رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


قطاع البلديات الأكثر احتياجا إلى التنظيم

قطاع البلديات والأمانات هو أكثر القطاعات احتياجا إلى التحسين لكونه يلتصق مباشرة بخدمة الناس في جميع شؤونهم، من الأرض والبناء والسكن والتخطيط والاستثمار، مرورا بالبيئة والغذاء والصحة العامة وغيرها.
هذه المهام المتعددة التي تقوم بها الأمانات والبلديات تجعل المواطن في حيرة من أمره، فهناك جملة منها تقدم برسوم ولا اعتراض على ذلك، لكن الاعتراض على طريقة الخدمة ونوعيتها وأسلوب التعامل والمعاناة التي يتكبدها المستفيد من الخدمة، بسبب الإجراءات الطويلة والشروط التعجيزية التي جعلت من قطاع البلديات بلا مبالغة قطاعا يرتاده الناس ويعودون منه وهم في غاية الضجر والإحباط من كثرة ما يواجهونه من تعقيدات وأنظمة قديمة جدا تجاوزها الزمن بمراحل، ولم يبادر قيادي مبدع أو فريق عمل مؤهل بتبسيطها للناس بما يكفل للجميع حقوقهم ويحفظ لهم كرامتهم.
لا يحكم البلديات في تقديم خدماتها نظام واضح، والمسألة ترجع عادة لاجتهادات الموظفين، والسائد هو رفض تقديم الخدمة لمن يطلبها دون مبررات مقنعة، ولا غرابة أن يستمر السعي للحصول على الخدمة أو الموافقة لفكرة أو مشروع معين في أفضل الأحوال أشهرا عديدة، مما جعل المحسوبيات وتشابك المصالح مبادئ سائدة وأرضا خصبا لنمو الفساد المستشري.
ولو تم التركيز على أسلوب تقديم الخدمة وتبسيط الإجراءات وربط الأداء بمؤشرات الإنجاز لكل مسؤول أو موظف، لما وصلنا إلى هذا الوضع من تعطيل مصالح المواطنين وضياع الحقوق وتفشي الأخطاء والتجاوزات.
لماذا لا يقام في كل بلدية مراكز لخدمة العملاء، يحصل المواطن من خلاله على الخدمة في بضع دقائق عبر نماذج مبسطة وباستخدام التقنية، مثلما هو موجود في معظم دول العالم؟ لو فعلنا ذلك لاستغنينا عن آلاف المعاملات المتكدسة في أدراج رؤساء الأقسام بالبلديات دون حلول؟ ولو فعلنا ذلك لما لجأ المواطنون إلى البحث عن ''الواسطات'' ودفع ''الرشا'' لموظفين عديمي الضمير، استفادوا من ''الشروط التعجيزية'' والطلبات ''البيروقراطية'' ليكونوا من خلالها جزءا من منظومة الفساد التي أعاقت التنمية وأصابت الناس بالإحباط.
أنا لا أكتب من فراغ وإنما من واقع أعرفه جيدا ويعرفه كل الناس في مختلف المناطق؛ في جدة أو القصيم أو جازان أو الطائف أو تبوك لا فرق، قطاعات مترهلة تعج بالفوضى والتسيب والمحسوبيات وضعف التأهيل الوظيفي وندرة التدريب والتطوير المستمر.
كم يستغرق الحصول على رخصة البناء؟ وكم يستغرق الحصول على ترخيص محل تجاري؟ وكم يستغرق السماح ببناء دور ثالث؟ أو هدم منزل؟ أو تسوير أرض؟ أو استخراج شهادة صحية لعامل، أو غيرها من الخدمات الطبيعية التي هي حق للمواطن وليس مكرمة يتفضل بها موظفو البلديات ويضخمون أنفسهم ومواقعهم الوظيفية من أجل مزيد من المصالح الخاصة.
لقد طورت كثير من القطاعات إجراءاتها وحسنت من أدائها واختصرت جملة من التعقيدات السائدة وسخرت التقنية للتسهيل على الناس وتسريع الإنجازات، باستثناء قطاع البلديات وهو أولى بالتطوير بحكم ارتباطه الوثيق بالناس.
أتمنى من وزارة الشؤون البلدية أن يكون التطوير الإداري وتبسيط الإجراءات لكل الخدمات على أولوياتها في هذه المرحلة، وأن تشهد القطاعات البلدية ورش عمل مكثفة في هذا الجانب، بالتعاون مع مختصي الإدارة ومستشاريها المتمرسين، يعقبها التدريب المستمر وتطوير ثقافة الموظفين وتحفيزهم لتقديم الخدمة بسهولة وسرعة، وتقييم ذلك بشكل مستمر من خلال مؤشرات الإنجاز اليومية بما يضمن التخلي عن السياسات السائدة في التعقيد والمقايضات وتعطيل مصالح الناس.
فمن حقي كمواطن أن أحصل على الخدمة دون أن أستجدي أحدا أو أقدم له خدمة مقابلة!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي