رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الشباب والربيع العربي

في هذه المرحلة تصل نسبة الشباب أوجها على مر تاريخ الدول العربية. ففي هذه الفترة يمر كثير من الدول العربية بما يُسمى النافذة الديموغرافية Demograhic Window. وهو تحول ديموغرافي نادر. ويُطلق على هذا التحول - كذلك - ''الفرصة الديموغرافية'' أو ''الهبة الديموغرافية''. ويُقصد بالنافذة الديموغرافية تلك الظاهرة السكانية التي تحدث عندما يتحول المجتمع من وضع ديموغرافي تكون فيه معدلات الخصوبة (الإنجاب) مرتفعة، وكذلك معدلات إعالة الأطفال، إلى مرحلة تكون فيها تلك المعدلات منخفضة، مع انخفاض تدريجي في نسبة صغار السن (أقل من 15 سنة)، ويواكب ذلك بقاء نسبة كبار السن (65 سنة فأكثر) منخفضة لفترة من الزمن، مما تنتج عنه نسبة كبيرة من السكان في سن العمل، وخاصة في مرحلة الشباب. بعبارة أخرى، النافذة الديموغرافية هي تحول من مجتمع ترتفع فيه نسبة صغار السن والمعالين إلى مجتمع تكون فيه فئة السكان في سن العمل أكبر الفئات أو المجموعات. إن هذه الظاهرة التي تمر بها بعض الدول النامية وخاصة الدول العربية - التي قد لا تتكرر - يمكن أن تؤدي إلى نمو اقتصادي مرتفع، وتحسن ملحوظ في مستوى المعيشة، وذلك نتيجة انخفاض نسب الإعالة، مما يعطي فرصة أكبر لزيادة الادخار والاستثمار لدى السكان في سن العمل الذين يمثلون نسبة كبيرة من السكان، بشرط أن يتزامن ذلك مع سياسات فاعلة تستهدف الفئات السكانية الشابة. وفي المقابل، يمكن أن تكون هذه الظاهرة نقمة إذا لم تستثمر بالشكل المناسب، نتيجة حدوث زيادة في أعداد الداخلين لسوق العمل، مما قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة، وبروز بعض المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، كالفقر والهجرة الخارجية.
نظراً لركود الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في معظم الدول العربية لعقود من الزمن دون تغييرات إيجابية أو تطورات تنموية توظف الطاقات العربية، بالإضافة إلى عدم وجود مبادرات إصلاحية حقيقية ترفع من مستوى المشاركة في صنع القرارات، لهذه الأسباب انطلقت الشرارة التي كان ينتظرها الوضع المتشبع بالإحباط والمعاناة من البطالة والفقر، خاصة مع الزيادة الكبيرة في أعداد الشباب وزيادة الانفتاح من خلال الفضائيات والشبكة العنكبوتية بمواقعها الخاصة بالتواصل الاجتماعي. فقد سجلت الدول العربية أعلى معدلات البطالة مقارنة بمعدلاتها في أي منطقة في العالم، إذ بلغت نسبة البطالة في الشرق الأوسط نحو 27 في المائة وفي شمال إفريقيا 28 في المائة، في حين لم تتجاوز 14 في أمريكا اللاتينية أو 13 في المائة على مستوى العالم في عام 2011م.
هذا الشباب العربي هو الذي يقود التغيير في جميع الدول العربية، إذ إن نظرة الشباب دون سن الثلاثين تختلف عن الجيل القديم الذي يجنح للاستقرار ويرضى باستمرار الوضع الحالي الذي تعوّد عليه وتعلّم كيفية التعايش معه.
هؤلاء الشباب لا يزالون ينتظرون فرصا وظيفية وتعليمية تحسن أوضاعهم، وأنظمة تمنحهم حقوقهم في العيش حياة كريمة. لقد حان الوقت أن يتعلم المسؤولون في كل أرجاء الوطن العربي (بما فيها دول الربيع العربي) أن وقت سلب حريات التعبير عن الرأي والتعتيم الإعلامي قد ولى، خاصة مع تطور وسائل الإعلام الاجتماعي وتذوق بعضهم طعم الحرية، ولعل أحداث مصر الأخيرة خير شاهد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي