توسع في قطاع الخدمات وتراجع في قطاع الصناعات مع هبوط الطلب العالمي
استمر نمو الأسواق الناشئة في التراجع خلال الربع الثالث من عام 2012م، حيث قوبل التوسع المستمر في نشاط قطاع الخدمات بتراجع في قطاع الصناعات مع هبوط الطلب العالمي، وفقًا لما أظهره مؤشر ساب HSBC للأسواق الناشئة . EMI
تراجع مؤشر ساب HSBC للأسواق الناشئة EMI من 53.2 نقطة في الربع الثاني إلى52.1 نقطة، مع وصول معدل النمو في الأسواق الناشئة إلى أضعف مستوياته على مدار عام وتحقيق ثاني أبطأ معدل منذ الربع الثاني من عام 2009، عندما بدأ الاقتصاد العالمي في التعافي من الأزمة المالية عام 2008. ورغم استمرار النمو، وصل قطاع الخدمات إلى أضعف مستوى له خلال عام في حين تراجع إنتاج قطاع الصناعات تراجعًا هامشيًا، بمعدل مشابه للتراجع المسجل في الربع الأخير من عام 2011.
ومن بين الأسواق الناشئة الأربع الكبرى، جاء أداء البرازيل والصين أقل من أداء الهند وروسيا خلال الربع الثالث. حيث شهدت شركات القطاع الخاص البرازيلي ركودًا واسعًا في النشاط في كل من قطاع الصناعات وقطاع الخدمات. حيث لم ينجح إنتاج قطاع الخدمات في التوسع وذلك للمرة الأولى في ثلاث سنوات في حين سجل قطاع الصناعات استقرارا على الأقل بعد تراجع متواضع خلال الربع الثاني. شهد الإنتاج في الصين زيادة هامشية فقط، وهو اتجاه ثابت منذ الربع الثاني من 2011. علاوة على ذلك، تراجع إنتاج البضائع للربع الخامس على التوالي.
شهدت معدلات النمو استقرارا عند مستويات دون المستوى في كل من الهند وروسيا، وعلى الرغم من ذلك، أظهر المصنعون في روسيا بعض المرونة، مسجلين أقوى ربع خلال ستة أرباع فيما يتعلق بنمو الإنتاج، وتفوقوا في الأداء على نظرائهم في قطاع الخدمات للمرة الأولى منذ الربع الأول في 2011. وفي المقابل، في الهند سجل قطاع الصناعات أسوأ ربع له في 2012 حتى الآن، ولكن النمو في قطاع الخدمات قد تسارع تسارعًا طفيفًا.
قال الدكتور مراد أولجين الخبير الاقتصادي ''إن الأسواق الناشئة تتأثر بالضعف الذي يشهده العالم المتقدم بالنظر لدورة التجارة العالمية المتدهورة، طلب خارجي ضعيف، طلبات تصدير جديدة متراجعة، كلها عوامل أثرت في إنتاج قطاع الصناعات وتطلعات قطاع الخدمات. وقد جاء تراجع الزخم في جانب منه من خيارات السياسة المحلية لضبط النفس بعد الانتعاشة القوية جدًا في أواخر عامي 2009 و2010. وجاءت النتيجة النهائية مخيبة للآمال، حيث إن العالم الناشئ، وخصوصًا الصين، استمر في التراجع بشكل غريب''.
على الرغم من كل ذلك، فإن فقدان الزخم في العالم الناشئ دوري وليس هيكليا. وبهذا، فإن المحفزات المالية والنقدية سيكون لها أثرها في النشاط على الرغم من أن ذلك قد يستغرق وقتًا أطول من المعتاد، حيث إن المشكلات الهيكلية في الدول المتقدمة تواصل التأثير في دورة التجارة العالمية بشكل عام، حيث تعمل على إضعاف ثقة العملاء والشركات في جميع أنحاء العالم. ونتيجة لذلك فإن استرداد التعافي المطلوب في الأسواق الناشئة قد يستغرق وقتًا أطول.
بالنظر إلى العوامل كافة، ما زالت الأسواق الناشئة تقدم فرصًا أفضل. فقد قامت البنوك المركزية الكبرى في العالم بوضع شبكة أمان تحت النظام المالي، مع توفير سيولة بشكل غير مسبوق والتوسع الهائل في ميزانياتها العامة. وقد يساعد هذا في الحيلولة دون زيادة الأمور سوءًا في الدول المتقدمة، ولكن شبكة الأمان هذه تعطي الأسواق الناشئة نقطة انطلاق جيدة. إن ذلك يفترض عدم تكرار صناع القرار أخطاء النمو المدفوع بالائتمان المفرط في الغرب، والمحافظة على نظافة موازناتهم العامة والقدرة التنافسية لاقتصادهم مع الوصول إلى استثمارات ورأسمال عالمي أرخص في المجالات المعززة للإنتاجية.
تراجعت طلبات التصدير الجديدة الواردة إلى المصنعين في الأسواق الناشئة للربع الثالث على التوالي في جميع الأسواق الناشئة، مسجلة التراجع الأقوى منذ الربع الأول 2009. ومع الزيادة الأبطأ في الأعمال الجديدة لدى قطاع الخدمات للربع الرابع، شهدت الوتيرة الإجمالية لنمو الأعمال الجديدة تراجعًا إلى أبطأ معدل لها منذ الربع الثاني من عام 2009.
وبالنسبة للتطلعات المستقبلية، فعلى الرغم من أن قطاع الصناعات كان مسؤولا بشكل رئيس عن الضعف الذي شهده الربع الثالث، فإن التوقعات المستقبلية طويلة المدى لقطاع الخدمات قد تراجعت لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ بدء الدراسة في عام 2005. حيث شهدت توقعات قطاع الخدمات اعتدالا في كل من الأسواق الناشئة الأربعة الكبرى، مع تسجيل البرازيل للتراجع الأكثر وضوحًا. كان هذا متناقضًا بشكل ملحوظ مع الربع الثاني، عندما وصل مزودو الخدمات إلى أعلى مستويات التفاؤل على مدار عامين. فقد سجل مزودو الخدمات الصينيون أدنى مستويات التوقعات الإيجابية بشكل عام في الربع الثالث، في حين كان نظراؤهم الهنود الأكثر ثقة. أظهرت بيانات مؤشر ساب HSBC للأسواق الناشئة EMI التضخم الأضعف في تكاليف مستلزمات الإنتاج على مدار أكثر من ثلاث سنوات، حيث تراجع متوسط أسعار مستلزمات الإنتاج للمرة الأولى منذ الربع الثاني من عام 2009، مدفوعًا بالصين بشكل رئيس، حيث شهدت تراجعًا للربع الرابع على التوالي في الأسعار. في قطاع الخدمات، جاء تضخم أسعار مستلزمات الإنتاج في أبطأ مستوى له في 11 ربعا، مع احتلال الصين المرتبة الأخيرة بين الأسواق الناشئة الأربع الكبرى.
مع اعتدال النمو الاقتصادي في الدول الناشئة خلال الربع الثالث، استمرت الشركات في الأسواق الناشئة على تحفظها إزاء زيادة التوظيف. حيث جاء المعدل المتوسط لنمو التوظيف في كل من القطاعين الأضعف مكررا منذ عودة القوى العاملة للزيادة في الربع الثالث من عام 2009. تركز النمو العام للقوى العاملة في قطاع الخدمات، حيث جاء معدل النمو متماشيًا مع الاتجاه المتواضع المسجل خلال الأرباع الخمسة الأخيرة. في المقابل، استمر المصنعون في التقليل من القوى العاملة لديهم، مما يشير إلى الربع الرابع على التوالي من فقد هامشي للوظائف.