نحن والعمالة المنزلية .. قصص لم تُكتَب بعد!
القصة المختصرة التي ظهرت في المواقع الإعلامية عن رحلة عاملة منزلية من بلادها إلى بلادنا، وكيف أن ابتسامة ربة المنزل السعودية لها واحتضانها عند وصولها قد أزالا القلق الذي شعرت به وهي تغادر منزلها إلى المجهول وسط بكاء أطفالها كانت خطوة تُشكر عليها هيئة حقوق الإنسان السعودية .. وكنا ننتظر مثل هذا العمل من الهيئة ومن وزارة العمل أيضاً التي من مهامها إعطاء صورة طيبة عن بيئة العمل والتعامل الإنساني الطيب الذي يحظى به الوافدون عموماً، والعمالة المنزلية على وجه الخصوص، رداً على حملات التشويه التي تتعرّض لها بلادنا ومجتمعنا .. وفي مجالسنا تدور أحياناً مناقشات بين من يقول إن العمالة المنزلية تلقى معاملة غير حسنة، حيث حدثت تجاوزات لا يمكن إنكارها .. ويشدد هذا الفريق على أن الادعاء بأننا مجتمع ملائكي أمر غير مقبول .. وبالمقابل وأنا مع الفريق الثاني هناك مَن يقول إن مجتمعنا متمسك بتعاليم الإسلام بطبعه .. ولذا فإن أي تجاوزات تجاه العاملين لدينا يعتبر عملاً مستنكراً وشاذاً ويجب أن يلقى أشد العقاب وهي على أي حال حالات نادرة جداً إذا ما قارناها بحالات الأغلبية من التعايش الكريم .. فالسائق والعاملة المنزلية بالذات يؤمن لهما مسكن لائق جداً وبه من الأجهزة كالتلفزيون والمكيفات والسرير والفرش ما يماثل إلى حد ما الموجود داخل المنزل .. كما أن ساعات العمل التي يثيرها البعض لا تزيد على المعقول والفرق أن ساعات الراحة تمنح أحياناً حسب طبيعة الأسرة نهاراً بدل الجزء الأول من الليل ويتم ذلك بالتراضي بين الطرفين، إضافة إلى المرتب الذي يعتقد البعض أنه قليل هناك مزايا خارج العقود كالملابس والهدايا وإكراميات الأعياد والمناسبات وهناك أيضاً قروض حسنة عن طريق منح المرتبات مقدماً مما مكّن عديداً منهم من بناء مساكن في بلادهم وتوفير حياة أفضل لأسرهم وهذا حق لهم مقابل جهدهم وعملهم، وليس فضلاً أو منة عليهم.
وأخيراً: قصة العمالة المنزلية في بلادنا قصة فريدة على مستوى العالم حيث يتحمّل صاحب العمل المسؤولية كاملة من تأشيرة واستقدام وتذاكر سفر وتأمين طبي ويقدم على جلب أشخاص ليس لديه أي معلومات عن ماضيهم ليعيشوا معه ومع أسرته تحت سقف واحد .. ومع ذلك فإن صور التعايش مع معظمهم تكون جميلة وموفقة لكنها قصص لم تكتب بعد وحبذا لو تتم على شكل لقاءات مع العمالة التي وجدت تعاملاً طيباً على أن تنشر تلك اللقاءات محلياً وخارجياً وبلغات متعددة وسيجد مَن يكتب تلك القصص مادة متوافرة فكم من عامل وعاملة يودعان مخدوميهما بالبكاء عند سفرهما للإجازة ناهيك عن السفر النهائي لأنهما أصبحا جزءاً من الأسرة، ولعل ما نُشر في إحدى الصحف أخيراً أن مواطناً في المنطقة الشرقية فاجأ السائق العامل لديه عند مغادرته في إجازة بحفل وداع وزعت خلاله الحلوى وتبودلت الابتسامات وسط دهشة ذلك السائق الطيب الذي ذهب ليروي القصة لعائلته وأصدقائه في بلاده تعتبر مثالاً للقصص التي لم تنشر بشكل جيد لإبراز الصور المشرقة في تعامل مجتمعنا مع الوافدين، وهي كثيرة ولله الحمد.