تحرشات جنسية بين شباب وشابات عبر المواقع المشبوهة
اعتبر عدد من المختصين تنامي ظاهرة التحرش الجنسي في المجتمعات الإسلامية عامة وفي المجتمع السعودي خاصة من المصائب التي ابتليت بها الأمة المسلمة، وأكدوا أن هناك أساليب عدة يجب اتباعها للتخلص من هذه الظاهرة حتى لا تشكل خطرا أكبر في المقبل من الأيام. وأوضحوا أن ضعف الوازع الديني يأتي في المقام الأول لتزايد هذه الظاهرة خصوصا في أوساط الشباب والشابات عبر المواقع المشبوهة بطرق مختلفة. وتطرقوا إلى أمور عدة متعلقة بها, وفيما يلي تفاصيل هذه الآراء:
في البداية تحدث الشيخ مسعود الغامدي الداعية الإسلامي والإعلامي المعروف بقوله: إن الله، سبحانه وتعالى، أوجد الكون لحكمة يعلمها وخلق ابن آدم لحكمة حددها بقوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ( (الذاريات:56)، اقتضتها حكمته ورحمته وسعة علمه ولطفه، وجعل هناك سننا كونية وسننا شرعية إذا سار عليها العبد حققت له السعادة في الدنيا والآخرة، وإذا حاد عنها ناله من الشقاء بقدر بعده عن الله..
وأوضح الشيخ الغامدي أن ما يتعلق بالرجل والمرأة من اللقاء الجنسي وجعله غريزة جنسية للمرأة والرجل أيضا إنما لحكمة يريدها الله، وجعل للصلة بينهما منهجاً يسيران عليه وفقا لجميع الشرائع السماوية على مر العصور للحفاظ على الجنس البشري من كل ما يخالف فطرة الله التي فطر عليها العباد، وكما هو معلوم عبر تاريخ الإنسان أنه كلما ابتعد عن الله كان أسيرا لشهواته ونزواته، وجاء في الأثر: أن الناس إذا فشا فيهم الزنا تفشو بينهم الأمراض).
ومن مصلحة الإسلام أن يكون منهج الله هو السائد بين الرجل والمرأة، وهذا يحقق مراده، ويدع ما يخالف الله ويجلب له الشقاء..
ومن يخالف النهج الشرعي فيمكن اعتباره قائما بالتسويق للإباحية الإجرامية التي تشبه حياة البهائم، ومن نتائج إشاعة هذه الإباحية التحرش الجنسي، والذي ظهر جليا في أوساط الناس، وتسهم بعض وسائل الإعلام بدور مشبوه في إفشاء هذه الظاهرة التي بدأت تتزايد دون حياء ولا خجل، والذي اعتاد على هذا الطريق المظلم هو من أبعد الناس عن الدين والالتزام به, فهو يصبح أسيرا للغريزة التي تدفع من ينقاد لها إلى التحرش الجنسي وهو أقرب ما يكون للحياة الهمجية كما يحدث من بعض الشباب والبنات والمواقع الإباحية وبعض النوادي, وهذا تحرش جنسي مكشوف..
وهناك بعض التحرشات التي تحدث بين الفتيات والشاب بأساليب مبتذلة ووسائل معينة للاتصال ليست بخافية على أحد.
وأكد الغامدي أن من وسائل التحرش الجنسي ما وضع ضمن إطار انتقامي والقصص أكثر من أن تذكر، ولعل أكثر مثال يمكن ذكره ما حدث من رئيس أمريكا (كلينتون) مع (مونيكا) وهي الحادثة التي عرفها العالم بأسره وهي نوع من التحرش الجنسي المغلف بالأنظمة. وهذا لا يعني أننا نتهم كل موظفة تختلط بالرجال، ولكن عندما تنفلت عن نظام الله فيمكن أن يحدث أي شيء ويحدث التحرش الجنسي، وهناك أيضا ما يحدث من اختلاط بين النساء والرجال في أماكن العمل غير المنضبط، وربما تغلفه الخلوة أو أن تتاح فرص الالتقاء الذي فيه خلوة وكذلك عندما تستثار من خلال وسائل الإعلام، وبعضها قد يسبب الانفلات، وعندما يحدث هذا الانفلات يحدث ما لا تحمد عقباه..
ويرى الغامدي أهمية وجود مؤسسات متخصصة لمواجهة هذه الحالات المنفلتة كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لحماية أعراض الناس، وكذلك الأدوار الأخرى للمؤسسات ذات العلاقة، مع زيادة الوعي عبر وسائل الإعلام ووزارة التربية والتعليم.
ونسأل الله أن يسهم ذلك في السير على الطريق الصحيح.
ومن جهته قال الشيخ الدكتور طلحة محمد توفيق الأستاذ السابق في علم القراءات في جامعة أم القرى إنه لا عاصم من هذه الجرائم المؤلمة ومنها جريمة التحرش الجنسي الذي ينتج عنها حالات الاغتصاب وغيره من الجرائم, إلا باتباع منهج الله والتعفف عن الحرام بالبعد عن الزنا وأسبابه الداعية إليه من نظر محرم واستماع إلى محرم ومس المرأة الأجنبية والخلوة بالأجنبية والتساهل في دخول الأقارب غير المحارم على النساء ومن أهم الوسائل للقضاء على هذه الظواهر الخطيرة إشباع الغريزة بالطريقة الشرعية وهي الزواج وعلينا أن نيسر للشباب من الجنسين تكاليف الزواج وأن نذلل كل العقبات من طريق الحلال وعلينا جميعا مراقبة الأبناء بنين وبنات ومنع كل ما يفسد أخلاقهم من أفلام وبرامج وقصص وروايات بعيدة عن العفة وتخدش الحياء والدين، ولنراقبهم حتى لا يصحبوا إلا الأخيار ولا يختلطوا بالأشرار ولنبعد عنهم كل ما يثير الغرائز وألا يختلطوا بالأشرار ونشغلهم بالطاعات والمباحات لأن الشباب والفراغ والجدة (الغنى) مفسدة للمرء أي مفسدة. ولعل قصة الشاب الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم راغبا في الزنا ليست بخافية على الكثير منا وفيها من التربية النبوية الشريفة التي تحض المسلم على محبة الخير للآخرين كما يحبه لنفسه. وندعو الله أن يقينا وشبابنا وامتنا هذه الفتن الكثيرة وشرورها.
التحرش الجنسي
ومن جانبه قال الأستاذ خالد بن عبد الرزاق الدايل (دراسات اجتماعية): إنه في ظل التغير والتقدم والتطور الذي تشهده المجتمعات يحدث بعض السلوكيات والتجاوزات الخاطئة المحرمة، فنجد مثلا في الآونة الأخيرة تفشي ظاهرة التحرش الجنسي وهي تبرز بشكل ملحوظ على اختلاف أنواعها وأشكالها وينتج عنها تعرض بعض أفراد المجتمع بجميع فئاته لجانب من هذا التحرش، فعندما يقوم شخص ما بتعد ويتحرش بشخص آخر جنسياً وينتهك ويتجاوز أبسط أنواع الأدب والأخلاق فإنه نمط من الأنماط السيئة التي يرفضها الدين وكل المجتمعات ذات الضمير الحي، وتتمثل هذه الأنماط في صور متعددة منها تحرش بعض الشباب بالفتيات أو الخادمات أو الأطفال القصر أو كبار السن ليصل بذلك الإنسان إلى أحط الانحدار الأخلاقي والضمير الغائب وعدم الإحساس، والعقل المفقود ليشبع فقط لذاته وشهواته الأنانية غير المسؤولة تاركاً ومتناسياً الدين والعادات والقيم والتقاليد، ضارباً بها عرض الحائط منتهكاً ومحطماً مشاعر وأحاسيس ونفسيات من تعرضوا للتحرش الجنسي الذي قد يصيبهم بتوتر وقلق وخوف وإحباط، ويكون أحدهم أسير الحزن والضغوط الاجتماعية والنفسية التي تؤثر عليه في حياته، ولذا يمكن أن نحدد بعض الأسباب المؤدية إلى التحرش الجنسي بشكل عام:
ضعف الوازع الديني.
تأثير الفضائيات والوسائل الإعلامية وما يراه الإنسان من مغريات مختلفة.
الإهمال والتساهل في المتابعة والتربية من قبل الآباء والأمهات للأبناء منذ الصغر على السلوك السوي الحسن والأخلاق الفاضلة وغرس القيم والصفات الحميدة.
البعد عن القيم والمبادئ والأخلاق الفاضلة والعادات والتقاليد المحافظة.
الضغوط الاجتماعية والنفسية المختلفة التي قد تؤثر في الإنسان، التي قد تدخله في مشكلات وصعوبات ومواقف صعبة، والتي قد تجرفه إلى انحرافات وسلوكيات غير سوية.
سيكولوجية المتحرش العدوانية الانتهازية واستغلال الفرص.
الحرمان العاطفي والاجتماعي والنفسي وعدم شعور الأبناء بالحنان والألفة والمحبة.
عدم إعلان العقوبة الرادعة المباشرة.
وجود بعض المغريات والمؤثرات والسلوكيات من قبل البعض في المجتمع والتساهل وعدم المبالاة في المحافظة وعدم الإثارة.
أصدقاء السوء والاختلاط بمن يدعون إلى الانحراف والسلوك غير السوي.
التغيرات الجسمية والبنية التي يمر بها الشاب أو الشابة والتي تحتاج إلى مراعاة ومتابعة وتفهم والتي قد يؤثر فيها غلاء المهور وتأخر الزواج للشباب والشابات والذي يكون سببا من الأسباب.
لذا من وجهة نظري فإن التحرش الجنسي أمر خطير، ويحتاج إلى تكاتف الجهود واهتمام ومتابعة من قبل الجميع.. مؤسسات أهلية أو حكومية والأسرة أو المدرسة لمحاولة القضاء على تلك الظاهرة أو التخفيف منها في تعديل السلوك ومعالجة المشاكل والأسباب المؤثرة، وزرع وغرس القيم والمبادئ الحسنة، والتوعية والنضوج بالعقل والفكر في تجنب ومحاربة والبعد عن التحرش الجنسي وإيضاح تأثير ذلك على خدش الحياة الاجتماعية والطمأنينة والاستقرار الاجتماعي والبيئي لأفراد المجتمع.