة على هيئة زبائن/ مودعين، ومجتذبة معها كلا من أصولهم وودائعهم. وبالنسبة للتمويل في البنوك الإسلامية في الخليج فإن نسبة عالية من الحسابات تصل إلى 52 في المائة هي من حسابات الودائع دون فائدة، والسبب الرئيسي لذلك هو لأن المودعين هناك أكثر ميلاً لإيداع أموالهم لدى بنوك إسلامية، استناداً إلى فكرة أن قيم وأنشطة تلك البنوك تمتثل لمبادئ الشريعة الإسلامية.
وتعتمد هذه الودائع دون فائدة على مبدأ "القرض الحسن"، الذي من خلاله يحتفظ الزبون بمدخراته أو مدخراتها، في حسابات جارية مقابل ضمانة البنك بتوفير السيولة والسداد الكامل عند الطلب. ومثل هذه التمويلات المجانية تقلل بشكل أساسي تكاليف التمويل لأي بنك إسلامي. وعلى جانب الأصول، فإن المنتجات الإسلامية أقل ثمناً من تلك التي يعرضها نظراؤها التقليديون. والتأثير النهائي هو ميل البنوك الإسلامية في الخليج إلى المحافظة على هوامش ربحية واسعة النطاق ولاسيما عندما يكمن موطئ قدمها في سوق التجزئة العالية الربحية. بينما تعتمد البنوك التجارية على امتياز سلسلة تجارة التجزئة القوية، التي تعد الوقت ذاته أقل ميلاً إلى تقديم حسابات استثمارية بالغة التكلفة تشارك في الربح للمودعين، وهو منتج قيد النمو بين المودعين الأفراد الذين يفضلون عدم تلقي عوائد على أموالهم، وبالتالي الالتزام بالامتثال الصارم للمبادئ الدينية الإسلامية.
ومع هذا ففي ماليزيا تتنافس البنوك الإسلامية, الباحثة عن التمويل, على منصة, مماثلة في الكبر، مع نظيراتها من البنوك التقليدية. وبناء عليه، فإن معظم الودائع الإسلامية تدفع نسبة للعائد، رغم أن هذه المعدلات أدنى من معدلات النسبة للودائع السائدة لدى البنوك التقليدية. فعلى سبيل المثال، يراوح معدل العائد على حسابات الاستثمار العام "المضاربة"، التي تمثل نسبة 42 في المائة من ودائع المصرفية الإسلامية في ماليزيا، بين 2.40 في المائة، و2.63 في المائة لفترة شهر واحد مقارنة بمتوسط معدلات الفائدة الثابتة على الودائع البالغ 3.01 في المائة لشهر واحد.
ولكي تستبقي مثل تلك الأموال ضمن النظام الإسلامي إلى حد كبير، تجد البنوك الإسلامية في الوقت الحاضر أن عوائد المشاركة بأرباحها يجب أن تكون أكثر تنافسية إلى حد ما مع تلك الخاصة بالبنوك التقليدية.
نتيجة لذلك، تعطي الاختلافية في تركيبة الودائع البنوك الإسلامية في الخليج ميزة تكلفة تمويل كبيرة مقارنة بمثيلاتها في ماليزيا.
الاختلاف في إجمالي الأرباح
تميل البنوك الإسلامية في الخليج إلى إنتاج حصيلة ربحية مرتفعة نسبياً مقارنة بماليزيا. ومرة أخرى، فإن السبب الرئيسي في ذلك هو المجموعة شبه المتجانسة من الزبائن الذين تخدمهم البنوك الإسلامية. أما في ماليزيا، فإن زبائن البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية مختلطون، ونسبة كبيرة من زبائن التمويل الإسلامي هم في الحقيقة من غير المسلمين حيث وجدوا أن مزايا المنتج الإسلامي تجتذبهم أكثر من نظيرتها المبادئ الدينية. وفي الوقت ذاته، تتألف أكثر من نصف أصول التمويل للنظام الإسلامي من تمويل الزبائن، على الأخص الرهونات العقارية السكنية، وتمويل شراء أو استئجار السيارات. وهؤلاء هم أنفسهم تماماً ( المقترضون / الزبائن)، الذين تستهدفهم البنوك التقليدية لتوسيع نمو الإقراض لديها. وبالتالي، فإن هامش الربح على منتجات التمويل الإسلامية الرئيسية مثل قروض البيوت والسيارات، مثلما هو الحال تماماً على ودائع الاستثمار الإسلامية، لا يختلف بشكل ملحوظ عن الأرباح المكتسبة من القروض المماثلة التي تعرضها البنوك التقليدية.
وفي منطقة الخليج، فإن أكثر المؤسسات المالية الإسلامية ربحية هي تلك التي ثبتت أقدامها في قطاع التجزئة المصرفية فالتمويل الإسلامي وقطاع التجزئة المصرفية ينتسبان بشكل جيد تحديداً لعدة أسباب. أولاً، يميل الزبائن الأفراد إلى أن يكونوا أكثر تلقياً للحجة الدينية مقارنة بالشركات. أما زبائن الشركات فهم أكثر حساسية تجاه الأسعار من مقترضي التجزئة، التي غالباً ما تقلقهم فيها رسوم الفائدة. علاوة على ذلك، يكشف التحليل التاريخي لجانب المخاطر / العائد لإقراض الأفراد عمق جاذبيته مقارنة بإقراض الشركات خلال العقدين الماضيين. ومع الاستخدام التنظيمي لتحويل الراتب (الاقتطاع المباشر من الراتب لدفع أقساط السداد)، وممارسات الإقراض المحافظة التي تستهدف سوق التجزئة، فإن البنوك الإسلامية الخليجية قد أبقت تكلفة التجزئة متدنية المخاطر عند نسبة 1 في المائة سنوياً. توحدت جميع هذه العوامل لكي تبقي إيرادات البنوك الخليجية عالية خلال الأعوام الخمسة الماضية.
المصرفية الإسلامية تهيمن على قطاع التجزئة
في دول الخليج، تشكل المصرفية الإسلامية نسبة متزايدة من إجمالي الأصول المصرفية حيث يمتثل ما نسبته 90 في المائة من قطاع التجزئة السعودي لمبادئ الشريعة الإسلامية. وعليه تزود البنوك السعودية زبائنها بمنتجات إسلامية. إضافة إلى ذلك، فإن أغلب البنوك التقليدية في الخليج لديها نوافذ أو فروع إسلامية. وعمل البعض منها على تحويل جميع، أو أقسام من أنشطة أعمالها إلى مصرفية إسلامية.
<img border="0" src="http://www.aleqt.com/picarchive/;lp;[].jpg" width="499" height="300" align="center">