خبراء الطاقة ينعون عصر الغاز الرخيص

خبراء الطاقة ينعون عصر الغاز الرخيص

عبّر خبراء في الطاقة وصناعة الغاز في العالم عن اعتقادهم بانتهاء مفهوم الغاز الرخيص، فكثير من مشاريع الغاز الجديدة يتم تطويرها في أماكن بعيدة عن السوق وتحتوي على نسبة كبيرة من المواد غير الهيدروكربونية مثل ثاني أكسيد الكربون، ما يتطلب إنفاق مبالغ كبيرة لتنقيته، وبالتالي ارتفاع تكلفة الإنتاج برمتها.
وأوضح ريتشارد فيرباكين نائب رئيس شركة إكسون موبيل لمنطقة الشرق الأوسط وبحر قزوين، خلال مشاركته في مؤتمر "غازتيك 2006" الذي اختتمت أعماله الأسبوع الماضي في أبو ظبي بحضور 1500 خبير في صناعة الغاز، أن التحدي الأول لصناعة الغاز هو جعل العرض مجديا اقتصاديا لتلبية الطلب، مؤكدا أن هذا يتطلب تطوير التقنيات. أما التحدي الثاني فيمثله الفحم الذي تتزايد وتيرة استخدامه بشكل مستمر، لكنه لن يقضي على الغاز الذي يوصف بأنه أكبر صديق للبيئة، مشددا على بذل قصارى الجهود "لكيلا نصل إلى النقطة التي يتخلى فيها المستهلكون عن الرغبة في شراء الغاز لصالح مصادر أخرى ربما تكون أكثر تلويثا للبيئة".
وذكر فيرباكين أن أسواق الغاز الطبيعي المسال تشهد حاليا مرحلة انتقالية، فالطلب يلتهم الإمداد كله تقريبا والأسعار متقلبة وأسعار الغاز في السوق الفورية مرتفعة. ورغم أنه من المتوقع أن تقدم قطر شحنات جديدة إلى السوق، فإن هناك توترات بين المنتجين والمستهلكين حول تسعير شحنات الغاز وبنود العقد. كما ثارت مشكلات تتعلق بالنواحي القانونية، وهناك تحد يتعلق بتقلص وفرة المعروض فكل الكميات تم التعاقد عليها وكل دولة تتطلع إلى غاز وفحم رخيص لكنه ليس نظيفا.
وأوضح فيرباكين أن الغاز الطبيعي الآن هو خيار تجاري للاستفادة من الغاز، ومنشآت الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال تعتبر الآن نموذجا لصناعة متكاملة القيمة تبدأ من الوصول إلى المكامن وصولا إلى بيوت المستهلكين، مشيرا إلى أن الإحصائيات تظهر أن الطلب العالمي على الغاز سيتضاعف خلال ربع القرن المقبل، وهو ما يتطلب ضخ استثمارات كبيرة لدعم المطلوب من منشآت الإنتاج الحالية والمستقبلية. والطلب العالمي على الغاز يحفز للقيام بالخطوة الكبيرة الثانية لتطوير تقنيات الإنتاج والنقل بما يسمح بتجارة للغاز مجدية اقتصاديا بعد خصم نفقات النقل والتسييل وإعادة التحويل إلى الحالة الغازية.
وناقش المؤتمر ورقة عمل حول عولمة الغاز والفرص والتحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، ألقاها تشارلز واتسون نائب الرئيس التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا وشمال إفريقيا في شركة شل إنترناشونال للغاز والطاقة. وأشار واتسون إلى أن استقرار مستويات الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض هو من أكبر التحديات التي تواجه صناعة الغاز في القرن الحالي، وبحلول عام 2050 سيحتاج العالم إلى أكثر من ضعفي استهلاكه حاليا من الطاقة حتى يستطيع الحفاظ على مسيرة نموه الاقتصادي، وهو ما يفرض ضرورة البدء في جهود لتقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وأكد أن الغاز الطبيعي بنظافته الاقتصادية وكفاءته سيلعب دورا حاسما في تلبية المتطلبات المتزايدة من العالم على الطاقة.
وأشار واتسون إلى أنه نظرا إلى أن منطقة الشرق الأوسط تسيطر على 40 في المائة من احتياطيات العالم من الغاز، فإن المنطقة تواجه تحديا معقدا بشأن إمداد العالم بالطاقة، والنجاح سيعتمد على قدرة المنطقة على الاستفادة من قدراتها وإقامة تحالفات قوية لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والفنية التي تنتظرها مستقبلا.
وعبر المشاركون في جلسة نقاش بعنوان "نماذج تجارة بديلة في أنشطة الغاز" عن رؤاهم بشأن البيئة الديناميكية التي تسود أسواق الغاز العالمية اليوم وتلك المتوقعة مستقبلا، إضافة إلى أحدث التطورات في توازن الطلب والعرض في السوق الأوروبي والدور الذي تلعبه سوق أمريكا الشمالية وأحدث التطورات التي تشهدها عقود الغاز الطبيعي المسال وآليات التسعير.
أما فيليب لوتارد نائب المدير العام لتجارة الكهرباء والغاز في شركة توتال للغاز والكهرباء، فقد تحدث عن التطورات التي شهدتها أسواق الغاز خلال الأعوام القليلة الماضية بسبب العولمة وتخفيف القيود المنظمة للسوق. كما قدم تصوراته للطريقة التي ينظر بها اللاعبون الرئيسيون في هذه الصناعة إلى السوق وكيف يحددون استراتيجياتهم التجارية.
وتحدث جان بيير كيف المدير العام التجاري في شركة نيجيريا للغاز الطبيعي المسال عن أوضاع الطلب والعرض على شحنات السوق الفورية مع التركيز على التيارات المتوقعة الجديدة فيما يتعلق بالأنشطة والنواحي الخاصة بالإمداد والتموين.
وأشار روب ديكيرز مدير المقاييس في شركة SGS لخدمات النفط والغاز والكيماويات، إلى أن الصيانة الوقائية باتت أمرا حاسما لصناعة الغاز وتجارته، وذلك لأنها ترتبط بالنفقات وأمن التشغيل، معتبرا أن تطور التقنيات المتعلقة بنقل الغاز الطبيعي ورصد أية تسربات في أنابيب الغاز وهو ما يساعد على تقليص النفقات وخفض المخاطر.
وأوضح ديكيرز أن الغاز الطبيعي المسال من أنظف مصادر الطاقة وأكثرها أمنا ويستخدم في تطبيقات لا حصر لها في الأسواق المحلية والدولية، ويتيح التقدم المستمر في تقنيات تسييل ونقل الغاز الطبيعي للمنتجين تصنيعه وتخزينه ونقله إلى الأسواق العالمية بتكلفة تنافسية وبطريقة آمنة، لافتا النظر إلى أن صناعة شحن الغاز الطبيعي المسال تشهد حاليا فترة نمو لم يسبق لها مثيل.
أما جون كورلي مدير الأعمال البحرية في "لويدز ريجستر" فقد ركز على خطورة الجانب المتعلق بتقنيات نقل الغاز، معتبرا أن هذه النقطة قد تؤثر في كامل الصناعة مستقبلا. وأوضح أنه خلال السنوات الثلاث الماضية لمسنا زيادة كبيرة في عدد ناقلات الغاز الطبيعي المسال إضافة إلى الكثير من طلبات الشراء وهو ما فتح الباب لدخول عمالقة كبار إلى السوق، لذا فإن السلامة ومعايير التشغيل تحتل مكانة بارزة في هذا المجال.
أما عدنان بن جمعان نائب رئيس الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال لشؤون التسويق والشحن، فاعتبر أن الطفرة القوية التي تعيشها صناعة الغاز حاليا تنطوي على عدة تحديات في مقدمتها استخراجه بشكل يكون مجديا اقتصاديا. وأشار إلى تجربة عمان التي تتميز بتضاريسها الوعرة والتي تتطلب تكلفة عالية جدا مقارنة مع دول الجوار.
ولفت إلى أن منطقة الخليج ورغم تعرضها لعدة أزمات فإن صناعتها للغاز لم تتأثر إطلاقا، وهذا يعكس ثقة المستهلكين في المنطقة، وهذا الوضع لن يتغير في المستقبل القريب.
ويرى الخبير ديفيد دالتون أن الطلب العالمي المتزايد على الطاقة وضمان استمرار الإمدادات الكافية من الطاقة وخفض إفرازات ثاني أكسيد الكربون هي أهم التحديات التي تواجه صناعة الغاز، مشيرا إلى توقعات وكالة الطاقة الدولية بارتفاع استهلاك النفط بنسبة 20 في المائة بحلول 2015، في حين سيرتفع استهلاك الغاز بنسبة 31 في المائة أي بمعدل 2.5 في المائة.

الأكثر قراءة