الجوازات والانطباع الأول
عادة يتكون الانطباع الأول لأي زائر لأي بلد على مستوى العالم من المنافذ الحدودية ومدى الخدمات التي تقدمها الدوائر الحكومية الموجودة في هذا البلد، وعلى رأسها الجوازات والجمارك لاحتكاك جميع الزوار القادمين في هاتين الجهتين الحكوميتين، حيث يرسم الزائر انطباعه الأول من خلال التعامل مع هاتين الجهتين ومدى التنظيم الذي تتحليان به.
أذكر في هذا الصدد قبل عدة أشهر زارنا وفد من رجال الأعمال الشباب (كلنا شباب طبعا من وجهة نظرنا) من خلال دعوة وجهتها لهذا الوفد للتعرف على وطننا الغالي، ضمن برنامج تعريفي متكامل، حيث أشادوا جميعهم - ولله الحمد - بما وصله وطننا من تقدم وتطور مستثنين من ذلك إجراءات الجوازات في القدوم والمغادرة مع الأسف.
إدارة الجوازات لدينا تطورت في كثير من إجراءاتها واستخدامها للتقنية، ولو عدنا للوراء قليلا، لوجدنا كيف كانت الصفوف الطويلة للحصول على تأشيرة الخروج والعودة، واليوم يتم عملها من المكاتب أو الإنترنت، فهناك العديد من الخدمات الإلكترونية التي تقدمها كخدمة أبشر، خدمة معلومات في الجواز، خدمة إشعار، الاستعلام عن وصول زائرين أو عمالة، خدمة مقيم، خدمة إصدار تأشيرة عبر رسائل الهاتف المتحرك، وغيرها من الخدمات المتطورة والتي تضاهي عديدا من دول العالم المتقدمة.
إنني ذكرت ذلك لأبين مدى التقدم في الإمكانات ولكن للأسف الإمكانات البشرية ما زالت دون الطموحات، فعلى سبيل المثال هناك تجهيزات هائلة على جسر الملك فهد، منها نحو 18 كبينة مجهزة لإنهاء إجراءات المسافرين في الخروج ومثلها أيضا في الدخول، أي أن المسافر من المفروض إذا وصل إلى كبينة الخروج أو الدخول لا تستغرق إجراءاته أقل من دقيقة واحدة، ولكن مع الأسف نجد أن 90 في المائة من هذه الكبائن مفتوحة ويحدث تكدس للمسافرين، والسبب أن هناك كثيرا من موظفي الجوازات يعملون على تشغيل كبينتين في آن واحد أي موظف واحد لمسارين كمثل، وبالتالي التأخير هنا لابد أن يحدث. ما وددت ذكره أن الإمكانات التقنية والآلية ليست كافية لوحدها وإنما لابد لها من يديرها الإدارة الناجحة التي تصل في نهاية المطاف إلى رضا المستفيد.
نلاحظ اليوم الكثير من دول العالم تستخدم الكثير من آليات التقنية لتسهيل الإجراءات في المطارات، وعلى سبيل المثال دولة مثل كوريا كثير من موظفي جوازاتها لا يجيدون تحدث اللغة الإنجليزية، ولكنها تستخدم التقنية بشكل مميز، فعندما تقدم جوازك لموظف الجوازات في القدوم، وبعد أن يضع الجواز في الماسح الضوئي، يتم التعرف مباشرة على لغة صاحب الجواز، ليتم من خلال الشاشة التلفزيونية التي أمام الزائر الترحيب بك بلغتك ومن ثم إرشادك بالخطوات اللاحقة، لم لا نستفيد من هذه التجارب في الدول الأخرى؟ أو الاستفادة من التجارب الكثيرة الناجحة في إدارت أخرى تتبع لوزارة الداخلية وتشهد تطورا كبيرا في تقديم الخدمات واختصار الوقت والجهد على المستفيدين.
كلنا أمل في صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية أن ينظر لهذا الجانب وتوجيه من يلزم لتطوير الجوازات السعودية وكوادرها وزيادة أعداد الموظفين من خلال برنامج متكامل لإصلاحها تبدأ بزيادة التدريب والتثقيف واستخدام آخر ما وصلت له التقنية لتسهيل تحقيق المأمول من الموظفين وكذلك زيادة أعدادهم (نسمع من كثير من موظفي الجوازات أن هناك نقص في الإعداد ونحن نشتكي من زيادة أعداد الباحثين عن الوظائف) وإقرار رواتب وبدلات مميزة تتساوى مع المطلوب منهم، إلى جانب زيادة أعداد النساء العاملات في الجوازات لخدمة مثيلاتهن مع إعطائهن الصلاحيات كاملة التي يتمتع بها الرجال كي يقمن بعملهن على أكمل وجه مع الحفاظ على خصوصية المرأة السعودية.