الإنترنت يعيد رسم خريطة التسويق ويتحكم في قرارات المستهلكين بالشراء

الإنترنت يعيد رسم خريطة التسويق ويتحكم في قرارات المستهلكين بالشراء

يسارع ''أحمد'' مباشرة إلى جهازه المحمول للبحث عبر جوجل عن دواء طبي جديد سمع عنه عبر إحدى الإذاعات كي يساعده على تجاوز أوجاعه من التهاب القولون الذي يعانيه.
وكثيرون مثل ''أحمد'' لا يحبذون أن يبادروا لتجربة شيء ما جديد، خصوصا إذا كان يرتبط بالجوانب الصحية أو كان ثمنه غاليا، هو يفضل أن يقرأ تجربة شخص ما، أو أشخاص متعددين سبقوه وأدلوا بدلوهم بخصوص جودته ونجاعته.
ويقول أحمد ''أتمنى في مثل هذا الحالة أن أكون واعظا غيري بدلا من أن أصبح العبرة التي يتجنب الآخرون مصيرها''.
وبحسب دراسة نشرتها مؤسسة نيلسن للأبحاث فإن الإنترنت يلعب دوراً مهماً في اتخاذ الناس قراراتهم بشراء منتجات جديدة وخصوصاً الإلكترونيات والتطبيقات.
ورغم كون هذه الوسيلة ليست ناجحة بالكامل فآراء الناس تختلف طبقا لشخصياتهم، وتقبلهم لأي منتج متفاوت بالتأكيد، لكن الاعتماد على آراء المجربين يستند دائما للمثل الشعبي الذي يقول ''اسأل مجربا ولا تسأل طبيبا''، والاستئناس برأي أفضل دائما من الولوج لتجربة جديدة بالكلية.
وتظهر صعوبات كثيرة في البحث عن خدمات بسيطة أو منتجات ذات طابع محلي لا تحظى عادة باهتمام الكثير حيث يضطر المستهلك لاتخاذ القرار الشراء من تلقاء نفسه وفقا لقناعته الشخصية وهو أمر لم يعد منتشرا في زمن محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي التي لا توفر أي موضوع للحديث والنقاش.
وحول هذا قال ''أحمد'': لا أواجه هذه الظروف حين أرغب في شراء جهاز هاتف، فملايين الآراء منتشرة وبكل اللغات لكني أمرّ بمثل هذه الظروف حيث أرغب في الاستفسار عن خدمة معينة يقدمها محل القهوة بجانب منزلي أو مستوى الجودة في مطعم صغير، ولأني أصبحت متعودا على الاستئناس بآراء الآخرين فعادة أرتبك كثيرا قبل اتخاذا هذا القرار رغم بساطته''.
وتؤكد الدراسة أن 81 في المائة من العينة التي جرى عليها الاستطلاع حول العالم قالوا إن للإنترنت تأثيراً قوياً في قرار شرائهم منتجات إلكترونية جديدة، وتلتها التطبيقات بنسبة 77 في المائة، ثم الكتب بنسبة 70 في المائة، والموسيقى 69 في المائة؛ وامتد التأثير نفسه بنسب أقل قليلاً إلى السلع الاستهلاكية مثل الأطعمة والمشروبات، ومنتجات العناية الصحية والعناية بالشعر.
في حين احتفظت الإلكترونيات بالمرتبة الأولى في مختلف المناطق التي شملتها الدراسة بنسب راوحت بين 73 و87 في المائة باعتبارها أكثر اتصالاً بالإنترنت من غيرها. واختلف ترتيب بقية القائمة من منطقة لأخرى؛ ففي الشرق الأوسط وإفريقيا ظل للإنترنت تأثير ملموس على قرار شراء أغلب السلع كالكتب والسيارات والملابس والمنتجات الصحية بنسب راوحت حول 70 في المائة.
كما أظهرت الدراسة أهمية التواصل عبر الشبكات الاجتماعية على الرغم من كونها وسيلة للتواصل الشخصي، فثلث المُستطلعة آراؤهم يبحثون عن المنتجات خلالها، ويتكامل تأثيرها مع بقية الوسائل كالإعلانات التلفزيونية والحديث الشخصي والإنترنت والهواتف المحمولة؛ ويتركز دور وسائل التواصل الاجتماعي في بيان الفرص الجديدة للابتكار.
واعتمد الاستطلاع، الذي أجُري بين العاشر من آب (أغسطس) والسابع من أيلول (سبتمبر) 2012، على آراء 29 ألف شخص عبر الإنترنت في 58 بلداً في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا ومنطقة غرب المحيط الهادئ وأمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية، وشمل أسئلة حول تعامل الناس مع المنتجات الجديدة التي تُطرح للمرة الأولى.
وتوصلت دراسة نيلسن إلى أن نسبة 60 في المائة حول العالم ينتظرون لحين إثبات فاعلية المنتجات الجديدة قبل شرائها، وتُفضل النسبة نفسها شراء منتجات جديدة من علامات تجارية معروفة، وأقرت نسبة 45 في المائة بتأثير الظروف الاقتصادية في قرار الشراء.
وكان المشاركون من دول أمريكا اللاتينية الأكثر حماساً لشراء منتجات جديدة بنسبة 80 في المائة مقارنة بمتوسط 63 في المائة لبقية المناطق، وكانت أوروبا وأمريكا الشمالية الأكثر تحفظاً وأقل استعداداً لدفع مبالغ أكبر مقابلها، وفيما يخص الشرق الأوسط وإفريقيا فكانا الأكثر استعداداً للحديث مع غيرهما عن المنتجات الجديدة بنسبة 76 في المائة مقارنةً بنسبة 59 في المائة لبقية دول العالم.

الأكثر قراءة