رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل ستصبح الدول العربية دولا فاشلة؟

هل يجوز لباحث في أقاصي شمال الكرة الأرضية، حيث يحتفل الناس عند بزوغ أشعة الشمس خلف الغيوم الداكنة ولو لسويعات أن يكتب عن شؤون حياتية حيوية لشعوب تعيش في بيئة ومناخ مختلفين تماما؟ هذا السؤال أتاني من قارئ يتابع كتاباتي ويتواصل معي من خلال البريد الإلكتروني.
رغم أن المسافات لا معنى لها في عالم اليوم، ورغم أن الكثير من الأفكار والمفاهيم الإنسانية تعبر الحدود الجغرافية والثقافية واللغوية، إلا أنني أرى أن السؤال المثار مهم وواقعي أيضا.
ليس كل ما يفيد السويد مفيدا لبلد الحرمين، وليس كل ما يضر السويد مضرا لبلدان الخليج العربي مثلا. وأنا شخصيا أؤمن بتوطين العلم والمعرفة وإعلاء شأن اللغة القومية. ويؤلمني جدا أن أرى بلدانا عربية تمنح من الأهمية والمخصصات للخدمة التي يقدمها الأجنبي إن كانت فردية أو مؤسساتية أكثر من الخدمة نفسها التي يقدمها المواطن.
لكن يجب علينا أن نعترف بوجود دول تفوق الدول العربية والإسلامية تطورا في أغلب المناحي الحيوية في الحياة العصرية، وهذا التفوق حصل لتفوق الأفراد والمؤسسات في هذه الدول.
شئنا أم أبينا نحن أمام نموذج حياة أكثر ازدهارا وتطورا وتقدما من نموذج الحياة في الدول العربية. هذا النموذج وإلى فترة عقود قليلة كان متمثلا في أوروبا وأمريكا الشمالية، إلا أننا شاهدنا أخيرا أن دولا عديدة بدأت مسيرتها الحثيثة لدخول نادي الدول الصناعية المتطورة وحققت أشواطا مهمة بعضها دخل حلبة الدول المزدهرة، والآخر قاب قوسين أو أدنى.
ونظرتنا ونحن قابعون في أقاصي الشمال وما بحوزتنا من دراسات عن وضع دول العالم الفاشلة والمتطورة منها والتي في طور النهوض، يظهر لنا أن الدول العربية في طريقها إلى أن تصبح دولا فاشلة إن لم تغير في سياساتها، ولا سيما الاقتصادية منها.
وأنا أنقل هذه الحقائق الجديدة أستند إلى دراسات رصينة، ولا سيما كتاب جديد ظهر في أمريكا عن مفهوم الدول الفاشلة وكيفية تصنيفها والأسباب والعوامل التي تؤدي بالدول إلى أن تنزل إلى مصاف الدول الفاشلة.
وأنا أضع أمام قرائي الكرام خلاصة هذه الدراسات، أكرر هنا أيضا أن هدفي الأول والأخير هو استنهاض الهمم كي ينهض العرب من سباتهم الذي طال أمده. وأظن أن من تابع هذا العمود لا يشك في مدى إخلاصي للعرب والمسلمين وقضاياهم العادلة ومدى شوقي كي أراهم وهم يلحقون بركب الحضارة والمدنية.
خلاصة هذه الدراسة، ولا سيما الكتاب الجديد، هي أن هناك الآن تسع دول عربية فاشلة بينها الدول التي اجتاحتها وتجتاحها أعاصير ما يطلق عليه ''الربيع العربي''.
وإن أخذنا مجمل الأسباب والعوامل التي تعتمدها هذه الدراسات لهبوط الدول إلى خانة الدول الفاشلة فإننا سنرى أن بعضها ينطبق على بقية الدول العربية التي لم يتم درجها في هذه الخانة حتى الآن.
واحد من العوامل الرئيسة هو عندما تفشل الدولة في منح مواطنيها الفرصة الكاملة لإحداث نمو وابتكار وتجدد في الدورة الاقتصادية، وذلك لأن الدورة الاقتصادية تحتكرها مجموعة محددة من الناس أو أن هذه الدورة تعتمد في الأساس على استغلال العمالة وطنية كانت أو غيرها.
والدول لا تصبح فاشلة بين ليلة وضحاها. هناك مسيرة طويلة تأخذها في هذا الاتجاه. وهي تصبح فاشلة ليس من تلقاء نفسها، بل من خلال سياسات محددة وجدت أساسا لخدمة فئة معينة. ومن خلال هذه السياسات تظهر على الساحة مؤسسات تشبه الإقطاعيات لا فرصة فيها للإبداع من قبل المواطنين ولا تقدم محفزات للابتكار وصقل المهارات الوطنية.
هناك أسباب أخرى منها تجارية وتنموية وتاريخية وسياسية، لكن أكتفي بهذا القدر لضيق المساحة المخصصة لنا.
كم كنت أتمنى أن يترجم الكتاب إلى العربية ليقرأه كل صاحب شأن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي