الحلول الجذرية.. ولماذا «سابك» واحدة؟!
في اعتقادي أن أهم القضايا المهمة والكبيرة التي تواجه المواطن السعودي هي توفير السكن والوظيفة، وقد جرّبت الحكومة خلال السنوات الماضية الحلول الجزئية ولم تأت بنتائج.. ولذا فإن العصر بإيقاعه السريع يتطلب حلولاً جذرية وسريعة.. قد نرى بوادرها في مجال الإسكان بصدور الأوامر السامية بأن يتم منح الأرض والقرض معاً بعد توفير الخدمات فيها وبالتزامن مع القرض الحكومي وقرض مكمل من المصارف التجارية.. والمؤمل أن تكون وزارة الإسكان قد استعدت للمسؤولية الكاملة والكبيرة التي ألقيت على عاتقها، وأن تتعاون معها الجهات ذات العلاقة بتوفير الخدمات في الأراضي المعدة للمنح، حيث يسير التنفيذ وفق جدول زمني محدّد تلتزم به جميع الأجهزة الحكومية المعنية وإلا فإن الحال سيظل كما هو، ولن يتم حل مشكلة عدم توافر الأراضي بشكل جذري إلا بإدخال المساحات القريبة من المدن والمحافظات ضمن دائرة الأراضي المرشحة للتوزيع، وقد يتطلب الأمر تعويض أصحاب تلك الأراضي "بعد التأكد من صحة ملكيتها" إما نقداً أو بأراض بعيدة بمساحات أكبر لكي تنزع منهم ملكية تلك الأراضي التي ظلت خالية لسنوات طويلة واقتربت منها حركة البناء لكن أصحابها لا يريدون التصرف فيها فهي كما يقولون "لا تأكل ولا تشرب ولا تضرها الشمس".
أما توفير الوظيفة والحد من البطالة التي لم نسمع حتى الآن نسبة متفقا عليها من الجهات المختصّة لكن الباحثين والباحثات عن العمل في زيادة رغم توافر التأهيل حتى من أرقى الجامعات العالمية.. ويبدو أن مسألة الإحلال والحلول الجزئية أيضاً لم ولن تنفع .. والمطلوب مرة أخرى حلول جذرية بإيجاد فرص عمل جديدة.. سواء في القطاع الحكومي أو الخاص.. وبالطبع فإن الأعمال الإدارية في الدوائر الحكومية لا تتحمّل المزيد، بل إن هناك تضخماً ملاحظاً في بعض الأجهزة.. لكن فتح فرص عمل في القطاعات العسكرية والأمنية يمكن أن يسهم في حل المشكلة.. فلو استوعبت وزارة الدفاع والحرس الوطني ووزارة الداخلية 100 ألف شاب لكل منها من حملة الثانوية العامة وما في حكمها لشكلت هذه الخطوة نقلة نوعية لهؤلاء الشباب، حيث توفر لهم حياة تتسم بالخشونة والجدية ولتلك الجهات أيضاً بسد النقص في مختلف الأجهزة بعناصر شابة قابلة للتدريب والتطوير واستعمال التقنيات الحديثة للعمل في الوظائف العسكرية والفنية والإدارية.. أما القطاع الخاص فإن إيجاد كيانات كبرى هو الحل.. فلماذا لدينا "سابك" واحدة و"أرامكو" واحدة؟! في بلد من أهم مزاياه النسبية صناعة النفط والبتروكيماويات.. قد يقول قائل إن هناك في الجبيل وينبع مئات الشركات التي تمثل "سابك صغيرة"، وهنا يمكن القول إن تلك الشركات بحجمها الصغير نسبياً ووجودها في موقع واحد يجعلها غير جاذبة للسعوديين، ولذا فإن معظم مهندسيها وعمالتها وافدة.. ولو دمجت بعض تلك الشركات في كيانات أكبر وأسّست شركات صناعية في المناطق حسب الميزة النسبية لكل منطقة.. فالصناعات الغذائية في القصيم والتقليدية في الجنوب ومشتقات الفواكه في الشمال وهكذا في المناطق الأخرى؛ لوفرت فرص عمل أفضل لجذب المواطن السعودي وتدريبه وجعله يُقبل على العمل في مجال الصناعة التي هي بلا شك خيار المستقبل في بلادنا.