(فقه الحج)

(فقه الحج)

النظر في فقه مراتب التشريع يعد من أخص مقامات العلم الذي أتى عليه الثناء في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكما حدث الرسول صلى الله عليه وسلم أن الإيمان شعب كما في حديث أبي هريرة المتفق عليه: (الإيمان بضع وسبعون شعبة)، فإن شرائع الإسلام هي مراتب في حكم الشريعة كذلك، ومن هنا جاء قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر في الصحيحين: (بني الإسلام على خمس)، وهذا كله يوجب على أهل العلم العناية بفقه مقامات العبودية في أصول الإيمان وقواعد الإسلام ومبانية، لتكون عصماً للمسلمين في دينهم؛ لأن جمع الفروع لا يستوعبها فقيه واستكمال الخير دونه أحوال النفس، ولهذا ترى صاحب الشريعة عليه الصلاة والسلام لم يزل مقيما إلى آخر حياته على تعليق مسمى الإيمان والإسلام بهذه الأصول والمباني التي يمكن اليوم –حينما يوجد فقه وإرادة صادقة عند الخاصة والعامة من المسلمين- أن تبني هذه الأصول في "العلم والعمل" جمعاً لقلوب المسلمين، وإصلاحاً لذات بينهم.
حينما نعود إلى اسم هذا المدخل "فقه الحج" فإنه يُشار به إلى قاصدي بيت الله لنسكهم أن يكونوا فقهاء في هذا المنسك، وهذا لا يختص بمعرفة "صفة الحج" فهذا مقام من الفقه ولكن أخص منه "فقه مقام العبودية لله وتوحيده" في هذا المنسك قصداً وقولاً وفعلاً، وفقه "عدل الشريعة" في الاقتصاد والاعتدال حين أداء النسك، فما شرع الله هذا المنسك ليُسقِط به نوعٌ من الناس حقوق إخوانهم، أو تُعطلَ عنده الأخلاق، وإنما يشار بهذه لأن صوراً من الجهل دخلت على كثير من المقبلين إلى هذا المنسك وهم على قلوب مؤمنة صادقة بإذن الله، لكن فاتها فقه هذا المنسك فربما كان إثم أو عدوان يتعارض مع حقيقة هذا النسك.
إن الحج مقام من الرحمة بين المسلمين، وتتشوف النفوس فيه "رحمة الله تعالى" وإنما يرحم الله من عباده الرحماء، وفي قول الله سبحانه: ?إن رحمة الله قريب من المحسنين?؛ ولهذا ترى تأكيداً على مقام الفقه والأخلاق ليكون الحج عبوديةً لله ورحمةً بين المؤمنين، قال الله جل ذكره: ?فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج?...والله الهادي.

الأكثر قراءة