رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


هل تفلح أوروبا في استهداف القطاع الرئيس للنفط؟

تمثل الطاقة المتجددة حاليا نحو 4.7 في المائة من إجمالي مزيج وقود النقل في الاتحاد الأوروبي، هذه النسبة أقل من نصف الأهداف التي وضعها الاتحاد الأوروبي في عام 2009، هذه الأهداف تشمل التوصل إلى 10 في المائة كحد أدنى من حصة الطاقة المتجددة من مجمل استهلاك البنزين والديزل في مجال النقل والمواصلات في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2020. تقريبا 4.4 في المائة من هذه الطاقة المتجددة حاليا تأتي من الوقود الحيوي. البدائل المتجددة الأخرى مثل السيارات العاملة بالطاقة الكهربائية والهيدروجين، لا تكاد تمثل أي نسبة في الوقت الحاضر. في الواقع حتى وقت قريب جدا، كانت دول الاتحاد الأوروبي تخطط لتلبية 10 في المائة المستهدفة بأكملها من الوقود الحيوي، لكن الآثار التراكمية لأنشطة الوقود الحيوي من خلال التغير غير المباشر في استخدام الأراضي الزراعية قد ثبطت هذه الخطط، ذلك أن هذا التأثير يجعل من الوقود الحيوي أسوأ بالنسبة للبيئة من أنواع الوقود الأحفوري.
في تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي كشفت المفوضية الأوروبية مقترحات لمعالجة مشكلة التغير غير المباشر في استخدام الأراضي الزراعية، هذه المقترحات حددت 5 في المائة كحد أعلى للوقود الحيوي المنتج من الغلات الزراعية الغذائية، تقريبا جميع أنواع الوقود الحيوي المنتجة حاليا تعتمد على الغلات الغذائية.
قد يعتقد البعض بأن الجدل الدائر حاليا في أوروبا بخصوص الوقود الحيوي سيكون من مصلحة القطاع النفطي، لكن العكس يبدو صحيحا إلى حد ما، حيث إنه زاد من الضغوط لخفض الانبعاثات الناجمة عن النفط. حيث تشير المفوضية الأوروبية في هذا الجانب إلى أنه إذا لم يتمكن الوقود الحيوي من تلبية متطلبات خفض الانبعاثات، سيتعين على الاتحاد القيام بعمل أكثر على جانب الوقود الأحفوري. هذا قد يؤثر بشكل خاص في النفط المستخرج من الرمال النفطية القادم من كندا.
السؤال هو: كيف ستلبي دول الاتحاد الأوروبي الأهداف الموضوعة للوصول إلى 10 في المائة كحد أدنى من حصة الطاقة المتجددة في مزيج وقود النقل؟ لتحقيق هذه الأهداف وضعت المفوضية الأوروبية استراتيجية جديدة لبدائل وقود النقل والمواصلات تسمى ''حزمة الطاقة النظيفة لوقود النقل''، حيث بينت المفوضية أن دول الاتحاد تستورد نحو 84 في المائة من احتياجاتها من النفط بتكلفة بلغت مليار يورو في اليوم في عام 2011. إضافة إلى ذلك أشارت المفوضية إلى أن الاستراتيجية الجديدة ستوفر 700 ألف فرصة عمل جديدة بحلول عام 2025 من خلال إنتاج السيارات الصديقة للبيئة.
العنصر الرئيس للحزمة الجديدة هو إصدار توجيه ملزم يتضمن تكليف دول الاتحاد الـ 27 بالبدء في إنشاء بنية تحتية موحدة لشحن السيارات الكهربائية بحلول عام 2020. عدد هذه المحطات يراوح بين 150 ألف محطة في ألمانيا و1000 محطة في مالطا، هذه الأرقام احتسبت على أساس حصة كل دولة من مجموع أسطول السيارات الأوروبية، مستوى تحضر الدولة (حيث يعتقد أن معظم السيارات الكهربائية تستخدم في المدن الكبيرة)، والعدد الإجمالي المتوقع من السيارات الكهربائية في أوروبا بحلول عام 2020.
بخصوص محطات الشحن الموحدة، تقترح المفوضية الأوروبية إصدار تشريع لاستخدام نوع موحد من قابس الكهرباء في محطات الشحن المعروف ''نوع 2'' (Type 2)، وهو النوع الأكثر استخداما في أوروبا اليوم، عدا فرنسا التي تستخدم نوعا مختلفا. الاستثمارات المطلوبة لمحطات الشحن هي في حدود ثمانية مليارات دولار من مجموع عشرة مليارات دولار المتوقعة في استثمارات البنية التحتية لبدائل وقود النقل والمواصلات حتى عام 2020.
الاستراتيجية الجديدة لبدائل وقود النقل لم تهمل أنواع الوقود الأخرى، حيث تقترح المفوضية الأوروبية خطة عمل خاصة لتطوير استخدام الغاز الطبيعي المسال في مجال النقل البحري، حيث تتطلب المقترحات إنشاء محطات للتزود بالغاز الطبيعي المسال في جميع الموانئ الرئيسة الـ 139 في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2025.
إضافة إلى ذلك، تتطلب المقترحات أيضا إنشاء محطات للتزود بالغاز الطبيعي المسال على طول جميع الطرق الرئيسة في أوروبا، هذه المحطات تثبت على مسافة كل 400 كيلو متر لاستخدامها من قبل الشاحنات. بخصوص محطات الغاز الطبيعي المضغوط (CNG)، التي تلبي بالفعل حاليا نحو مليون سيارة، توصي المفوضية الأوروبية تثبيتها على مسافات لا يتجاوز أقصاها 150 كيلو مترا. أما وقود الهيدروجين، الذي لا يزال يستخدم على نطاق ضيق جدا، تقترح المفوضية الأوروبية على الدول الأعضاء الـ 14 التي لديها بالفعل حاليا محطات للتزود بوقود الهيدروجين، بناء المزيد من المحطات على مسافات لا تتجاوز 300 كيلو متر وبمواصفات موحدة.
لكن السؤال الأكبر هو: إلى أي مدى ستؤثر توصيات المفوضية الأوروبية في سلوك المستهلكين وتعيد تشكيل عادات مستخدمي السيارات؟ الاقتراحات الحالية قد تسرع من وتيرة الاستثمارات في البنية التحتية الأساسية لبدائل وقود النقل، وقد تؤدي إلى ارتفاع إنتاج السيارات الكهربائية بصورة كبيرة، لكن هل سيشتري المستهلكون هذه السيارات؟ في هذا الجانب أشار مصنع السيارات العملاق ''تويوتا''، إلى أن الشركة قد تخلت أخيرا عن خطط لإطلاق سيارات على نطاق واسع تعمل بالبطارية الكهربائية بالكامل، بدلا من ذلك فضلت الاستمرار في التركيز على السيارات الهجينة. ذلك أن السيارات الهجينة لا تتطلب من المستهلكين تغيير سلوكهم وعاداتهم، في حين أن السيارات التي تعمل بصورة كاملة بالطاقة الكهربائية تفعل ذلك. والشيء نفسه ينطبق أيضا على السيارات التي تعمل بالغاز الطبيعي ووقود الهيدروجين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي