ارتفاع أسعار النفط يقود الدول نحو الطاقة النووية
عندما اجتمع نحو 100 من السفراء في مبنى الوكالة الدولية للطاقة النووية أخيرا للاحتفال بالعيد الخمسيني لها، اندهش المنظمون للأجندة الطموحة الموجودة لدى المندوبين، فالمزيد من الدول تريد من المنظمة دعم جهودها للحصول على القوة النووية.
وفيما يعتبر نموا في عمليات بناء المفاعلات النووية منذ عقود، فإن دولا مثل مصر، نيجيريا، وفيتنام عبّرت عن رغبات نووية في الاجتماع. ويعود السبب في ذلك إلى أسعار النفط المرتفعة، وزيادة الدلائل على تصاعد عمليات دفء المناخ والتغير في الجو. لكن يبقى الخوف مطروحا من أن تتسرب الأسرار النووية إلى الأيدي الخطأ.
وتعتبر كوريا الشمالية نموذجا على ذلك، حيث انسحبت منذ عدة سنوات من معاهدة منع الانتشار النووي المخصصة لضمان الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وأجرت تجارب نووية تحت الأرض. وكذلك إيران التي أخفت جهودها لتخصيب اليورانيوم وتقف متحدية قرارات مجلس الأمن في هذا الصدد. ومع أن إيران تقول إنها ستستخدم الوقود النووي للأغراض السلمية، إلا أن الدول الغربية تشك في ذلك وتخشى أن تكون طهران على طريق بيونج بيانج.
ويقدر محمد البرادعي، المدير العام للوكالة، أن هناك 30 دولة يمكنها وفي وقت وجيز الحصول على التقنية التي تمكنها من إنتاج أسلحة نووية، مضيفا أن البرامج المدنية التي يجري العمل فيها يمكن تحويلها إلى عسكرية عند الحاجة وفي وقت قصير. وخلال فترة 18 شهرا الماضية زار البرادعي غانا، نيجيريا، تركيا، ومصر، للتباحث وتقديم إجابات عن الأسئلة الخاصة باحتمال إقامة معامل نووية في هذه البلدان.
وفي الوقت الذي تقوم فيه إيران بتخصيب اليورانيوم الخاص بها، فإن العديد من الدول الأخرى ترى هذا الإجراء مكلفا وطريقه صعب، وهي تفضل شراء اليورانيوم المخصب جاهزا من دول مثل روسيا، فرنسا والولايات المتحدة أو التجمع الذي يضم بريطانيا، هولندا وألمانيا.
ويصف السفير البولندي لدى الوكالة الوضع أنه بمثابة بحث عن أمن الطاقة، وأن الوقود النووي يمثل مصدرا مستقلا للطاقة بديلا عن النفط والغاز المستوردين.
ويعتقد أن الاهتمام بهذا الجانب حقق نموا واضحا خلال العامين الماضيين وبحماس لم يشهده العالم منذ عقد السبعينيات، وتسجل القارة الآسيوية تقدما ملحوظا في هذا الجانب. فمن جملة 28 معملا يجري بناؤها، فإن 17 منها توجد في دول آسيوية.
ولعب الارتفاع الذي تشهده أسعار النفط وعدم توفير بدائل أخرى معقولة دورا في تغذية هذا الاتجاه، كما أن بعد العهد بحوادث المفاعلات النووية مثل ثري مايل آيلندز في السبعينيات وتشيرنوبيل في العقد التالي أدى إلى تراجع في معارضة مثل هذا النوع من النشاط.
تحسين إجراءات السلامة والضرورات الاقتصادية جعلت الخيار النووي جذابا. فمثلا مصر التي دخلت ميدان الأبحاث النووية في ستينيات القرن الماضي، علقت أنشطتها عقب حادثة تشيرنوبيل، لكن مع تصاعد أسعار النفط وزيادة استهلاك الكهرباء 7 في المائة سنويا، فإنها بدأت تعيد النظر في خياراتها تلك.