الاستثمارات الإسلامية تنعش التجارة العالمية في السلع الأولية

الاستثمارات الإسلامية تنعش التجارة العالمية في السلع الأولية

تشهد التجارة العالمية في السلع الأولية طفرة، والسبب لا يقتصر على نهم الصين للموارد، فأيضا المسلمون الورعون يجعلون أسواق السلع الأولية نشطة. فقد اكتشف المستثمرون الإسلاميون الذين تمنعهم الشريعة الإسلامية من الاستثمار في الكثير من الأوراق المالية التقليدية نهما متزايدا للمعادن والنفط الخام وقريبا الزيوت النباتية. وطلب من محمد إقبال مسؤول الخزانة الكبير في بيت التمويل الكويتي تقدير قيمة حركة تداول السلع في إطار المعاملات الإسلامية فأجاب "القيمة اليومية. أعتقد أنها مئات الملايين من الدولارات أو ربما مليارات".
والمستثمرون الإسلاميون ليسوا حديثي عهد بالسلع الأولية لكن لديهم أسبابهم الخاصة لتداولها. ولعقود استخدموا بهدوء تداول المعادن مثل النحاس والألمونيوم والبلاتين كغطاء لكل أنماط الصفقات المالية التي كانت دون ذلك ستعتبر مخالفة للشريعة الإسلامية. ومن الودائع النقدية إلى جيل جديد من الأوعية المشتقة الإسلامية تستخدم السلع لضمان توافق الاستثمارات مع عماد أساسي للتمويل الإسلامي هو أن العائدات يجب أن تتحقق من نشاط تجاري حقيقي مثل تداول السلع.
وعلى سبيل المثال من الممكن هيكلة تداول النحاس لتحقيق عائد يعادل
الفائدة المصرفية التي تحرمها الشريعة. وبدلا من سداد فائدة قدرها عشرة آلاف دولار مثلا على وديعة لأجل يبيع البنك إلى المستثمر كمية من النحاس بأقل عشرة آلاف دولار من سعر السوق. ويسرع المستثمر ببيع النحاس لجني عشرة آلاف دولار. ووفقا للشريعة فإن هذا ربح تجاري لا فائدة. وقال إقبال "إنه ليس أمرا جديدا. إنه مستخدم على نطاق واسع في
الخليج". وأضاف "نستخدم النحاس والبلاتين والنفط الخام والآن ننظر في استخدام زيت النخيل"، مستعرضا أنواع السلع الأولية التي يستغلها بيت التمويل الكويتي في التمويل الإسلامي.
وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي صمم مسؤولو الاستثمار الإسلامي في "سيتي جروب" عقد مقايضة للعملة قال البنك إنه الأول من نوعه للتمويل الإسلامي. وأنشأ البنك عقد المقايضة لصالح مجموعة دبي للاستثمار حتى يمكنها التحوط من مخاطر أسواق الصرف على استثمارها البالغ 828 مليون رنجيت (233 مليون دولار) في رأسمال أقدم البنوك الإسلامية في ماليزيا وهو بنك إسلام ماليزيا التابع لمؤسسة بي. آي. إم. بي القابضة.
وبموجب العقد إذا تراجع الرنجيت مقابل الدولار يسدد البنك مبلغا لمجموعة دبي للاستثمار للتعويض عن التراجع في القيمة الدولارية لاستثمار المجموعة. ويفعل البنك هذا عن طريق بيع المجموعة كمية من المعدن بأقل من سعر السوق. ثم تبيع المجموعة المعدن وتعامل فرق السعر كربح محقق. وقال رافع حنيف مدير الصرافة الإسلامية في "سيتي جروب آسيا" إنه لا يهم إن كانت العملية تستخدم النحاس أو أي معدن آخر بموجب عقد مقايضة العملات الذي تبلغ مدته خمس سنوات. وقال "معظم الوقت يعطوننا ما هو متاح. لا يتعين أن يكون نحاسا أو ألمونيوماً. إنه معدن بقيمة 100 دولار أيا كان المعدن الذي لديهم".
وتتم العملية عادة عن طريق بورصة لندن للمعادن أكبر بورصة للمعادن
غير الحديدية في العالم التي تتجاوز قيمة المعاملات من خلالها 4.5 تريليون دولار سنويا. ورفضت بورصة لندن للمعادن إعطاء تقدير لقيمة حركة التداول العالمية في السلع الأولية التي تتم في إطار عمليات التمويل الإسلامي. وقال آدم روبنسون المتحدث باسم البورصة "كسياسة متبعة لا نعلق بشأن من يستخدم السوق". لكن بيت الاستثمار داوني داي جروب الذي مقره لندن ويرتب صفقات إسلامية باستخدام سلع أولية قال إن هذه الصفقات تتفاوت قيمتها من خمسة ملايين إلى 100 مليون دولار، وقد تتجاوز ذلك في بعض الأحيان. وقالت ستيلا كوكس العضو المنتدب لـ "داوني داي جلوبل انفستمنتس" عن قيمة التداولات "من الواضح أنها كبيرة".
ومن بين البنوك الأخرى التي تعمل لإنشاء أوعية مشتقة للتمويل الإسلامي
إتش. إس. بي. سي، أيه. بي. إن أمرو، دويتشه بنك، يو. بي. إس، وستاندرد تشارترد. لكن ليست كل المعادن صالحة لدعم التمويل الإسلامي، فالذهب مثلا مستبعد لأن الإسلام يعتبره شكلا من النقود تماما. وبموجب الشريعة فإن النقود في حد ذاتها ليست أصلا يمكن مبادلته. وحتى الطعام تستطلع فرص استخدامه لدعم التمويل الإسلامي مثل زيت النخيل في ماليزيا أكبر منتج لهذا الزيت وموطن أكبر سوق للسندات الإسلامية في العالم. ورغم أهمية السيولة حيث يتعين إنجاز المعاملات في غضون دقائق لتحقيق عائد يمكن توقعه فإن المصرفيين الإسلاميين يستخدمون أيضا المعادن غير المتداولة عبر البورصات مثل الصلب. وقال مصرفيون إنه بفضل التمويل الإسلامي أصبح فجأة بمقدور منتجي الصلب تحسين العائدات وتوليد دخل من الرسوم على اتفاقات البيع أو إعادة الشراء لمخزونات كانت لولا ذلك ستتراكم عليها الأتربة في مخزن أو ميناء أو على ظهر إحدى السفن. وأضافوا أنه لا يتعين دائما أن تتحرك السلع الأولية فعليا بين البائع والمشتري لدعم التمويل الإسلامي طالما تظهر الأوراق انتقالا في الملكيه بموجب القانون. لكنهم أقروا بأن الكثير من الفقهاء يستهجنون المعاملات التي لا تنطوي على انتقال السلع فعليا خارج المخازن وينظرون بعين الشك إلى الأوعية المشتقة الإسلامية عموما. وقالت كوكس من "داوني داي": "تداول أصول دون نقلها مسألة حساسة جدا جدا. التسليم الفعلي ينبغي أن يكون ممكنا بشكل مطلق. يجب أن يفهم الجميع أنه إذا اختار شخص ما التسليم فإنها ستكون مخاطرة".

الأكثر قراءة