معرض الكتاب موسم المواسم الثقافية
في مثل هذا الوقت من كل عام يطل علينا معرض الكتاب تحت إشراف وزارة الثقافة والإعلام، وما من شك أن هذا الموسم أو هذه المناسبة يتطلع إليها كثير من أبناء الوطن وغيرهم بكل شوق، لما يحمله المعرض من فرصة لاختيار ما لذ وطاب من فاكهة العلم والمعرفة في مجالاتها وأصنافها كافة. ومع أهمية المعرض في حد ذاته، إلا أن نشاطاته المصاحبة من ندوات ومحاضرات ولقاءات بين المفكرين والمثقفين، لا تقل أهمية لما لها من مردود فكري وثقافي يسهم في الحراك الذي يشهده المجتمع، ليشكل هذا الحراك في النهاية نهراً متدفقاً يسهم في ضخ الحياة في شرايين المجتمع، إضافة إلى الأدوار التي تقوم بها مؤسسات المجتمع الأخرى كالجامعات ووسائل الإعلام، إضافة إلى مناسبة الجنادرية التي أصبح لها حضورها منذ بدأت على الساحة الاجتماعية.
تأملت في هذه المناسبة فألفيت أن بالإمكان توظيفها بما يخدم الأجيال والمجتمع، وذلك من خلال ربط الأطفال والشباب بها، حيث من الممكن أن تنظم المدارس زيارات للطلاب، وهذا معمول به من قبل بعض المدارس وإن لم يكن جميعها، حيث يختار من الطلاب من يحتاجون إلى التكريم لبروزهم أو لأخلاقهم وسلوكهم أو لإنجاز حققوه إما على الصعيد المدرسة وإما خارجها، على أن تتضمن هذه الزيارة ترتيب نشاط للبارزين من خلال حضور الندوات والمحاضرات، أو إعطاء بعضهم فرصة تقديم أي إنجاز ثقافي وفكري لهم، ذلك أن المعرض كمناسبة وطنية فيه رفع لمعنويات الطلاب وفيه تعريف بهم وبإنجازهم بدلاً من نسيانهم، ومن ثم خمود جذوة الدافعية والفكر المتوقد، وحبذا لو رافق المعرض بعض العروض المسرحية للأطفال.
خروج الطلاب من المعرض وهم يحملون هداياهم من الكتب سيكون له وقع وأثر بالغ في نفوسهم يسهم في مواصلتهم مشوار التميز والعطاء الفكري والثقافي والمعرفي بشكل عام. إن التفكير في وضع جزء من المعرض يخصص لعرض مبتكرات أبناء الوطن من الطلاب وغيرهم، سيكون محفزاً لأصحابها. على أن تكون المشاركة في هذا النشاط من قبل من يرشحون من الجهات ذات الاختصاص كالجامعات ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.
المعرض يفترض أن يكون موسماً لبذر وحصاد، بذر لطاقات وكفاءات جديدة وعقول واعدة ننتظر عطاءها وإنتاجها الفكري والثقافي، وحصاد لإنجاز الماضي ليقدم للمجتمع على شكل كتب ومراجع وإنتاج فكري متميز وأدلة عمل في المجالات كافة، إضافة إلى نشر الوعي بأهمية المعرفة لحل كثير من المشكلات على الصعيدين الأسري والاجتماعي سواء كانت مشكلات اقتصادية أو تربوية أو سلوكية أو أمنية أو سياسية أو بيئية، أو أي مشكلات أخرى.
عمل الشباب السعودي في المعرض يفترض أن يكون هدفاً لعمل موسمي تعطى فيه الفرصة للشباب الراغبين لإكسابهم مهارة البيع والشراء، ولتمتين علاقاتهم بالكتاب .. فهل نتمكن من تحويل هذا العرس الوطني ليس لمائدة فكرية فقط، بل لمائدة متعددة الأصناف؟
في جولات في المعرض لم أجد من الشباب السعودي من يعمل في البيع إلا ما ندر، ولعل الوزارة مع دور النشر والمكتبات التي تشارك في المعارض القادمة، تفكر في آلية من شأنها إتاحة الفرصة للشباب للعمل في بيع الكتب، ولو بصورة جزئية، وعلى شكل مرافقين للآخرين.
أحسن القائمون على المعرض حين استخدموا جناحاً خاصاً بكتب الأطفال لما للطفولة من أهمية، حيث لا بد من غرس حب القراءة في ذواتهم حتى يشبوا على هذه المحبة للكتاب وصحبته في مشوار حياتهم.
ومما رأيت ضرورة الإشارة إليه والدعوة للتفكير في حل له هي مواقف السيارات، لذا أقترح التفكير في إيجاد مواقف متعددة الأدوار لفك الزحام وعدم مضايقة الساكنين بالقرب من المعرض، مع مراعاة كل ما له علاقة بكبار السن والمعوقين وتحديد أماكن قريبة لهم وتسهيل حركتهم من المعرض وإليه.