رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الأرض والقرض في سياق التخطيط العمراني والحضري

لا شك في أن أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بإعطاء المواطنين أراضي سكنية مطورة وقروضا للبناء عليها، وإعطاء وزارة الإسكان الصلاحية لاعتماد المخططات لمشاريع الإسكان يعكس إصراره ــــ يحفظه الله ــــ على حل مشكلة الإسكان بشكل جذري، والقضاء على مشكلة الانتظار في قوائم صندوق التنمية العقاري!
ومن المتوقع أن يسهم هذا الأمر الملكي في كبح جماح الزيادة الجنونية في أسعار الأراضي وكذلك الإيجارات، التي ارتفعت بدرجة جعلت الحصول على المسكن بعيداً عن متناول الشباب. ولا شك في أن الجزء الأكبر من مسؤولية تفاقم مشكلة الإسكان تقع على عاتق الأمانات والبلديات التي تتعمد إهمال مخططات المنح لسنوات طويلة دون العمل بجدية لتوفير الخدمات بها. ومن المؤمل أن يؤدي الأمر الملكي الأخير إلى رفع مستوى تخطيط الأحياء السكنية والحد من إهمال الأراضي المخصصة للمرافق، أو إساءة استخدامها من قبل الأمانات. كما سيُسهم في تنوع النسيج الاجتماعي نتيجة المجاورة بين الناس على اختلاف ثقافاتهم ومستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية.
وقد أشارت وزارة الإسكان إلى أنها تعكف على إعداد لائحة الإسكان، ومن المتوقع الانتهاء منها في غضون سبعة إلى ثمانية أشهر، ثم ستبدأ في توزيع الأراضي المطورة ''أرض وقرض'' بعد سنة. لا شك في أن هذه الأوامر والقرارات وضعت ''الكرة'' في مرمى وزارة الإسكان للقيام بعبء كبير في تحديد الأحياء الأنسب للسكنى، وتطويرها عقارياً بما يتناسب مع المعايير العمرانية الدولية وتحديد الكثافات السكانية المناسبة ضمن النسيج العمراني، حتى لا تتكرر الأخطاء التي تؤدي إلى مشكلات عمرانية يُكلف إصلاحها ـــ فيما بعد ــــ كثيرا من الأموال!
أرجو ألا تتكرر الممارسات الحالية الكارثية في أسلوب البناء الذي يعتمد على ''تصاميم'' ومخططات مساكن مكلفة، وشركات بناء وإشراف مرتفعة الأسعار ومنخفضة الجودة؛ فالمواطن في الوقت الحاضر يضطر إلى إهدار الوقت والمال والجهد، دون أي حماية من الجهات المسؤولة. وهذا الوضع يتطلب حلولاً جذرية تتمثل في إنشاء شركات متخصصة في البناء بمشاركة عالمية أو فتح الباب لدخول شركات دولية تنفذ بناء المساكن ووفق مخططات عملية وأسعار محددة وجودة عالية في البناء، كما ينبغي اعتماد مشرفين مؤهلين لمساعدة المواطنين في بناء مساكنهم، بدلاً من الهدر غير المبرر في مواد البناء والاضطرار إلى الاستعانة بمكاتب هندسية غير مؤهلة تعمل على استغلال المواطنين، دون تحمل أدنى مسؤولية في حال وجود خلل في الإنشاء.
في الختام، أرجو ألا يُركز تنفيذ ''الأرض والقرض'' على حل مشكلة ''الإسكان'' بمعزل عن قضايا التخطيط العمراني والتنموي. فمن الضروري أن تكون مشاريع الإسكان ضمن عملية التخطيط العمراني والحضري للمدينة، وأهم من ذلك أن يكون ضمن إطار الخطط التنموية ليخدم أهداف استدامة التنمية وتعزيز توازنها بين مناطق المملكة، دون أن يكون الحماس الكبير لحل مشكلة ''الإسكان'' على حساب قضايا تنموية أخرى، أو يؤدي إلى بروز مشكلات حضرية جديدة أو توسع المدن وتمددها لدرجة إحداث خلل في إدارة المدن! ومن الضروري أن تكون مشروعات الإسكان في مناطق أو مدن لديها إمكانات نمو عالية، وأن تسعى إلى إيجاد السبل المناسبة لتوسيع الخيارات أمام المواطنين، بدلاً من إجبارهم على السكن في أحياء محددة.
باختصار، لا بد من حل مشكلة الإسكان في سياق التخطيط العمراني والحضري وفي إطار الأهداف الاستراتيجية للتنمية في المملكة؛ لكيلا تصبح مشاريع الإسكان مدنا مهملة يتركها أصحابها طلباً للعمل في مدن أو مناطق أخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي