رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الهيئة العامة للاستثمار واستنساخ تجربتنا مع الميزة النسبية

ما زلت أتذكر المرة الأولى التي أسمع فيها عن الهيئة الملكية للجبيل وينبع، عندها كنت في عمر اثني عشر عاما، وكنت أقف حينها أسلم على الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله - والأستاذ هشام ناظر والأستاذ محمد أبا الخيل وكوكبة من المسؤولين الذين كنت أراهم في الصحف والتلفزيون، وذلك في إحدى المناسبات في منزل الوالد - حفظه الله - وبضيافة عمي الدكتور جميل الجشي، ولم أكن أعي أو أتخيل عن ماذا يحلمون أو يتخيلون أو يرسمون لمستقبل الوطن. كان ذلك في عهد الملك خالد - رحمه الله - وبمتابعة مباشرة من الملك فهد - رحمه الله - قاد الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله - والأستاذ هشام ناظر إنشاء الهيئة الملكية للجبيل وينبع والشركة السعودية للصناعات الأساسية ''سابك'' تحقيقا لرؤية استراتيجية للاستفادة من الغاز الذي كان يحرق ولم يكن يستفاد منه.
اليوم تعتبر ''سابك'' شركة عملاقة لها أذرع إنتاجية وتسويقية في دول مختلفة من العالم، وتمتلك مراكز أبحاث تساعدها في إكمال مسيرتها، أما الجبيل الصناعية التي تعد أكبر منطقة صناعية في موقع واحد في العالم وتتوسع وتحوي شركات محلية وعالمية، وهي التي أوجدت وما زالت توجد وظائف مباشرة وغير مباشرة تقدر بمئات الآلاف.
الدولة - حفظها الله - استثمرت في شركة سابك سبعة مليارات ريال عام 1976 واستثمرت في الجبيل الصناعية نحو 80 مليار ريال مع كل التوسعات، واليوم القيمة السوقية لحصة الدولة نحو 200 مليار ريال، أي أنه استثمار ناجح بجميع المقاييس سواء كانت المادية أو الاجتماعية أو الثقافية.. فلدينا في المملكة العزيزة مناطق كثيرة تحوي ميزا نسبية خاصة بها كمنطقة الجوف التي تشتهر بزراعة الزيتون، وجازان التي تتميز بالعديد من المزروعات كزراعة المانجو، والقطيف التي تشتهر بصيد وتسويق الأسماك، وغيرهم من الأمثلة لمدن ومحافظات في وسط المملكة أو شمالها أو جنوبها أو غربها أو شرقها ممن يتمتعون بميز كبيرة - ولله الحمد.. فلمَ لا تستغل هذه الميزة النسبية وتبني نفس الفكرة التي قامت عليها ''سابك'' وتبادر الدولة بإنشاء شركات كبرى تعتمد على الميز النسبية، وكذلك تنشئ البنية التحتية اللازمة لخلق منظومة متكاملة تهيئ الفرصة لانطلاقة تلك الشركات مستفيدة من الدروس المستقاة من تجربة الجبيل وينبع وشركة سابك، وكذلك من الدول الأخرى التي تبنت أفكار مشابهة وحققت نجاحات، سواء كانت ناجحة أو فاشلة.
ما أقصده هنا هو استغلال فوائض الميزانيات والتركيز على إيجاد كيانات أو منظمات اقتصادية أو وحدات داخل المجتمعات في المناطق المختلف للمملكة، ومن ثم استغلال الميز النسبية التي تزخر بها هذه المناطق سواء كانت سياحية أو زراعية أو صناعية أو غيرها من المجالات الاقتصادية الأخرى، وبالتالي نجد توافر فرص وظيفية لأبناء تلك المناطق أو المحافظات وتخفيف الضغط عن المدن الكبرى للمملكة، إضافة إلى المساهمة بشكل فاعل في تنويع مصادر الدخل والتخلي تدريجيا عن الاعتماد الكلي على النفط كمصدر رئيسي للدخل في المملكة، كما أن هذه الكيانات سيكون لديها القدرة على مواجهة أية تحديات أو منافسات أو أزمات مالية عالمية قد تؤثر في الاقتصاد المحلي الذي سيستفيد كثيرا من مثل هذه الكيانات التي أثبتت نجاحها في أكثر من نموذج في المملكة، فالاقتصاد الوطني يحتاج إلى كيانات اقتصادية مستقرة يكون لها دور بارز في زيادة الناتج المحلي وتوفير فرص عمل للمواطنين، كما ستعمل هذه الكيانات على تحسين أداء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تعد عصب الاقتصادات والدافع القوي والداعم للشباب السعودي الطموح الذي يبحث عن إثبات ذاته في المجال التجاري، كما أن هذه المؤسسات ستعمل على زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وتدعم التنمية المستدامة، وتزيد من الطاقة الاستيعابية للاقتصاد السعودي.. ماذا سيتحقق - بإذن الله؟ تنمية متوازنة توجِد وظائف في جميع أرجاء الوطن تنير الطريق لإنهاء قضية البطالة وتُحقِّق دخلا ذا ديمومة، وتعمل على إيجاد تنوع في الدخل القومي، وممكن إسناد هذا الدور للهيئة العامة للاستثمار وبإشراف مباشر من المجلس الاقتصادي الأعلى وبشراكة مع وزارة التخطيط وبالوزارات المعنية كل في مجاله حسب الميزة النسبية لتلك المنطقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي