رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


قرار إغلاق قنوات الفتنة الفضائية

لا يهم كم من الوقت مضى قبل أن يأتي هذا القرار العظيم الجميل (إغلاق قنوات الفتنة)! ككل شيء جميل في الحياة حين يأتي ننسى كم من الوقت ذهب ونحن ننتظره، وكم من الوقت سقط ميتا قبل أن يحضره هذا الجمال، كالفجر أول أنفاسه، حين يأتي لا نتذكر كم ساعة كان الليل كله. لقد جاء القرار من وزير الإعلام الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجة - سلمه الله تعالى - فجعلنا أقرب إلى أهداف - الحوار الوطني - وأكثر توحدا مع ذاتنا في تبني مشروع ''حوار المذاهب الإسلامية'' سيجعلنا أمام العالم أكثر موضوعية وأكثر صدقا في كوننا نقول ما نفعل ونفعل ما نقول وفي كوننا كسعوديين نفعل ما نلتزم به ونتطهر من نقصنا وضعفنا وتناقضاتنا بشجاعة نبيلة.
ويتجه الفكر والوعي فينا لوحدة السلوك مع الفكرة. فلم يعد من المقبول أن يجلس في جانب أطروحة - الحوار الوطني - وحوار الأديان - وحوار المذاهب الإسلامية - وكلها تمثل روح المملكة العربية السعودية ورسالتها الإنسانية العظمى وصورتها أمام الحاضر المعاصر والتاريخ. وتمثل رؤية ملك هذه البلاد وروح الفطرة السوية وروح الإنسانية الجامعة على الحب والسلام والعدل وهي رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله تعالى - وفي الجانب الآخر.. يتكاثر الغربان بنعيق الفتنة يرقص في أفواههم لسان إبليس الرجيم في بث الفرقة وزرع الكراهية والتحريض عليها.
كل رُشد وكل عقل متبصر بقراءة الواقع والتاريخ المعاصر وتكوين الخرائط وإعادة رسمها، بات يُدرك بما لا يداخله شك أن سلامة القلوب لا تقل خطرا من سلامة العقول.. بسبب لغة التجاذب، وتكوين الكراهية من خلال طرق التعبير ومفردات الخطاب الديني والاستغراق في التعميم بالحكم.. وتثبيت قناعات مصادرة المجموع.. بسبب رأي ساقط عن القبول والاعتماد والتبني.. سواء كان سنيا هذا المجموع أما شيعيا، أو أي تصنيف آخر.. في نهاية كل تحريض يقف شيطان ناطق.. يُعلم الناس كراهية بعضهم بعضا، وبغض بعضهم بعضا وتحقير بعضهم بعضا! وعدم الثقة ببعضهم والخروج على وحدتهم الإنسانية والوطنية وثوابت الدين والعدل والمساواة. ربما لبس إبليس عباءة تلك السبل وتلك الحبال وشباكا ليست أكثر دون النفاذ لروحها ولمعانيها! وليحرف الكلم عن مواضعه وهو بصير عالم بالتحريف وبالحق الذي يجانبه ويتربص به السبيل.
بات من الملح جدا أن نتغير وأن ننمو وأن نجعل من ذاتنا الوطنية (ذاتا جامعة لنا جميعا) وتكون هذه الذات جديرة بكل الاحترام وبكل الحب وبكل المهابة.
إن قرار وزير الإعلام في مواجهة - قنوات الفتنة - خطوة ناجحة تليها خطوة ملاحقة الداعمين لقنوات الفتنة الخارجية الموجهة للداخل الوطني. ما يدوم في التأثير هو صيانة القلوب وصيانة العقول من الكراهية وأسبابها.
لقد أدركت وزارة الإعلام أن وحدتنا الوطنية لن تدوم إلا بالرهان الصادق عليها والعمل الصادق في سبيل صيانتها وقوتها وحفظها أدركت أن هذا هو الميراث الوحيد الباقي الذي يجب أن نتركه لأولادنا لجيل كامل يتعين عليه أن يأتي للحياة ليبصر آثار حكمتنا المبكرة فيها في سلامة قلبه وفي استمرار وحدته وفي صلاح مسيرة الواقع وتغييره الدائم نحو الأفضل.. هذا هو التحدي الأصعب وهو التنمية الحقة.. بناء الإنسان الذي لا يهدم بيته ولا يفجر جسده في مسالك أهله وذويه وبني رحمه.
لقد أدركت وزارة الإعلام أن قصة التاريخ لها أكثر من رواية واحدة وأن التفسير يتحرك في اتجاهات متباينة وأن التاريخ قميص عثمان يرفعه كل طالب نفع شخصي على حساب وحدة مجتمعه وحدة وطنه ووحدة أمته!
شكرا وزير الإعلام لكونك ستقي آذاننا أخيرا هابط القول وساقط المعاني وجنون التعصب لكتب العصور الماضية وعقول العصور الماضية التي طوتها قبور طوت الكثيرين بعدهم.. وهي الآن خالية! طوت الخصم والحكم الظالم والمظلوم. القاتل والمقتول.. ''تلك أمة قد خلت'' وهذه الأمة التي تباعدت ونأت ينطبق عليها: ''ما عليك من حسابهم من شيء إن حسابهم إلا على الله''. وينطبق عليها ''كل نفس تجادل عن نفسها''!
النجاح هو الذي يدوم وإغلاق القنوات المحرضة على الكراهية نجاح يجب أن يؤسس لنجاح أكبر لكوننا مسؤولين عما نعتقده ومسؤولين عما نبثه بما يمثلنا وبما يكون صورتنا كشعب وكسعوديين أمام العالم. وأن نكون أكثر حرصا فيما يمثل المملكة العربية السعودية بوصفها المملكة العربية السعودية.. التاريخ والحضارة والراية الخضراء والمسيرة المتصلة لخير أمة أخرجت للناس.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي