بكين تفتتح نادي كبار مستهلكي النفط بحثا عن تأمين الإمدادات

بكين تفتتح نادي كبار مستهلكي النفط بحثا عن تأمين الإمدادات

لقاء اليوم الواحد الذي استضافته العاصمة الصينية بكين في منتصف هذا الشهر لأكبر خمسة مستهلكين ومستوردين للنفط، أعطى إشارة مهمة إلى الدور المؤثر الذي ترغب الصين في لعبه على الساحة النفطية. فاللقاء هو الأول من نوعه وجمع المسؤولين الذين يشرفون على قضايا الطاقة في بلدانهم وهم: ما كاي المسؤول الصيني عن لجنة الدولة الخاصة بالتنمية والإصلاح وقضايا الطاقة تقع في دائرة صلاحياتها، مورلي ديورا وزير البترول والغاز الطبيعي الهندي، ثم أماري أكيرا وزير الاقتصاد والصناعة والتجارة الخارجية الياباني، ورصيفه الكوري شونج ساي كيونج وزير التجارة والصناعة والطاقة، وأخيرا وزير الطاقة الأمريكي صامويل بودمان.
الدول الخمس تستهلك نصف ما يطرح في الأسواق يوميا، ولهذا اكتسب الاجتماع أهمية بصفته الأول من نوعه من ناحية، ولأنه بحث في قضايا عديدة ومتشابكة مثل كيفية تحقيق أمن الطاقة.
ولخّص المضيف الصيني ما كاي أهداف المؤتمر بقوله في الجلسة الافتتاحية: "نحن نريد أن نرسل رسالة مهمة وإيجابية، أن المستهلكين الرئيسيين للطاقة يخططون لتعزيز تعاونهم المشترك والعمل على ترشيد الاستهلاك، زيادة استخدام موارد الطاقة، تطوير البدائل، وتقليل الاعتماد على النفط مصدرا للطاقة".
وشهد المؤتمر تيارات تحتية عبرت عن قلقها من الموجة الوطنية التي سجلت حضورا ملحوظا في العديد من الدول المنتجة وذات الاحتياطيات النفطية، الأمر الذي أدى إلى إثارة مخاوف أن تنتهي بوضع قيود تعوق الاستثمارات في هذا الجانب، وهو ما سيؤثر في وضع الإمدادات المستقبلية.
بودمان تناول الأمور من زاوية مختلفة وذلك بانتقاده اتجاهات دعم الأسعار والسباق على الدول ذات الموارد والاحتياطيات النفطية للحصول على مشاركات فيها، ومركزا على ضرورة الاعتماد على قوى السوق العالمية لتحديد الأسعار في ميداني العمليات الأمامية والنهائية، محليا وعالميا، مضيفا القول إنه: "في أفضل الأحوال، فإن جزءا بسيطا فقط من الاحتياجات المقدرة لكل قطر يمكن تلبيتها عبر التملك المباشر للاحتياطيات".
وبينما تركز كل من الولايات المتحدة، اليابان، وكوريا الجنوبية، على العمل في السوق الحرة على أساس أنها الأقدر على تحديد الأسعار، والأعضاء الثلاثة في الوكالة الدولية للطاقة التي تضم 26 دولة مستهلكة رئيسية في العالم، فإن الصين والهند تتبعان أسلوبا هجوميا بالعمل على السيطرة على حصص في دول منتجة للنفط وذات احتياطيات يمكن أن توفر ضمانا للإمدادات.
وناقش الوزراء الخمسة موضوع بناء إمدادات للطوارئ، توسيع العمل في مجالات الطاقة البديلة، ترشيد الاستهلاك، تحسين ظروف الاستثمار، وتوسيع التعاون. وعلى هامش المؤتمر أوضحت الصين أنها على خطى بناء احتياطيها الاستراتيجي، فقد أكملت قبل شهرين بناء مستودعات لهذا الغرض بتكلفة 470 مليون دولار، الذي يمكن أن يتم فيه تخزين 5.2 مليون طن مكعب، وهي ترغب في التعاون مع الآخرين في مجالات التقنية، الترحيل، وإدارة المخزون الاستراتيجي. وينظر مسؤولو الوكالة الدولية للطاقة في كيفية التنسيق مع الصين والهند عند حدوث انقطاع في الإمدادات.
وفيما يتعلق بالأداء العام في المجال النفطي، فإن الصين أنتجت هذا العام 3.8 مليون برميل يوميا، علما أن الاستهلاك المحلي بلغ 7.4 مليون برميل من النفط المكافئ. وهناك ثلاث شركات رئيسية تلعب الدور القيادي فيما يتعلق بالصناعة النفطية الصينية.
من جانبها، فإن الهند تمثل الدولة الآسيوية الثانية الأسرع نموا في الاستهلاك النفطي، خاصة واحتياطياتها وإنتاجها المحلي لا يواكب التصاعد في الاستهلاك. ويمثل النفط 34 في المائة من إجمالي استهلاك الطاقة، ويتركز معظم الإنتاج في المناطق المغمورة، ويبلغ في المتوسط 275 ألف برميل يوميا، في الوقت الذي يبلغ فيه الاستهلاك المحلي 2.5 مليون برميل يوميا.
أما اليابان، فإنها تكاد تعتمد بصورة شبه كاملة على الاستيراد لتغطية احتياجاتها المحلية من النفط، ولهذا فهي تعتبر ثاني مستورد للنفط بعد الولايات المتحدة من ناحية الحجم، وثالث أكبر مستهلك بعد الولايات المتحدة والصين.
وتعيش كوريا الجنوبية ظروفا مماثلة، إذ ليست لديها أي احتياطيات نفطية يمكنها اللجوء إليها، والنفط يمثل نحو 52 في المائة من إجمالي احتياطياتها في ميدان الطاقة، ولذلك تتبنى سياسة تنويع مصادر الإمدادات وبناء احتياطي استراتيجي يغطي فترة 90 يوما من الواردات الصافية.
الولايات المتحدة تعتبر أكبر مستهلك رغم أنها منتج كبير، إلا أن إنتاجها ذاك لا يغطي حتى نصف استهلاكها، الأمر الذي يضطرها إلى دخول السوق العالمية مشترية. وتتركز الاحتياطيات الأمريكية من النفط التي تبلغ 21.4 مليار برميل في ولايات: تكساس، لويزيانا، ألاسكا، وكاليفورنيا. وشهدت الاحتياطيات الأمريكية في ميدان النفط تراجعا منذ العام 1990 بلغ 17 في المائة، علما أنه توجد نحو نصف مليون بئر منتجة.

الأكثر قراءة