نوعان من البنزين في السوق السعودية .. نظرة فنية وسعرية

نوعان من البنزين في السوق السعودية .. نظرة فنية وسعرية

(الحلقة الأولى)

في الأسبوع المقبل سيتم طرح نوع جديد من الجازولين إضافة للجازولين الموجود فيصبح لدينا نوعان من الجازولين نوع (أحمر) برقم أوكتان (95) ونوع جديد (أخضر) برقم أوكتان (91). وهنا يتبادر إلى الأذهان ما وراء هذا الطرح وهل هنالك انعكاسات بيئية أو اقتصادية من جراء إنتاج جازولين جديد برقم أوكتان أقل من الموجود أصلاً وهل الاختلاف بين هذين النوعين هو رقم الأوكتان فقط والسؤال الأهم هل جاء هذا الطرح متأخراً؟
أطلقت "أرامكو السعودية" مشكورة العديد من حملات التوعية والمحاضرات لتوعية المواطنين والإجابة عن استفساراتهم وتم تدشين موقع على شبكة الإنترنت أيضاً من أجل هذا الغرض وأكثر ما يشغل بال المواطن هو سعر هذا الجازولين وهل يستطيع أن يستخدمه دون إلحاق الضرر بسيارته. تم الإعلان عن الأسعار حيث إن سعر اللتر من الجازولين الأصلي سوف يرتفع إلى 75 هللة وسوف يسعر الجازولين الجديد بـ 60 هللة للتر. أما بالنسبة للسيارات فإن معظم مصنعي السيارات يحددون أقل رقم أوكتان ممكن استعماله في سياراتهم.
وواقع الحال أن طرح عدة أنواع من الجازولين هو سلوك متبع في معظم الدول المتقدمة صناعياً، ففي الولايات المتحدة ثلاثة أنواع من الجازولين (عادي وجيد وممتاز) وأسعارهم في تغير مستمر تباعاً لتغير أسعار الخام العالمية. يعرض جدول (1) مقارنة لأنواع الجازولين وأسعارهما في كل من المملكة والولايات المتحدة. يبين الجدول أن أسعار الجازولين لدينا سوف تبقى من الأرخص في العالم وأيضاً الجازولين في أسواقنا من أفضلها بالنسبة للأوكتان. والجدير بالذكر أن أسعار الجازولين في كل من دول أوروبا الغربية والاسكندنافية واليابان أعلى من أسعار الجازولين في المملكة بنحو ست مرات. والحقيقة أن من المهم أن يبقى سعر الجازولين في المملكة متقاربا مع أسعار في دول الجوار لأسباب كثيرة، منها أن الجازولين الرخيص يغري البعض بتسريبه للخارج، كما حدث للديزل حيث اكتشف أن بعض الشاحنات تهربه لبعض الدول المجاورة في خبر منشور في الصحف المحلية، وأيضاً لا بد من البدء بالتفكير الجاد باتباع سياسات تساعد على تقنين استهلاك الجازولـين.
لأسباب بيئية واقتصادية، وقبل الدخول إلى الفرق بين الجازولين الموجود والجازولين الجديد لا بد من إلقاء بعض الضوء على الجازولين نفسه.
وقود السيارات الجازولين هو عصب الحياة الحديثة والسائل الذي دخل حياتنا اليومية من أوسع أبوابها، هذا السائل خليط من الهيدوركربونات المختلفة التي تنتج من المصافي وعادة ما تراوح هذه الهيدروكربونات بين مركبات تحتوي ما بين أربع ذرات و12 ذرة كربون ويبدأ إنتاجه من أبراج التقطير الجوية، لكن المشكلة في هذا السائل المنتج من هذه الأبراج straight-run أن له رقم أوكتان بحدود 50 ـ 55، الأمر الذي لا يخوله ليكون وقودا جيدا للسيارات، إذ إن معظم السيارات يحتاج إلى جازولين برقم أوكتان قدره 87 على أقل تقدير. ومن هنا تم إنشاء وحدات في المصافي لإنتاج جازولين ذي جودة عالية مثل وحدة تهذيب النافثا حيث تكثر نسبة المواد العطرية في الجازولين المنتج من هذه الوحدة، وكذلك وحدة التكسير الحفزي تسهم في إنتاج جازولين ذي قيمة عالية حيث تكثر نسبة المواد العطرية والأولفينية أيضاً في الجازولين المنتج من هذه العملية. ويجدر بالذكر أن المواد العطرية والأولفينية تملك أرقام أوكتان عالية، كما سيأتي شرحه في مقال آخر.
إذاً باختصار يمكن تعريف رقم الأوكتان أنه مدى قابلية الجازولين لمقاومة الخلخلة أو عدم الخبط في المحرك وقدرة هذا الجازولين على القيام بتوليد الطاقة الحركية دون أن يحدث أي ضرر في المحرك، أي أن هذا الرقم يرمز لمدى سلاسة وسهولة العلاقة بين المحرك والجازولين. وكما سبق القول، إن الجازولين المنتج من أبراج التقطير لا يملك الجودة الكافية لاستعماله كوقود للسيارات وهو بحاجة لمعالجة حتى يتم رفع رقم الأوكتان لكي يصبح ملائما للاستعمال في محركات السيارات، ومن هذه المعالجات أن يتم خلطه بمواد ذات رقم أوكتان عال تسمى المواد الرافعة للأوكتان (محسنات الجازولين) ويعمل خلط هذه المواد مع الجازولين على تحسين أداء المحرك وذلك بمنع الاحتراق الذاتي أو التلقائي الذي من شأنه توليد خلخلة أو خبط في المحرك وتقليل الطاقة الناتجة عن هذا الاحتراق عكس الاحتراق الناتج عن الشرارة والذي يتم بشكل مدروس ومطلوب. وكما هو معلوم انه كلما نقص رقم الأوكتان كثر الاحتراق الذاتي الضار وأيضاً قلت جودة الجازولين، ولكن يجب أن يوضع في الحسبان أن استعمال جازولين برقم أوكتان أعلى من المطلوب لا يفيد السيارة وقد يكون إهدارا للمال دون جدوى، ومن هنا قد تتبين لنا أسباب طرح جازولين برقم أوكتان أقل من الموجود أصلاً.

الأكثر قراءة