رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الإعلانات الأممية ما بين المبادرة والاحتجاج

كثير من الأنظمة التي تقرها أو تصدرها الأمم المتحدة هي خلاصة جهود من أجل راحة الإنسان وحمايته من العنف والظلم والاضطهاد. ومن المتوقع ألا تتفق هذه الأنظمة بكاملها أو جميع جزئياتها مع تعاليم الأديان، خاصة مع اختلاف التفسيرات وتفاوت التأويلات. وهذا الأمر يثير الكثير وخاصة في عالمنا الإسلامي ويؤجج الخلافات والاحتجاجات عند صدور إعلانات الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية. ولو توقف الأمر على الحوار لكان جميلاً، فالحوار مطلوب والدفاع عن الدين ضروري!
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: لماذا لا تبادر الدول الإسلامية بصياغة أنظمة تضمن كرامة الإنسان (ذكراً أو أنثى) وتحميه من الظلم والتمييز والاضطهاد. لماذا نكون (نحن) دائماً في صف الدفاع؟! لماذا لا نسهم بما لدينا من قيم إسلامية نبيلة في جعل الأرض أكثر أمناً وجمالاً لسكنى بني الإنسان؟!
إن ما يضعف مواقفنا في المنظمات الدولية ويجعل أمم العالم لا تسمع احتجاجاتنا هي أن حقوق الإنسان مهدرة وحريته منتهكة في الدول الإسلامية أكثر من غيرها. لا يحتاج الأمر إلى عناء كبير لتجد الأمثلة المؤلمة والمعاناة القاسية والظلم الواضح.
تُطالعنا شاشات التلفاز كل مساء بأخبار وصور أفراد أسرة بكاملها تُقطّع رقابهم لا لجرم اقترفوه، ولكن لكونهم ينتمون لطائفة دينية معينة كما يحدث في العراق وباكستان! ولا يقتصر الأمر على ذلك بل تُسحق مدن بكاملها كما يفعل نظام الأسد بكثير من القرى والمدن السورية. ولا يقل عن ذلك جرماً التمييز في المعاملة والتوظيف والوصول للمناصب العليا!
فهل من المتوقع أن تقوم دول إسلامية تعيش في وضع إنساني مزر بطرح مبادرات أممية ترفع شأن الإنسانية وتُعلي مكانة الدين الإسلامي في نفوس غير المسلمين؟! لا أعتقد أن هناك "إعلانا" أمميا جاء بمبادرة من دول إسلامية حتى الآن، باستثناء بعض الإعلانات النادرة مثل إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام، الذي تمت إجازته من قبل مجلس وزراء خارجية منظمة مؤتمر العالم الإسلامي في 1990 ونحوه، التي دائماً تأتي متأخرة (أي كردة فعل) وتبقى حبراً على ورق!
ومما يزيد الطين بلة، أن إصلاح شأن كثير من الدول الإسلامية وإنقاذها من الكوارث البشرية أو حتى الطبيعية لا يأتي من داخل الدول الإسلامية، بل ننتظر الرحمة من الخارج.
إن نشر تعاليم الدين الحنيف لا يقتصر على الدعوة للدين وإيضاح تعاليمه فقط، وإنما ينبغي أن تنطلق من خلال الممارسات الإيجابية والمبادرات التي تحمي الأرض ومن عليها، وتعلي مكانة الإنسان وتحميه من الإيذاء والقهر والتمييز والاضطهاد. إن تفعيل القيم الإسلامية لإرساء دعائم الحكم الراشد ونشر العدل والمساواة بين بني البشر كفيل بإعلاء كلمة الحق وكسب احترام الشعوب. قال تعالى "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" (الحجرات - 13).

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي