متى تسهم صناعة السيارات في معالجة البطالة؟
مع خروج أول سيارة إيسوزو من مصنعها في مدينة الدمام وقيادتها من قبل وزير التجارة والصناعة، وكذلك توقيع عقد نوايا لإقامة مصنع سيارات مع شركة جاكوار لاند روفر، وجدت مع مشاعر الفرح والسرور بهذه المناسبة، أن أطرح فكرة علها تجد طريقها للتنفيذ، فنقل التقنية وتطويعها ليس من خلال إقامة المصنع، لكن فيمن يقوم على المصنع ومن يمكن أن ينقل الخبرة من الآخرين، ومن ثم ينقلها إلى الأجيال الأخرى من أبناء الوطن، كما كان يحدث في السابق حين كان التاجر والمزارع والحداد والبناء وغيرهم ينقلون خبراتهم إلى أبنائهم، الذين بدورهم يحافظون عليها ومن ثم ينقلونها إلى خلفائهم. في الثمانينيات الميلادية قرأت خبراً مفاده أن المباحث الفيدرالية في أمريكا قبضت على مجموعة من الصينيين الذين يقومون بتصوير أجزاء تقنية صغيرة خاصة في وادي السليكون في كاليفورنيا بهدف نقلها إلى الصين.
أعلم أن هناك سعوديين تدربوا في اليابان للعمل في المصنع، لكن مع التوجه لصناعة السيارات نحتاج إلى أعداد كبيرة تقوم بالأعمال الفنية وتدير المصانع المزمع إنشاؤها، وهذا يتطلب أعداداً كبيرة من الشباب السعودي الذي تتوافر لديه الرغبة والدافع والقدرة على مواصلة العمل في هذا المجال، لإيجاد جيل قادر على الإمساك بزمام الأمور في هذه الصناعة، كما فعل السعوديون حين التحقوا بـ ''أرامكو''، وعملوا في المهن كافة من إداريين وفنيين، إذ عمل بعضهم فني مكيفات، وعمل بعضهم في التمديدات البترولية، وعملوا في المطابخ، وغيرها حتى أصبحوا الآن القائمين على الشركة في الأغلبية.
مع ندرة الوظائف وسعي الشباب للبحث عن العمل، أعتقد أن وزارة العمل وصندوق الموارد البشرية وصندوق التنمية الصناعية ومؤسسة التعليم التقني والمهني وغيرها من الجهات، عليها مسؤولية التخطيط والتنفيذ لبرنامج تدريب الشباب السعودي ليتحمل مسؤولية هذه الصناعة الضخمة، التي ستدر وتوفر للوطن الكثير من الأموال، وتوطن الصناعة بدلاً من تركها للعمالة الوافدة التي تكتسب الخبرة وتأخذ المال ثم تغادر إلى أوطانها.
البرنامج يتطلب غرس الثقة لدى الفرد بأنه قادر على الانضمام إلى هذه الصناعة، كما أن البرنامج يتطلب تهيئة المجتمع لتشجيع الشباب على المبادرة بالالتحاق ببرامج التدريب. وكي ينجح البرنامج أقترح أن يقتطع أسهم من أسهم الشركات المالكة لهذه المصانع، ويتم من خلال مشاركة صندوق الموارد البشرية وصندوق التنمية الصناعية، وتخصص هذه الأسهم للعاملين في المصانع وتربط بالخدمة السنوية، حيث ينال الفرد سهماً أو مجموعة أسهم عن كل سنة خدمة في المصنع، إضافة إلى مزايا الراتب والعلاوة السنوية والتأمين الطبي له ولعائلته، إذ في هذا الإجراء شعور بالأمن الوظيفي، وهذا من أهم العوامل التي تقوي علاقة الفرد بالوظيفة أو العمل الذي ينتمي إليه.
الحوافز المادية والمعنوية مهمة وتوافرها يشجع على الالتحاق والاستمرار، إضافة إلى الإخلاص في العمل، فهو يعمل في مكان يشعر بأنه يملك جزءاً منه من خلال الأسهم التي تخصص له مقابل كل سنة عمل، بدلاً من أن يشعر اأنه ما إن تتقدم به السن أو يمرض أو يعوّق سيجد نفسه على قارعة الطريق.
إن توفير الحوافز المجزية فيه كسر للحاجز النفسي والاجتماعي، وفيه إشعار بقيمة وأهمية المجال الصناعي، إضافة إلى الشعور بالأمان الوظيفي، الذي بتوافره يكون الالتزام والإخلاص، وبعدم وجوده يكون النفور والهروب. صناعة السيارات تحتاج إلى أعداد كبيرة من العاملين، وهذه فرصة كبيرة للوطن لنتخلص من البطالة، إذ قد نوجد من خلالها فرصاً وظيفية لآلاف الباحثين عن العمل.