رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مجلس الغرف وتنمية الأسواق والوظائف

أحد كبار المسؤولين في وزارة التعليم العالي قال لأحد الزملاء إن استراتيجية الوزارة في تحقيق المواءمة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل من الموارد البشرية لن تحل مشكلة البطالة في بلادنا ذلك أن المشكلة الحقيقية تتمثل في نمو معدلات توليد الوظائف الملائمة للمجتمع السعودي بما يتناسب ومعدل نمو الداخلين لسوق العمل من المواطنين سنويا، ويضيف أن هذه المشكلة تتطلب استراتيجية فاعلة لتنمية الأسواق وهو يعني تنمية القطاعات السوقية، ويؤكد هذا المسؤول أن تنمية الأسواق ليست من مسؤوليات وزارة التعليم العالي.
وأقول بكل تأكيد مسؤولية تنمية الأسواق من مسؤوليات وزارة التجارة كجهة حكومية ومسؤوليات مجلس الغرف التجارية والصناعية كجهة أهلية أو مؤسسة مجتمع مدني إذا جاز التعبير، وبكل تأكيد وزارة العمل يعنيها تنمية الأسواق لكونها الجهة المسؤولة بشكل مباشر عن معالجة مشكلة البطالة بين المواطنين ودون شك تسعى إلى معالجة تلك المشكلة من خلال عدة مسارات استراتيجية أحدها تنمية الوظائف التي تتوافق ومتطلبات المواطن السعودي الاجتماعية والاقتصادية.
الأسئلة التي قد تنطلق في رأس كل مواطن مهتم هي: من يقود مسار تنمية الأسواق وبالتالي تنمية الفرص الوظيفية؟ بمعنى آخر من يضع الاستراتيجية ويحرك عناصر كل سوق (قطاع سوقي) من جهات منظمة ومحفزة وداعمة ومعنية ومستثمرين ووسطاء ومستفيدين... إلخ باتجاه تنمية الوظائف بمعدلات تتوافق ومعدلات نمو الطلب على الوظائف؟ وهل يجب على الحكومة ممثلة في مجلس الوزراء أن تهيكل حراك تنمية الأسواق وترعاه وتحفزه وتدعمه لتنطلق عجلته بشكل مستدام أم أنها تترك عناصره يتحركون بفعل الحاجة والمعطيات والظروف؟
دون أدنى شك يعتبر مؤشر البطالة من المؤشرات الاقتصادية المهمة التي تتابعها الحكومة بدقة واستمرار وبحرص شديد لما للتوظيف المثالي للإمكانيات البشرية من أثر فعال في النمو الاقتصادي والاجتماعي والاستقرار السياسي من جهة ولما للبطالة من آثار اقتصادية واجتماعية وأمنية سلبية بل قد يكون لها آثار سياسية سلبية أيضا، ولذلك كلنا نلحظ حرص الحكومة ممثلة بالقيادة ومجلس الوزراء على التوظيف الأمثل والحد من البطالة وآثارها ومن نتائج هذا الحرص الإنفاق الحكومي الهائل على التعليم بشقيه العام والعالي لتأهيل الموارد البشرية الوطنية بما يمكنها من اغتنام الفرص الوظيفية المتولدة في القطاعين الحكومي والخاص والذي بات الموظف الأكبر لكونها الأكثر قدرة على المنافسة على تلك الوظائف لا لكونها موارد سعودية فقط.
وأجزم أن الحكومة التي تنفق مئات المليارات من الريالات على التعليم سنويا لإنتاج موارد وطنية مؤهلة وكفوءة ومنافسة لن تتوانى عن صرف بضعة مليارات أخرى لتحفيز عملية تنمية الأسواق بهدف تنمية معدلات توليد الفرص الوظيفية بما يتواءم مع معدلات نمو الداخلين لسوق العمل سنويا إلا أنها بكل تأكيد لن تقوم بدور قيادة تنمية الأسواق، ولذلك فهي تعول بشكل كبير على رجال الأعمال الذين تنتظم أفكارهم وجهودهم في الغرف التجارية والصناعية في مناطقهم والتي تنتظم هذه بدورها في مجلس الغرف التجارية والصناعية الذي يقع مقره في مدينة الرياض العاصمة ويتناوب رئاسته الغرف التجارية بشكل دوري.
من يطلع على أغراض ورؤية ورسالة وأهداف مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية يتضح له أن المهمة الرئيسة هي تنمية الأسواق المحلية لكونه يعمل على تنمية دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني خصوصا على الصعيد الداخلي، وذلك من خلال نقل هموم القطاع الخاص على مستوى الوطن إلى الأجهزة الحكومية عبر أكثر من 32 لجنة وطنية قطاعية تضطلع بمسؤوليات القطاعات المختلفة ومناقشة قضاياها وهمومها وأنظمتها مع الأجهزة المختصة، أما على الصعيد الدولي فهو يحمل هموم تعزيز علاقات المملكة التجارية مع العالم، وفي مقدمتها تعزيز أوضاع الصادرات السعودية، حيث يوجد بالمجلس 31 مجلس أعمال سعودي أجنبي مشترك.
ولو سألني أياً كان هل نجح المجلس في تنمية دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني من خلال مؤشرات تثبت تنمية القطاعات الاقتصادية كماً ونوعاً في بلادنا بما يتناسب وإمكاناتها وقدراتها وحجم الاقتصاد؟ وهل لعب المجلس دوره المنتظر في تنمية الفرص الوظيفية في بلادنا بما يتناسب ونمو الداخلين لسوق العمل من المواطنين؟ أقول سألني أحد عن ذلك لكانت إجابتي بالنفي وفي أحسن الأحوال لا أعلم ولا أشعر بذلك بتاتاً، بل على العكس من ذلك أشعر أن الحكومة تحفز القطاعات الاقتصادية أفضل من المجلس بكثير بروح المبادرة لا الاستجابة لمقترحات رجال الأعمال وأبرز مثال على ذلك تنمية سوق قطاع البتروكيماويات والمعادن والسوق المالية وغيرها.
نعم من ناحيتي لم أر أي برامج ومشاريع وآليات استراتيجية تتمحور حول رؤية المجلس التي تقول ''المساهمة في تطوير وتنمية الاقتصاد الوطني'' ورسالته التي تقول بـ ''تطوير قطاع الأعمال في المملكة بروح المبادرة'' وأهدافه العامة التي توحي صياغتها بالخلط بين الأهداف العامة والوسائل والمهام، وبالتالي فمجلس الغرف التجارية يفتقر لبرامج استراتيجية واضحة ومعرفة محددة ومعلنة تتمحور حول مهمته الرئيسة ورؤيته ورسالته والتي تتمثل بصورة أو بأخرى بتنمية الأسواق أو تنمية القطاعات السوقية كما ونوعا، وبالتالي تنمية معدلات توليد الفرص الوظيفية كما ونوعا أيضا، كما أنه يفتقر أيضا لمرجعيات تقييم وتقويم الأداء ومدى التقدم في الإنجاز، حيث غياب مؤشرات الأداء المعلنة التي تبين مدى التقدم في تنمية كل قطاع ومدى جودة هذا التقدم وفق المعايير المرجعية الدولية، وبكل الإعلان عن المنجزات في إطار المدخلات لا يعنينا من قريب ولا من بعيد بقدر ما يعني بالنسبة لنا تلميعا إعلاميا ليس إلا.
أتطلع إلى أن ينقلنا مجلس الغرف التجارية والصناعية نقلة نوعية من جهة التخطيط والبرامج الاستراتيجية التنفيذية المعلنة التي تتمحور حول تنمية الأسواق والفرص الوظيفية وأن يضع مؤشرات الأداء والتقييم والتقويم المعلنة أيضا ويضع المعايير المرجعية لتحديد مدى التقدم في الإنجاز من جهة المخرجات وأن يكون عند حسن ظن حكومتنا الرشيدة التي تنفق المليارات لدعم القطاع الخاص للنهوض بمسؤولياته، وعند حسن ظن المجتمع الذي يتأمل من رجال الأعمال الكثير الكثير بما يتجاوز تضخم حساباتهم في البنوك المحلية والدولية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي