رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التحالف الاقتصادي للعقاريين والمقاولين لتحقيق أهداف الميزانية

[email protected]

أشرت في مقالات سابقة إلى حجم ونوع النقلة العقارية التي مازالت تتعسر ولادتها. وهذا العسر مصدره مجموعة من المعوقات التي لن تحلها ضخامة الأرقام والمشاريع التي تحملها الميزانية العامة للدولة والتي لن تتحقق دون تذليل الصعوبات التي سببتها لنا قرارات السعودة التي لم يستفد منها إلا العمالة الأجنبية التي أصبحت تحتكر السوق وتطلب رواتب مضاعفة. وبالتالي أدت إلى ضعف أو القضاء على معظم شركات المقاولات والهندسة. مما سيكون له أكبر الأثر في تأخر المشاريع التي تحملها ميزانية الخير وسيجعل تنفيذها يستغرق عدة سنوات وسنظل نحمل الوفورات من المليارات لكل سنة مقبلة. عوضاً عن ضعف البيئة القانونية التي تحفظ وتحمي المستثمرين من عدم قدرتهم على إخراج المستأجرين أو تحصيل الإيجارات. وغياب آليات الرهن والتمويل العقاري. وعدم قيام هيئة تشرف على التخطيط والتنسيق مثل إيجاد هيئة عليا للإسكان والعقار، وعقم نظام التصنيف للمقاولين ونظام المناقصات الحكومية الذي مازال يعطي المناقصة لأقل العروض وأرخصها دون مبالاة بالجودة والجدارة.
وفي ظل هذه العثرات فإن مستقبلنا العمراني والتنمية المستدامة سيحتاجان إلى نوع من إعادة الهيكلة الاقتصادية وتحسين البيئة الاستثمارية لاستقطاب الاستثمار الأجنبي ومحاولة الاستفادة من خبراته المهنية للاحتكاك بها من قبل مواردنا البشرية، وأن نستفيد من كبواتنا أثناء فترة الطفرة السابقة. التي ولت بدون أن نستفيد منها تقنياً ومعرفياً. حيث انكشف ذلك عندما حاولنا السعودة فلم نجد تلك الكفاءات. وأحد أهم تلك الآليات هو أن يكون هناك نوع من التحفيز للتحالفات والتكتلات الاقتصادية لمجموعة من تجار وشركات العقار والمقاولات والشركات المهنية العمرانية الأخرى. ولتصبح كيانا اقتصاديا كبيرا متماسكا وقويا مالياً ومهنياً على إدارة المشاريع العملاقة. وقادر على استيعاب المشاريع العملاقة التي تهدف إلى تحقيق أهداف ميزانية الدولة ومشاريعها التنموية. مما يكفل لها البقاء والاستدامة بعد انتهاء الطفرة لتكبر دولياً وتصبح شركات عالمية تنافس على اقتناص الفرص والمشاريع العالمية، وأن يكون ذلك من خلال منظومة اقتصادية مدروسة وأن يصاحب هذا التكتل نوع من التضامن أو الدخول في اتفاقيات مع شركاء أو شركات أجنبية قوية وخبراء أجانب لاستيراد الخبرة وجذبها للوطن وليستفيد منها أبناؤنا وتكون أساسا لخطة طموحة وتدريجية للسعودة. ولاستقطاب مراكز الأبحاث والتطوير بحيث نضمن أنه بعد انتهاء الطفرة أو موتها أنه سيتبقى لدينا شركات وصناعة معرفية تقف على قدميها بعد أن حصلت على الدعم اللازم. وأن يتبقى لنا تلك الخبرة لتوطينها في الوطن. ولبقاء واستمرارية واستدامة الخبرة والمعرفة المهنية التي سنحتاج إليها مستقبلاً لتنمية القوى البشرية وتدريبها ودفع عجلة التنمية المتزنة.
وظاهرة التكتلات الاقتصادية ليست جديدة على الاقتصاد بل هي تمارس منذ سنوات، وحالياً هي أحد أحدث الحلول العالمية لمواجهة المتغيرات الاقتصادية والمنافسة العالمية. وهي الموضة الحالية التي أصبحت تنتشر في الولايات المتحدة وأوروبا. حيث تتنافس شركات العقار والمقاولات جنباً إلى جنب مع بقية المهن للدخول في تحالفات سواء وطنية أو دولية متعددة الجنسيات. وهو صراع للمنافسة خاصة بعد انفتاح العالم تجارياً وضمن منافسات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وطقوس العولمة. وهذه التحالفات يجب أن تكون مبنية على تجمع كبريات الشركات سواء العقارية أو الهندسية أو شركات المقاولات القوية التي لها هيكلها التأسيسي الواضح والقوي، بحيث يتم التركيز على المميزات النسبية والقوية لكل شركة ومواضع القوى فيها للحصول على سلة متنوعة من القوى والتنوع في الميزات والتخصصات.
التكتلات العقارية ستكون مفتاحا لحل معظم مشاكلنا العمرانية مثل تنفيذ المشاريع التنموية العملاقة التي تعجز عنها شركات القطاع الخاص منفردة. فالتكتل سيساعد على مشاريع التطوير المتكامل للأحياء وتنفيذ البنية التحتية وتطوير الأحياء السكنية المتكاملة بمكوناتها السكنية والخدمية التي ستساهم في حل مشاكل الإسكان، خاصة إذا تمت دراستها بعناية ودقة لتحقيق رغبات المواطنين وتوفير السكن المناسب والميسر لهم حسب احتياجات كل شريحة ومستواها الاجتماعي والاقتصادي (الدخل)، إضافة إلى أن مثل هذا التكتل سيتمكن أيضاً من المساهمة في إعادة إحياء وتطوير البنية التحتية والعلوية للأحياء القديمة والمشوهة للمدن وإعادة تخطيطها وتصميمها عمرانياً لتتحول إلى مدن وأحياء حديثة.
إن تنفيذ المشاريع الكبرى والعملاقة يتطلب شركات لها قدرات مالية ضخمة وتسهيلات بنكية للتمويل مما يجعلها في مكانة وقدرة عالية لتوظيف رأسمالها وخبراتها في مشاريع استثمارية يستفيد منها المجتمع وتحقق التنمية المتزنة.
وتكمن أهمية التحالفات في أنها ستكون أساسا لصناعة العقار والمقاولات، حيث إنها قد تنافس على بناء مدن اقتصادية وسياحية وصناعية معرفية جديدة على غرار المدن التي أعلنت عنها الدولة في حائل والمدينة وجيزان ومركز الملك عبد الله المالي. فالفرص عديدة وكبيرة فليس هناك ما يمنع القطاع الخاص من أن يحذو حذو تلك المشاريع العملاقة. فنحن في حاجة إلى مدن جامعية، صناعية، معرفية، سياحية، تجارية، مكتبية، ولوجستية. والخيال واسع للإبداع والاستثمار شريطة ألا تكبله العقبات التنظيمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي