كيف نجعل نظام الأندرويد آمنا لأطفالنا؟
استعرضنا في الحلقة السابقة تقريرا حول: هل الأندرويد نظام آمن لأطفالنا؟ وهذا التقرير الذي أعده فهد بن فيصل الحجي، المتخصص في التطبيقات الذكية والإعلام الجديد تناول المخاطر الكبيرة التي يواجهها أطفالنا في تعاملهم مع هذا النظام، وكيف أنه مليء بالمحتويات المحفوفة بالمخاطر من كل حدب وصوب، بدءا من البرامج الجنسية التي تنتشر انتشارا كبيرا بين محتويات متجر البرامج، إلى برامج ألعاب العنف والقمار وحتى تطبيقات التواصل الاجتماعي وغيرها.
إذن.. ما هو الحل؟ فالمنع بالطبع غير مفيد، وستولد لدى الطفل شعورا أنه متخلف عن أقرانه، ويزداد المنع صعوبة إن كان الجهاز قد دخل بالفعل وتعلق به الأطفال وبمرور الزمن يزداد تعلقهم به أكثر، كما أن الأطفال لن يعدموا وسيلة لاستخدام أجهزة مماثلة عند الأقارب والجيران.
والأهم من ذلك.. كما ذكر فيصل الحجي أن هذه الأجهزة هي وسائل تعليمية رائعة وذات قيمة مفيدة في تعليم أطفالنا، بل هي تجسيد لحلم الكثير من التربويين في إيجاد وسيلة ساحرة تكون وسيطا للبرامج التعليمية والتربوية، والأفضل بالطبع أن نوفر لهم هذه الأجهزة ونزودها بالبرامج المفيدة والمثيرة التي تخلب لبهم وتشدهم ليعيشوا عملية تعليمية وتربوية بكل حماس.
#2#
#3#
#4#
برامج التحكم الوسيطة
على الرغم من أن نظام الأندرويد يعتبر بشكل عام أكثر انفتاحا، ولهذا يعد الأكثر خطورة على الأطفال من نظام تشغيل الآيباد والآيفون، إلا أن كونه نظام تشغيل منفتح جعل المطورين يعملون على برامج تتيح للمستخدمين التحكم في بنية الجهاز نفسه ليكون مناسبا للأطفال، وهذا ما لا تجده في نظام تشغيل الآيباد الحالي.
وأشار الحجي إلى أن الكثير من المطورين قام بالفعل بتطوير برامج تقوم بإنشاء واجهة جديدة مخصصة للأطفال، تظهر لصغار المستخدمين البرامج المناسبة والمخصصة لهم فقط، وتقفل عليهم تماما كل البرامج الأخرى، سواء كانت برامج خطرة عليهم، أو برامج لا يريد الوالدان للطفل أن يعبث بها، ويمكن للوالدين التحكم الكامل بهذه الواجهات ووضع ما يريدون من برامج لأطفالهم ومراقبة الأجهزة أيضا، ووضع حد زمني للعب، بحيث يقفل الجهاز من تلقاء نفسه بعد أن يقضي الطفل ساعة أو عدة ساعات وهو يلعب به.
أي أن هذه البرامج تقوم بتحويل الأجهزة التي تعمل بنظام الأندرويد إلى أجهزة مخصصة للأطفال تماما! وهناك العديد من برامج التحكم الوسيطة متاحة في متجر البرامج، مثلKids Place، Kid’s Shell، Sandbox-Kid Lock، وهذه البرامج تختلف في إمكاناتها وقوتها وجودتها، وقدم فيصل الحجي عرضا تفصيليا عن أحد هذه البرامج كما يلي:
لماذا لا أضع كلمة سر للتحميل وأرتاح! هذا الحل غير مجد، حيث إنه وكما شاهدنا في الحلقة السابقة، فإن معلومات البرامج بحد ذاتها خطرة على الأطفال، أي أن ما يشاهده الأطفال في معلومات البرنامج قبل شرائه مليئة بالصور ومقاطع الفيديو التي يمكن له الاطلاع عليها بسهولة من دون الحاجة إلى كلمة سر الشراء،
واطلاع الطفل على صورة إباحية واحدة به خطورة شديدة عليه، فكيف وكل برنامج إباحي يعطيه ثلاث أو أربع صور وأحيانا مقاطع فيديو قصيرة قبل أن يشتري البرنامج؟ وقد يحرك في داخل الطفل رغبة للجنوح لتجربة هذه التصرفات الشاذة أو التأثر بها وممارستها مع آخرين.
تحديد العمر غير فعال
لماذا لا أقوم بتحديد المرحلة العمرية للبرامج؟ هذا الحل كثير الاستخدام بالفعل، وهو أن تقوم بالدخول إلى خصائص المتجر، وتحدد المرحلة العمرية المناسبة لطفلك، وبالتالي لن يعرض عليه المتجر إلا البرامج المناسبة لهذه المرحلة العمرية. وهذا الحل قد يبدو فعالا.. ولكنه في الحقيقة ليس كذلك، العيب في هذا الحل أن كثيرا من مطوري البرامج يضعون برامجهم مفتوحة لكل الأعمار أملا في زيادة مبيعاتهم، وبالتالي قد تجد برامج مخصصة للكبار، ولكن تم وضع تصنيفها أنها صالحة لكل الأعمار، كما أن مسألة ما يناسب الأطفال في كل مرحلة عمرية تختلف من ثقافة لأخرى.. فما هو متعارف عليه في المجتمع الأمريكي أنه يناسب الفتى في سن المراهقة قد لا يناسب بالضرورة أبناءنا في المجتمعات العربية التي تختلف في دينها وعاداتها وتقاليدها الاجتماعية.
وبالنظر إلى بعض البرامج ومنها برنامج رعب كما في الشكل رقم 1، وسبق عرضه في الحلقة الفائتة، وتم تصنيفه بأنه صالح لفئة ''بلوغ منخفض''، أي الأطفال في سن المرحلة الابتدائية تقريبا. وكذلك لعبة سرقة السيارات الكبرى التي يقوم فيها المستخدم بممارسة دور المجرم من سرقة وضرب وقتل وما إلى ذلك، وتم تصنيفها بأنها صالحة لفئة ''بلوغ منخفض'' أيضا. وعن البرامج التي بها محتوى جنسي واضح، فهناك بعضها تم تصنيفه أنه صالح لفئة ''بلوغ متوسط''، وآخر أنه صالح ''للجميع''، أي للأطفال جميعا مهما كانت أعمارهم. فهذه لا تراعى من قبل مستخدمي الهواتف التي تعمل بنظام أندرويد.
وجدير بالذكر هنا أن أغلب برامج التعارف وبرامج الزواج العربية مصنفة على أنها إما صالحة للجميع من صغار وكبار، أو مصنفة ''بلوغ منخفض''، وفي كل الأحوال يمكن للطفل الوصول إليها ومشاهدة محتوياتها. هذه الأمثلة البسيطة تظهر بشكل واضح كيف أن الاكتفاء بتحديد المرحلة العمرية في متجر البرامج وترك الجهاز بين يدي الأطفال، وبالتالي الأمر لا يخلو من خطورة عليهم، وليس بالحل الصحيح الذي يحميهم من الأخطار.
وباستعراض نموذج لبرنامج تحكم Kids Place، وهو أحد برامج التحكم الوسيطة التي تقوم بتحويل جهاز الأندرويد إلى جهاز مخصص للأطفال، ويمكنك بالتالي ترك الجهاز بين أيديهم وأنت مطمئن تماما عليهم. عند تشغيل البرنامج لأول مرة تظهر لك شاشة تعليمات، وفي أسفلها زر Set PIN، وهذا الزر سيأخذك إلى الصفحة التالية حيث تقوم بإدخال كلمة سر خاصة بك للتحكم بالبرنامج وبالخروج منه فيما بعد. ثم تظهر لك شاشة أخرى حيث تسجل بريدك الإلكتروني، وأسفله كلمة تلميح لاستخدامها في حال نسيت كلمة السر، ستظهر بعدها شاشة بها خيارات كما في الشكل رقم 2، فالزر الأخضر الأول Lock Home Button يقوم بربط زر الهاتف الرئيس بهذا البرنامج، أي أنه عندما يعمل البرنامج ويقوم الطفل بضغط الزر الرئيس السفلي في الهاتف فإن الشاشة الرئيسة المعتادة لن تظهر له، بل ستظهر له الشاشة الرئيسة لبرنامج التحكم الوسيط هذا، وذلك حتى نمنع الطفل من الخروج من دائرة هذا البرنامج. باختيار الزر الأخضر الأول ستظهر لك شاشة الخيارات الشكل رقم 2، أول اختيار منها يحمل نفس الاسم Lock Home Screen، بالضغط عليه ستظهر شاشة تعليمات نختار زر Lock Home Button. ستظهر شاشة أخرى، نختار البرنامج، ثم نختار زر Always. بعد هذا الاختيار سنعود إلى الشاشة ذات الزرين باللون الأخضر، ولكن سنجد الزر الأول قد اختفى وبقي الثاني، نختار الزر المتبقي، سينقلنا هذا الزر إلى شاشة بها قائمة بكل البرامج الموجودة على الجهاز، ما عليك هنا إلا اختيار البرامج التي تريدها أن تظهر لطفلك، كما في الشكل رقم 3.وبعد أن ننتهي من عملية تحديد البرامج، نضغط زر الرجوع في الشاشة، وسننتقل حينها إلى الشاشة الرئيسة للبرنامج المخصصة للطفل. وبذلك نكون قد انتهينا، وأصبح جهاز الأندرويد آمنا تماما للطفل، ويمكننا أن نترك الجهاز بين أيديهم بدون أي قلق، ومهما حاول الطفل أن يخرج من البرنامج فلن يستطيع. وحينما تأخذ الجهاز من طفلك وتريد أن تعيده لوضعه الطبيعي ما عليك إلا اختيار بوابة الخروج في الأعلى، وسيطلب منك الجهاز كلمة السر الخاصة بذلك وبعد إدخالها سيعود جهازك كما كان.
تزداد عملية التربية صعوبة يوما بعد يوم مع التسارع الشديد لعجلة التطور، وتقديمه منتجات جديدة تغزو بيوتنا وتتدخل في أدق تفاصيل حياتنا. ولكن؛ وفي الوقت نفسه فإن التقنية أتاحت لنا وسائل مذهلة في التربية اختصرت الكثير من الوقت والجهد.
وبالتالي علينا أن نعمل بجد واجتهاد وإقدام للتيقظ والحذر لتوفير البيئة السليمة لأطفالنا حتى نعينهم على تنمية مهاراتهم وقدراتهم ونزرع فيهم الأخلاق السليمة الصحيحة ونحميهم في نفس من الأخطار المتزايدة التي تحدق بهم.