رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


طقوس غريبة

هناك طقوس غريبة اعتاد بعض الكتاب والشعراء أن يقوموا بها أثناء لحظات الإلهام الكتابية التي يعيشونها، بل إن البعض منهم لا يستطيع أن يكتب حرفا ما لم يقم بهذه الطقوس الغريبة، حينما سئل الكاتب الفرنسي الشهير مارسيل بروست لماذا تكتب؟ قال: لأتعذب، وقد قال الفرزدق يوما: إن خلع ضرس أهون عليّ من قول بيت من الشعر في بعض الأوقات، فهل مثل هذه الطقوس الغريبة تعد نوعا من التعذيب للكاتب وبخاصة أن بعضها ربما لا تتوافر بشكل فوري في تلك اللحظة التي تبدأ غيوم الكتابة بالتجمع في سماء الكاتب المبدع؟.. وسأورد لكم شيئا من هذه الطقوس الغريبة حقا..!
الأديب الأمريكي إرنست هيمنجواي كان يضع على أرضية الغرفة التي يكتب فيها عشرات الأقلام من الرصاص التي يستخدمها أثناء الكتابة، كما كان يقوم بصف عشرات الأحذية على الأرضية؛ لأنه اعتاد أن يلبس ويخلع هذه الأحذية (أكرمكم الله) حين يحاول أن ينشغل عن متابعة الكتابة بأي شيء.
والعقاد لا يكتب إلا إذا كان مرتديا وشاحا صوفيا حتى في فصل الصيف، ويبدأ الكتابة في الخامسة صباحا بعد أن يشرب كأسا من عصير الليمون، ويكتب بقلم أحمر على ورق أبيض غير مسطر.
الشاعر الألماني الأشهر فريدريك شيللر كان لا يستطيع النظم إلا إذا وضع قدميه الحافيتين في سطل ماء مثلج، بينما هو يستنشق تفاحة عفنة، وكان عكسه تماما الشاعر بودلير، حيث ينثر على نفسه العطور ليتمكن من الكتابة. وفولتير كان لا يبدأ بالكتابة إلا عندما يضع أمامه مجموعة من أقلام الرصاص لا يقل عددها عن 12 قلماً وبعد أن ينتهي من هذه الكتابة يكسرها، ثم يلفها بالورقة التي كتب عليها ويضعها تحت وسادته وينام.
والكاتب الروائي خيري شلبي كان لا يكتب إلا في المقابر، وسبب اختياره لهذا المكان أنه يجد فيه الهدوء والبعد عن ثرثرة الناس ومشاكلهم.
وتقول زينب ابنة الشاعر نزار قباني حينما سئلت في أحد اللقاءات الصحافية "ألم تكن لوالدك طقوس معيّنة أثناء الكتابة؟".. قالت: كان يحب دائماً أن يكتب على ورق ملّون أصفر أو زهري وكان يعيد الكتابة على الورقة الواحدة عدّة مرات، وعندما يدخل غرفة مكتبه كان ينفصل تماماً عن العالم، ومهما حدث لا يتحرك عن كرسيه حتى ينتهي من قصيدته، وقيل أن جان كوكتو كان لا يكتب إلا بعد أن يضع على منضدته كوباً مقلوباً على عقرب حي، وكان تشارلز ديكنز يزين أصابع يديه بأغلى الجواهر وأدقها صنعاً، وكذلك عُرِف عنه أنه لم يكن يستطيع الكتابة ما لم يحمل بيده سلسلة ذهبية يلوح بها على شكل دائرة، أما جيمس جويس فكان لا يكتب إلا واقفا.‏
وكان إميل زولا قد كتب أروع أعماله الأدبية وهو مغلق للنوافذ ومسدل للستائر؛ لأن وميض الشمس كان يعوقه عن الكتابة، وأحمد شوقي كان لا يكتب أشعاره إلا وسط الناس والضجيج، وغالبا ما يكتب أشعاره على ورقة ساقطة أو أي شيء يلقاه حتى ولو كان علبة كبريت.
هل حقا كانت لحظات الانهمار الأدبية لا تأتي فعلا إلا إن مارس أصحابها هذه الطقوس، أم أن للأمر علاقة بالبرمجة العقلية، والصورة الذهنية المرسومة في العقل الباطن، من يملك الجواب فليخبرنا يا سادة!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي