رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الموازنة العامة.. ورقابة المواطن على التنفيذ

قلت في مقال لي عن موازنة الدولة للعام الماضي: ''إن الموازنة تظل أرقاماً لا قيمة لها إذا لم تجد طريقها للتنفيذ'' واليوم وفي نفس المناسبة والتوقيت أقول: إن الموازنة لم تعد فقط تقديراً لنفقات وإيرادات فترة زمنية قادمة، وإنما إضافة إلى ذلك أصبحت طريقة لإدارة الاقتصاد الوطني وقيادته للوجهة الصحيحة، ولذا فإن إشراك المواطن في عملية مراقبة تنفيذها يحقق رغبة القيادة العليا في أن تتاح الفرصة للمواطن سواء كان عضواً في مجلس الشورى أو في مؤسسات المجتمع المدني أو حتى ممّن تؤهلهم تخصّصاتهم المختلفة للمتابعة وإبداء المشورة والرأي للجهاز الحكومي، لضمان حُسن تنفيذ الخدمات والمشاريع التي أوجدت أصلاً لخدمة هذا المواطن.. كما أن قنوات الإبلاغ عن أي تقصير أو تقاعس أو تجاوزات مفتوحة، ومن أهمها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وحماية النزاهة.. وحتى تتوازن الكفتان أدعو إلى محاسبة ومراقبة وربما الإعلان عن الجهات المقصرة في نهاية كل سنة مالية، فقد انتهى عصر الثناء على مَن يُعيد مبالغ كبيرة من اعتمادات الموازنة أو تحويل بعض بنودها إلى الرواتب والانتدابات، أو صرفها في نهاية العام كيفما اتفق.. ومقابل ذلك أيضاً أدعو إلى الإشادة بالجهات التي نفذت المشاريع والخدمات حسب مواعيدها وفق المواصفات العالية التي وُضعت لها.. وليكن ذلك الشكر في حفل سنوي يُقام تحت قبة مجلس الشورى ليشعر المسؤول أن هذا المجلس يتابع ويقدم الشكر نيابة عن المواطن لكل العاملين بجد وإخلاص.
أما مَن يقرر أن هذه الجهة تستحق الشكر وتلك تستوجب اللوم، فإن الجهات المهنية المحايدة كثيرة، ومنها كما ذكرت من قبل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ومجلس الشورى ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة والجامعات.. ولو شكل من تلك الجهات في كل عام فريق عمل مشترك يبدأ بالمتابعة والرقابة منذ بداية العام لأحدث تغييراً إيجابياً في ضمان جودة التنفيذ قبل حدوث التقصير.
ولعل الأخذ بموازنة البرامج بدلاً من (موازنة البنود) (لو تمت دراسته وإقراره) سيوفر اعتمادات إكمال المشاريع بشكل مبرمج لا يعتمد على المفاصلة والإقناع اللفظي، وإنما على الخطط الفنية الموضوعة من قِبل أصحاب الاختصاص وفي ذلك ضمانٌ لاستكمال جميع مراحل المشاريع بنفس المستوى وعدم تعثرها أو تأخرها، بحيث تعلم كل وزارة أنها ستحصل العام المقبل والذي يليه على اعتمادات تمكّنها من التعاقد على مشروعاتها لفترات أطول بدل أن تمنح الاعتمادات عاماً بعام فيكون ما حصل الآن من عدم القدرة على استقطاب المقاولين في الوقت المناسب، ما يؤدي إلى تأخير التنفيذ.
وأخيراً: إن بشائر الخير التي حملتها الموازنة الجديدة التي بلغت أرقاماً لم تبلغها من قبل قد تُوجت بتوجيه من الملك عبد الله بن عبد العزيز، للمسؤولين بالحرص على حُسن الإنجاز وعدم التقصير، وأن تنشر كل جهة مشروعاتها عبر وسائل الإعلام ليطلع عليها المواطن ويتابع تنفيذها ولا عذر بعد اليوم لأي مقصر أو متهاون.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي