فيرجسون المربي الرحيم
تناقلت وسائل الإعلام ما قام به ''السير أليكس فيرجسون'' مدرب مانشستر يونايتد من حزم وشدة في تربية ''أبنائه'' اللاعبين ممن تقل أعمارهم عن ''23 عاما'' بتوجيهه إدارة النادي بمنعهم من تسلم الهدايا التي قدمتها ''وكالة شيفرولية للسيارات'' التي أعلنت عنها بعدما وقّعت عقد الرعاية مع الفريق، وعلل المدرب المربي تصرفه بأنه خوف على اللاعبين من الشعور ''بالنجومية المفرطة'' الذي قد يؤثر بالسلب في ''شعورهم بالذات'' ولا سيما في ''سنواتهم الأولى'' مع مانشستر يونايتد وقبل أن ''يكتسبوا شخصية النادي''، هذا الإجراء التربوي التثقيفي حرم أربعة من النجوم الشباب في الفريق وهم: داني ويلباك البالغ من العمر (21 عاما)، وكريس سمولينج (22 عاما)، ورفائيل دا سيلفا (22 عاما)، وفيل جونز (20 عاما) من نيل السيارات الفاخرة التي قدمها الشريك الجديد في وقت تسابق فيه اللاعبون الكبار لنيلها بعد أن كتبت أسماؤهم عليها، وبتتبع سيرة الداهية الأسكتلندي نجد أنه التزم بهذا النهج والحرص على ''الانضباط ''و''الشدة'' و''الصرامة'' في احترام السلوك المهذب وفرضه على الجميع، ومن ذلك منعه لاعبي فريق الشباب من ''ارتداء أحذية بألوان مختلفة'' موحدا لون الحذاء على الجميع، من أجل المزيد من ''الترابط وإعلاء قيمة العمل الجماعي'' فالاحتراف ''منظومة متكاملة'' تبدأ من أكبر مسؤول بالنادي وانتهاء بأصغر فرد، وهو ''منهج وأسلوب حياة'' داخل الملعب و''خارجه'' يحرصون على تنفيذ متطلباته بدقة، وكما يطلب منهم حتى تتحقق الغاية وهي الوصول للنجاح والشهرة ومن ثم الثراء المادي.
حين قرأت الخبر أدركت أن الداهية البلجيكي يجنح ''للتربية '' قبل التدريب، ويتعامل بالحزم والشدة لفرض قوانين النادي وأنظمته، كي يجعل الجميع يذوب في ''شخصية الكيان ومحبته''، ولأن اختلاف الثقافات لم يقف حائلا دون اتفاقها على وجوب الحزم والشدة فإن ما يطبقه فيرجسون ''تناسيناه وغفلنا عنه ''فنشأ لدينا جيل لا يكاد يميز بين ''الحرية والانفلات'' ولا يفرق بين ''حدود حريته وبداية حقوق الآخرين'' فأصبحوا كالفراشات يحرقها ''وهج الضوء'' وتموت بعد أن ترمي بنفسها على ''شعلة النار'' فأسلوب السيد فيرجسون مع أبنائه اللاعبين ينسجم مع ما نجده في توجيهات من سبقونا في التربية والتعليم ''فصناعة الرجال'' لها أسس وقوانين ولها أسباب ووسائل يأتي ''الحزم على رأسها''، حيث إن الخطأ له اسم واحد هو ''الخطأ لا غير'' وقيل: إن المربي الحازم ''يغار'' على من يُعلم أن يراه في موطن ''الخطأ والزلل والغفلة'' ويجب أن يكون التأديب رحمة، والتوجيه حكمة.
ـ ولأن الحكمة ضالة المؤمن يأخذها أينما وجدها، فيا ترى من يستطيع من أنديتنا فرض النظام الاحترافي بمثل ما قام به فيرجسون، ويحاسب اللاعب على تصرفاته ''داخل وخارج الملعب'' و''يبني حوله سياجا'' يحول دون ضياعه قبل أن يشتد عوده وتكتمل تجربته، ومتى حدث هذا هل سيسلم النادي ومسيروه من ''إعلام النجوم'' و''صفحاتهم''، أم ستسن الأقلام ''تنعى الحرية'' وتبكي على أطلالها دون تقدير ''للمعاني السامية'' من المنع والعقوبة وهدفها ''التربوي التقويمي''.
ـ كم من نجم ''ماتت نجوميته'' حال ولادتها وكم من موهبة ''اختفى بريقها'' نتيجة غياب ''الموجه الحازم الرحيم'' كون العاطفة تسيرنا وتسير بخطانا حيث يريد الهوى وتتناسى العقل وتوجيهاته.