رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


عندك أنشودة ..؟

عندما كنا أطفالا صغارا كثيرا ما كنا نردد أناشيد طفولية ذات إيقاعات تتناسب مع سنواتنا، التي تضج بالمرح والبراءة والانطلاق، سواءً كانت هذه الأناشيد تلقى بالإذاعة المدرسية، أو حين نلعب بأفنية منازلنا أو حين نجتمع بصديقات الطفولة في الشارع الذي كان آمنا وقتها، وغالبا ما كانت هذه الأناشيد مصحوبة بألعاب محببة للنفس مثيرة للمرح البريء، وتصاحبها حركات طفولية تجبر العالم من حولنا أن يشاركنا روعة الانطلاق والضجيج المحبب، تذكرت ذلك حين بدأت ظاهرة الأناشيد الطفولية الحزينة في التمدد بمساحات مثيرة للقلق بحياة أطفالنا الصغار ..!
- لماذا يصر البعض على زراعة روح الانهزام والانكسار بنفوس أطفالنا من خلال أناشيد حزينة رغم أن الأحداث السوداوية التي تمر بها أمتنا ''تكفي وزيادة''!
- لماذا يتم تعليم أطفالنا كيف يتباكون ويستمطرون الدموع من خلال الأناشيد الحزينة السوداوية، سواءً كانت على مسرح مدرسي أو من خلال قنوات أطفال أو بأي مناسبة ما، هل رأيتم طفلا عربيا لا تتساقط دموعه حين ينشد عن فلسطين السليب والمسجد الأقصى، وهل رأيتم جمهورا لا يبكي وهو يستمع لهذا الطفل العربي الذي أقحمت طفولته إقحاما في دهاليز اليأس والحزن والعويل، نحن حين نسمح بنشر ثقافة الأناشيد الحزينة فإننا نساهم بغرس مفهوم الانكسار والتشاؤم والنظر بسوداوية لمستقبل الأمة الإسلامية رغم أن أبي هريرة روى عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ‏(‏لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله.‏ إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود‏)‏‏، فلماذا لا نعلمهم كيف يكونون أكثر شموخا وعزة وثقة وهم ينشدون للمسجد الأقصى وعودته الأكيدة التي بشرنا بها حبيبنا عليه السلام؟، لماذا لا نعلمهم كيف يحلمون بعودة فلسطين ونفوسهم تزهو بالأمل، وقلوبهم تتراقص بالتفاؤل واليقين، وأصواتهم تعلو بقوة وشموخ؟
إن ما يحدث أمر عجيب فحتى تلك المفاهيم التي توجب علينا أن نكون أكثر حرصا في غرسها بنفوسهم كحب الأم، وقراءة القرآن، والأخلاق الحسنة وغيرها نجد أن الأناشيد الطفولية لا تخدمها بما يتناسب مع عقلية الطفل بطريقة جذابة محببة رقيقة تجعله يتشوق إلى تطبيقها، لأن معظمها تركز فقط على جانب العقاب والنهاية السيئة والنار، دون ذكر للثواب والأجر والحسنات والجنة، في أحد الأيام جاءتني صغيرتي تطلب مني أن أراجع أنشودة ستلقيها مع زميلاتها في الحفل الختامي للأنشطة، وكان موضوعها يدور حول طفلة فقدت والدتها حين قرأت كلمات الأنشودة وطريقة اللحن أصبت بالهلع وأشفقت على الصغيرات، وتخيلت مأساة إغريقية موغلة بالدراما البكائية، خاصة إن كانت بين الصغيرات يتيمة فقدت والدتها، ما الداعي لنكء الجراح في يوم يفترض فيه أن يكون احتفاليا يزرع البهجة والتفاؤل ونشوة الإنجاز وتسلم الجوائز لمن أبدعت بالأنشطة اللامنهجية!
أحلم بذلك اليوم حين يقال لطفل صغير عندك أنشودة؟ فيتهدر صوته منشدا بشموخ وعزة وثقة، وعيناه الجميلتان تلمعان بسرور وأسارير الفرح تنطلق من قسماته البريئة فتغشانا!
أمتنا لا تحتاج لأجيال يبكون حين ينشدون، بل تحتاج لأجيال ترى مستقبل أمتها يعلو ويعلو كلما علت حناجرهم بالأناشيد الحماسية المفعمة بالأمل والشموخ والتفاؤل المتوهج!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي