ثقافة «الحلة» العراقية فتحت عيني للإعلام

ثقافة «الحلة» العراقية فتحت عيني للإعلام
ثقافة «الحلة» العراقية فتحت عيني للإعلام

بابتسامتها المعهودة ردت قائلة ''نعم ... أنا عراقية من مدينة الحلة، هناك كانت البدايات الأولى مع عالم الإعلام ولكن بطريقة غير مباشرة '' كان هذا رد رانيا العطار مذيعة تلفزيون ''بي بي سي'' العربي، لتضيف ''الحلة مركز ثقافي عراقي، فمنها خرج العديد من كبار الشعراء والأدباء والمثقفين، والدي كان مهندسا لكنه كان مولعا بالأدب والشعر وخاصة اللغة العربية، وعندما تخرجت في جامعة بغداد قسم الأدب الإنجليزي، كان الأمر واضحا بالنسبة لي الإعلام هو مستقبلي''.

رانيا العطار تعد أحد الوجوه البارزة بين مذيعات بي بي سي، تعرف بين زملائها بهدوئها الدائم، لكن عندما يتعلق الأمر بسؤال حول تقييمها لمساهمة المذيعات العراقيات في الفضائيات العربية، فإن الغضب يبدو واضحا في نبرات صوتها ''لقد ظلمت المذيعة العراقية عربيا، فعدد المذيعات العراقيات في الفضائيات لا يتجاوز أصابع اليد، رغم تميزهن سواء من حيث ملامح الوجه أو اللغة'' وتستطرد قائلة ''المذيعات العراقيات إضافة لكل محطة فلديهن بصمة مختلفة'' وكما كان للبدايات في ''الحلة'' تأثيرها في صياغة خيارات رانيا العطار، فإن مرحلة '' التأسيس الإعلامي'' كما تسميها، لعبت الدور الرئيسي في تحديد ملامح تجربتها الإعلامية.

''البداية كانت إذاعة بي بي سي في بغداد. ربما أكون محظوظة أن أبدأ مع مدرسة إعلامية كبيرة بحجم هيئة الإذاعة البريطانية، كان هناك عدد كبير من المرشحين لنيل الوظيفة، عوامل اختياري تركزت في الأساس على جودة صوتي ولغتي العربية الرزينة، إذاعة بي بي سي هي المدرسة الحقيقية بالنسبة لي، فقد صقلتني إعلاميا'' .

#2#

ولكن هل السعي إلى الشهرة هو ما دفعك للتحول من الإذاعة إلى التلفزيون؟ تضحك رانيا قائلة ''وما الغضاضة في البحث عن الشهرة طالما كنت موهوبا ...لكن لا أخفيك القول الأمر تم صدفة'' وتوضح ''كنت في زيارة للإعلامي الشهير - رحمة الله عليه - حسن أبو العلاء، كان يؤسس لقناة عربية جديدة في العراق، كانت تربطنا به صداقة سابقة خلال سنوات عمله في بي بي سي، وعندما وصلت إلى مكتبه طلب مني القيام باختبار أمام الكاميرا.

انتابني توتر في بداية الأمر لكنني إبقيته داخلي، وبعد دقائق غاب القلق، وتعاملت مع الموضوع ببساطة، وبمجرد الانتهاء عرض علي العمل كمذيعة. لم أستمر طويلا في العراق، فكنت مرتبطة بدراستي في لندن، وأثناء تواجدي في بريطانيا اتصلت قناة الحرة بي للعمل معها كمذيعة فانتقلت لأمريكا عام 2004 ومع انطلاق تلفزيون بي بي سي العربي، التحقت به''.

لكن هل تعتقد رانيا أن ما يحكم اختيار المذيع التلفزيوني هو الثقافة فحسب؟ تجيب ''الثقافة ركن مهم، ولكنه في العمل التلفزيوني ليس الأوحد''، وتضيف ''في التلفزيون عليك أن تكون طبيعيا دون أن تكون مبتذلا، عليك أن تكون أنيقا دون أن تتحول إلى عارض أزياء، عليك أن تكون مثقفا دون أن تكون معقدا فيما تقوله أو تسأله'' وتواصل ''الإلقاء عامل مهم في التلفزيون، ربما أكون محظوظة أنني بدأت حياتي الإعلامية مع بي بي سي حيث الإلقاء عامل أساسي في تميز مذيع الإذاعة، ونقلت هذا معي إلى عالم التلفزيون، فأنا أقرأ للناس ولا أقرأ على الناس''.

ملامح الوجه العربي لرانيا تجعلها أحد أكثر مذيعات بي بي سي العربية شعبية وانتشارا، لكن هذه الملامح تمتزج بأساليب عمل إعلامي تسعى خلاله للمزج بين المدرسة التلفزيونية الغربية، واعتمادها المباشرة والصراحة في طرح الأسئلة دون مقدمات لغوية طويلة، والمدرسة العربية بما فيها من جزالة اللغة واختيار الكلمة بعناية، يساعدها في ذلك احتكاكها بالثقافتين العربية والغربية، فكما تعشق الشعر العربي القديم فإنها شغوفه أيضا بالأدب الإنجليزي.

وتعلق رانيا على ما يصفه البعض بمدرسة بي بي سي بالقول ''تجربتي الراهنة في بي بي سي محطة مهمة في حياتي، الفرصة لم تأت على طبق من ذهب.

كان علي أن أكون دائما عند مستوى التحدي، فالمنافسة في مجال العمل التلفزيوني شديدة القسوة على كل العاملين.

الـ بي بي سي نجحت في إبراز بعض جوانب شخصيتي كإنسانة وإعلامية، ولكن هناك الكثير لدي لم أقدمه بعد، فالمؤسسة من القوة والرسوخ بحيث تترك بصمات واضحة على العاملين فيها سواء على المستوى الشخصي أو الإعلامي، ويمكنني القول بثقة هناك إعلام غربي وشرقي من جهة وهناك مدرسة ''بي بي سي'' من جهة أخرى''.

الأكثر قراءة