رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


تعلم الأطفال الادخار المبكر يؤدي إلى وجود جيل واعٍ اقتصادياً (2)

في سياق الحديث عن الادخار المبكر وفوائده الجمة للاقتصاد والمجتمع، تحدثت في الحلقة الأولى عن الأهداف والمثل التربوية التي تساعدنا على خلق جيل من الأطفال المستقلين والأقوياء نفسياً (الاقتصادية – الأحد 3 كانون الأول (ديسمبر) 2006). ويبقى ما قيل عن هذا الموضوع محصوراً في نطاق المعادلات الحسابية التي تساعدنا على معرفة مبالغ التقاعد وذلك بمجموعة من المعطيات Variables كعدد سنوات الخدمة وأسعار الفائدة الحالية ومعدل الاقتطاع من الدخل الشهري أو السنوي. ولكن يظل الجانب السلوكي والنفسي لهذه المعادلة غائباً عن أذهاننا وتطبيقنا برغم أن الجانب السلوكي هو المحور الأساسي والمحرك الأقوى لاستمرارية الادخار والتخطيط. وحيث إنني من أكثر المنادين بمبدأ الادخار وحساب التقاعد فإنني رأيتني مقصرة في إيضاح هذا الجانب فقررت إدراج بعض الإرشادات البسيطة التي أن نتبعها كبداية. فيما يلي نقرأ الجزء الثاني من هذه الإرشادات:
1. مراجعة سلوكياتنا العملية والوظيفية. فالموظف الناجح غالباً ما يكون قد نشأ في بيئة عائلية مستقرة قضى فيها والداه حيزا طيباً من الوقت المفيد معه وقاما بتعليمه بعض الأهداف التي نعيش من أجلها. إذن فالمقصود هو قضاء وقت كاف مع أطفالنا للتحاور معهم باستمرار دون الضغط عليهم، أو "خنقهم" برقابة مبالغ فيها.

2. استثمر في التعليم مبكراً. يلاحظ أن الكثير من الأطفال لا يحصلون على تعليم جيد أو كافٍ بسبب غلاء المدارس ومتطلبات المعيشة. وهنا ينبغي ملاحظة أنه برغم ضيق اليد التي يتصف بها الكثيرون إلا أن أكثر من 50 في المائة من المشاكل المادية يمكن حله بالتنظيم والتدبير المبكر. كذلك من المهم أن يرى الطفل كيف يتعاون الوالدان ليوفرا حياة كريمة لأطفالهم فالأم تساعد الأب على التوفير والادخار ـ ربما أيضاً بجزء من راتبها إن كانت موظفة - والأب يعمل ما في وسعه جاهداً لترسيخ أسس حياتهم العائلية مادياً ومعنوياً. فإن كان التعليم عالي التكلفة فيجب على الأبوين قضاء الوقت مع أطفالهما في القراءة والمطالعة العامة لتثقيفهم وتغذية عقولهم النشطة.
3. تشجيع الأطفال على الحصول على أعلى الدرجات في الدراسة لأنه أمر يغذي روح المنافسة والإنجاز في نفوسهم. فإذا كانت لديهم صعوبات في التحصيل والاستذكار ينبغي مساعدتهم بقدر ما نستطيع بأنفسنا والتحاور مع مدرسيهم وربما بعض زملائهم لمعرفة المشاكل التي يواجهونها. يجب كذلك إفهامهم أنه ما من مشكلة إلا ولها حل وأن التحدي الحقيقي قد يكمن في بحثنا عن الحل وليس في الحل نفسه.
4. عدم التركيز على أهمية جمع المال وإنما ما يمكن إنجازه من أعمال مفيدة بالمال، فهذا الأسلوب يغرس لديهم الأهداف النبيلة بخلاف المادة والتبعية. وفي غالب الأحيان يأتي التطرق للمال عندما نرفض طلباً لشراء لعبة أو حاجة ما، وهنا يلاحظ الطفل (وإن لم يُظهر) أن المال قد يشكل مصدراً للقلق لدى والده.
5. علم أطفالك الادخار وإدارة أموالهم مبكراً، بحيث يعرف الطفل أن هناك موعداً محدداً لاستلام مصروفه ينبغي بعده "إدارة" هذا المصروف أو ادخاره بحيث لن يحصل على المزيد إذا أضاعه بالكامل وبسرعة. والفائدة هي تحميل الطفل مسؤولية تصرفاته وإدارته ما لديه (من أموال أو ألعاب أو حاجيات)، ويحبذ أن نحثهم على ادخار ولو القليل من هذا المصروف بشكل متتابع حتى يجنون ثمار هذا الادخار في نهاية الشهر (أو الأسبوع).
6. ساعد أطفالك على تحديد ما يودون عمله أو صنعه عندما يكبرون من تخصص جامعي أو حرفة مهنية أو مشروع طموح. والفائدة هي دعم طموحهم المستقبلي حيث يبدأ الطفل باكتشاف الوسائل التي توصله إلى طموحاته.
7. لا تنتقد طفلك لبراءة تفكيره أو منطقه بل شجعه بتتبع مسار تفكيره حتى يهتدي هو إلى الصواب ذاتياً وهنا يتعلم الطفل المنطق السليم بالممارسة بدلاً من التلقين.
8. قد تكون التجارة أحد طموحات طفلك وفي تلك الحال يفضل تشجيعهم على ممارستها بشكل مبسط ـ مثل بيع الحلوى أو بعض المنتجات المدرسية.
9. لا ترغم طفلك على مهنة تحبها أنت بل ينبغي إعطاؤه هذا الخيار، ولا يمنع ذلك من إرشاده وتوعيته بمتطلبات المستقبل في قطاعات مختلفة ولكن احذر أن تفرض عليه العمل في مهنة لا يرغبها.
10. أتح فرصة لتواصل أبنائك مع أشخاص معروفين وناجحين في المجال الذي يحبونه سواءً كان في الطب أو المعمار أو الإعلام، فهذا يغذي الطموح والقدوة ودافع النجاح لديهم.
11. لا تخشى أن يواجه ابنك ـ أو ابنتك - الفشل وهم تحت رعايتك، بل ادعمهم بالنصيحة وأفهمهم أن الفشل قد يصبح مفتاحاً رئيسياً للنجاح والمواصلة.

وفي النهاية ينبغي معرفة أن هذه الإرشادات تهدف في الدرجة الأولى إلى تغذية نفوس أطفالنا بالعزيمة والطموح وليس بالضرورة إلى جعلهم أثرياء، ففي النهاية "الغنى غنى النفس" وبما أننا لا نعلم الغيب ولا الرزق فإن ما يمكننا عمله هو زرع المبادئ التي تثريهم "نفسياً" بحيث يصبح لدينا جيلاً من الناجحين والناجحات الذين يمضون قدماً في مسيرة الحياة.
والله الموفق

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي