ماذا عن أسعار الخضار؟
القطاع الزراعي في المملكة العربية السعودية يتألف مما يزيد على 250 ألف حيازة (مزرعة)، تختلف أحجامها وتشتمل على مزارع للإنتاج النباتي والحيواني، فمنها ما يتخذ كمصدر دخل رئيس في المناطق الريفية ويطلق عليهم صغار المزارعين، ومشاريع مختلفة الأحجام والأنشطة تدار بغرض الاستثمار والمتمثلة في المشاريع الزراعية بشقيها النباتي والحيواني والسمكي سواء للأفراد أو الشركات أو الشركات المساهمة، والمزارعون في هذه البلاد اعتمدوا منذ القدم على الزراعة في الواحات لتأمين احتياجاتهم من الغذاء والكساء، والمسكن. واستمر الأحفاد في هذا الاهتمام وكان الهدف تأمين الاحتياجات بغض النظر عن نوعية المنتج وجودته رغم تحققه لكون الأرض لم تُجهد والتركيز في العمليات الزراعية على كل ما هو عضوي. وكانت الموسمية واضحة للعيان وتكيف معها المزارع لتلبية احتياجاته الغذائية، واستخدم طرقا لحفظ منتجاته لاستخدامها في أوقات غير موسمها مثل تجفيف التمور والفواكه وبعض الخضار ومنتجات الألبان الطازجة، وهذا القطاع شأنه شأن القطاعات الإنتاجية المختلفة يخضع للمعايير الاقتصادية التي تحدد العوائد لكل وحدة منتجة، إلا أن هذا القطاع ينفرد بعددٍ من السمات للمنتجات النباتية على وجه الخصوص من أهمها الموسمية، وتعرض منتجاته للظروف الجوية غير الملائمة إلا أنه بتحفيز عملية الاستثمار في الأنشطة الزراعية المختلفة شجع ذلك القطاع الخاص على الدخول والاستثمار باستخدام التقانات الحديثة، وتنوعت معه المجالات المتعددة المتصلة بالقطاع الزراعي مثل الثروة الحيوانية والأسماك والبيوت المحمية إضافة إلى المحاصيل الحقلية مثل القمح والتمور وغيرهما. وقد تحولت المزارع في المملكة من مزارع صغيرة تقليدية إلى مزارع ومشاريع استثمارية تستخدم التقنية بأوجهها المختلفة التي أسهمت بدورها في التقليل من آثار الموسمية، وما تشهده أسواق الخضار حاليا من ارتفاع في الأسعار ـ في اعتقادي ـ مبرر ومرده إلى نقص المعروض الذي يرجع للسببين المذكورين (الموسمية، الظروف الجوية، مثل الصقيع)، وليس مرده كما يراه البعض استجابة لارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج لان المزارع لا يستطيع التحكم في أسعاره وبعض المواسم يكون لديه فائض (والصيف ليس ببعيد) مما يترتب عليه تدني أسعار الخضار سريعة التلف إلى نقطة القاع ( في حال استطاعة المزارع رفع أسعار منتجاته نتيجة لارتفاع أسعار المدخلات كيفما شاء لكان في وضع تنافسي أفضل وانسحب على منتجه منتج صناعي). والمزارع الناجح هو من لديه القدرة على تحديد توقيت الإنتاج ليتناسب مع العرض والطلب في الأسواق، وسرعة اتخاذ القرار المناسب، وتسخير استخدام التقنية التي تسهم في التغلب على الموسمية والاستفادة من موسمية ارتفاع كمية الطلب على المنتجات الزراعية والاستفادة من المواسم التي يقل فيها المعروض من تلك المنتجات وتسخير التقنية واستخدامها للإسهام في التغلب على موسمية المنتجات النباتية للتحكم في توقيت الإنتاج مثل الزراعة في البيوت المحمية لإنتاج الخضار، والتوسع في التصنيع الزراعي لاستيعاب الفائض من المنتجات الزراعية، والاسهام في تعديل أسعار المنتجات الزراعية في مواسمها المختلفة.
والله ولي التوفيق،،