إعادة تأهيل «مدن الألعاب» داخل المدن
انطلاقا من تنظيم وضع السياحة في المملكة وتطويرها، خطت الهيئة العامة للسياحة والآثار خطوات كبيرة عبر 12 عاما مضت، قضتها في دراسة المناخ ومحاولة تهيئة بنًى تحتية جيدة للسياحة، وإيجاد أنظمة ولوائح تقنن تنفيذ الأنشطة كافة في كل الأحوال والظروف؛ بهدف إيجاد رافد اقتصادي تنمو فيه فرص الاستثمار والتوظيف والقيمة الاقتصادية. لا شك أن هذا التقدم الملحوظ سبقه وما زالت تصاحبه دراسات ميدانية كمية ونوعية، حللت الأرقام، وبالمقابلات استنبطت من ردود أفعال المواطنين والمقيمين ما يشفع لها أن توفر نتائج يمكن أن تدخل السرور في نفوس أبناء الوطن. وبالاستبيانات ما وفر بيانات تفسر بعض الظواهر، وتفتح آفاقا تساعد المسؤولين على اكتشاف المسار الصحيح. في الواقع؛ يلاحظ أن درجة الاهتمام ترتفع مع مرور الوقت، ولكن لا نعرف ما إذا كان هناك مؤشر يقيس ما إذا كان ذلك متوافقا مع ما تم التخطيط له أن ينجز سنويا أم لا.
لذلك؛ ومن وجهة نظر شخصية، نريد أن نعرف خطط الهيئة، وإلى أين تريد الوصول إليه؟ فما يمكن للفرد أن يراه ويقدم فيه مقترحاته حري بأن يكون ضمن دراسات أكثر عمقا، ونتائج يمكن أن تترجم على الواقع في أرض الأحلام. ولا بد أن يكون التجاوب إيجابيا؛ لأن السياحة ستصبح الرافد الأكثر أهمية اقتصاديا؛ لما تملكه المملكة العربية السعودية من مميزات في مناطقها كافة. صحيح أن الصحف المحلية والمجلات وبعض قنوات التلفزيون إضافة إلى الجلوس مع ذوي الخبرة في السفر، فتحت آفاقا جديدة في ثقافة السياحة المحلية، ولكن التحرك داخل المدينة خلال العام، ودخول بعض مدن الألعاب المنتشرة على مستوى المدينة أو حتى التي على الأطراف أصبح شأنا يحتاج إلى إعادة تقييم لتسجيل نقلة نوعية خلال هذا العام الذي بدا مزدهرا- ولله الحمد.
خلال عام 2012 تنقلت مع أفراد العائلة في مدينة الرياض، راغبا في رفع مستوى ثقافة السياحة الداخلية لدى أفراد العائلة الذين ظلوا لسنين طويلة ممتنعين عن القيام بذلك. الآن؛ أستطيع القول إني وجدت مختلف الظروف التي تجعل الزائر يتردد في تكرار التجربة لزيارة الموقع نفسه مرة أخرى. قد يجبر الفرد على إعادة الكرَّة هو أن من الأبناء والأحفاد صغار يجب أن يتمتعوا بأوقاتهم، ويشعروا بالفرح من وقت لآخر؛ لأنه من حقهم. ولكن من تجربتي الاستكشافية أردت أن يكون عدم ارتياحي هذا عاملا مهما في مشكلة بحث أو دراسة مستقبلية شاملة للحلول التطويرية التي قد يراها المسؤولون مهمة.
في البداية؛ وجدت من موقع "ماس" أن تصنيف "مدينة ألعاب" يمكن أن يطلق على أي مساحة في أي موقع وبأي تجهيزات أو إمكانات مهما كانت المميزات. ومع وجود 44 مدينة في مدينة الرياض إلا أن توزيعها كان مستغربا، حيث قد تتوافر عدة مدن للألعاب على أطراف طريق واحد مما يفقدها ميزة الجذب والتشويق، وذلك لأنها تتكرر شكلا وتركيبا ومحتوى. أما إذا كانت على الجانبين فهذا يعني أن عدم وجود جسور للمشاة يجبر المرتادين على السير فيها، والحل هو استخدام السيارة او استئجار ليموزين. بافتقار هذه "المدن" كما صنفت للوحات التعليمات والقوانين التعريفية عند المدخل، نجد أن جميع القادمين لأول مرة يضطرون إلى السؤال والتساؤل عن خصائص المدينة، وما هو متوافر بها، وما الممكن توافره وما لا يمكن.. إلخ. كما أننا ما زلنا نتحسس من مسمى "عائلة". فنحن نطلق الكلمة على العائلة الكاملة، ونطلقها أيضا على ربة المنزل وبناتها فقط. وقد يكون الأبناء ولكن على ألا يكونوا أكبر من 10 سنوات. ساعات العمل لم تكن متوافقة مع أوقات فراغ ربات البيوت، وبالتالي يؤجلن خروجهن للساعة الرابعة أو الخامسة عصرا عندما يكون موجودا في البيت الأب والأبناء الذين لا يستطيعون مرافقتهم. المعاقون كانوا خارج المعادلة في عدد من هذه المدن، فتصميم المبنى، وعدم توافر دورات مياه مخصصة أو مواقف محددة لسياراتهم قريبة من المدينة أو بداخلها أربك بعض الزائرين. المسجد لم يتوافر في مواقع عديدة، وكان الجزء المقتطع من المساحة بطريقة غير حضارية لا يليق بإقامة الصلاة فيه. في مواقع عديدة لا تتوافر فيها مقومات "مدينة ملاهٍ"، فلا تجد أكثر من مطعم واحد، والزوار يحضرون سلال الشاهي والقهوة مع التمر مفترشين الأرض لعدم وجود جلسات مخصصة لهم، فتجد الموقع أصبح مكانا للنزهة "البرية" داخل مبانٍ "أسمنتية". ولعدم وجود مواقف سيارات صممت بعد دراسة مستفيضة تجد أن البعض يرسل أهله مع السائق، أو تأتي الأم بالليموزين، أو يضطر رب العائلة إلى أن يتركهم لساعتين أو ثلاث، وفي كل الأحوال أسلوب حياتي عجيب للترفيه.
آمل أن نتخذ هذه النقاط وما لم يذكر أيضا (كنوعية الألعاب والتشغيل والتسعير والإسعافات الأولية.. إلخ) كأساس لمشكلة دراسة نستنبط من تحليل نتائجها ما يجب أن يتخذ حيال إعادة تأهيل المواقع الترفيهية أو السياحية في وطن نفتخر فيه بتسارع التنمية مقارنة بدول كثيرة في العالم ولله الحمد.