لا عذر لوزارة الصحة.. بعد اليوم
عند صدور موازنة الدولة كل عام ومنذ ثلاث أو أربع سنوات يؤكد خادم الحرمين الشريفين للوزراء أنه ''لا عذر بعد اليوم''، لكن بعض وزارات الخدمات تشتكي وتبرر البطء في تنفيذ مشروعاتها بالإجراءات المقيدة من قبل وزارة المالية.
واليوم وبعيداً عن بنود الميزانية يأمر الملك عبد الله باعتماد مبلغ 15 مليار ريال لإنشاء 19 مستشفى ومجمعا طبيا.. توفر 7400 سرير وتضم ضمن مكوناتها نقلة نوعية للخدمات الطبية تتمثل في إنشاء ثلاثة مراكز في ثلاث مناطق لاضطرابات النمو والسلوك للأطفال، وهي مراكز تنشأ لأول مرة في المملكة للعناية بمرضى التوحد ومرضى فرط الحركة، المؤمل أن تتم زيادة عدد هذه المراكز لتشمل بقية مناطق المملكة.
وأمام هذا المبلغ الكبير الذي يماثل ميزانية دولة من دول العالم الثالث، يقول المواطن هذه المرة لوزارة الصحة ''لا عذر بعد اليوم''، فلديكم 15 مليار ريال لا تخضع للإجراءات المالية الروتينية، وإن حدث أي تأخير أو تعطيل فهو من أجهزة وزارة الصحة وحدها.. وحينما نتحدث عن وزارة الصحة أو أي وزارة أخرى فنحن لا نعني الوزير شخصياً مع أنه المسؤول الأول، لكن التقصير وعدم المتابعة قد يأتي من الوكلاء والمديرين والمسؤولين التنفيذيين الآخرين في الوزارة .. ولذا فإن الوزارة مدعوة لدعم جهازها الفني والإداري بالكفاءات لمواجهة المرحلة المقبلة، وكذلك الاستعداد منذ الآن لتأهيل وتدريب الكوادر الفنية اللازمة للمستشفيات الجديدة، خاصة وقد أقر برنامج التشغيل الذاتي.. وتنفيذ هذا العدد الكبير من المشروعات في بلد يشهد نمواً سكانياً سريعاً يصاحبه نقص كبير في الخدمات الطبية.. ويصاحبه أيضاً عدم استقرار لسوق العمل وتوافر مواد البناء، يتطلب أن تضع وزارة الصحة خطة تنفيذ مدعومة بالتواريخ المحددة ونشر هذه الخطة، مع إعطاء تقرير إعلامي شهري حول التقدم في التنفيذ، ليكون المواطن والأجهزة الرقابية شاهداً ومتابعاً وشريكاً مع الوزارة منذ البداية، والمؤمل تجنب استعمال العبارات العامة (مثل السنوات القليلة المقبلة وقريباً وحوالي...)، فالعصر عصر تحديد وإنجاز في المواعيد المحددة.. وليس عيباً أن تستعين الوزارة بخبرات عالمية سبق أن نفذت مشروعات صحية مماثلة وتوزيع العمل بينها وبين الشركات المحلية القادرة، حيث لا يتم الاعتماد على مقاول واحد، مع أخذ الضمانات الكافية بأن العمل سينجز في الوقت المحدد لأن التأخير في تنفيذ المشروعات قد يكون مقبولاً في أي مجال إلا في المجال الصحي، حيث المسألة تتعلق بالحياة والموت.
وأخيراً: نريد أن نسمع من وزير الصحة حديثاً محدداً حول خطط وزارته وتصورها لتنفيذ التوجيه الكريم وخطة الوزارة لتوفير الكوادر اللازمة للمستشفيات الجديدة، مع الحرص على الجدول الزمني المحدد كي يفرح كل مواطن بأنه سيجد السرير والعلاج في منطقته، فلقد تعب ذلك المواطن من شد الرحال إلى الرياض ثم لا يجد سريراً، فيضطر وقد تحمل مشقة وتكاليف السفر أن يتجه للمستشفيات الخاصة التي لا يقدم بعضها خدمة تتناسب مع ضخامة فواتيرها التي تزداد يوماً بعد يوم.