«هاشتاق» تحطيم
مواقع التواصل الاجتماعي كـ "فيسبوك" و"تويتر" وغيرهما من المواقع الأخرى تمنح مساحات شاسعة للإنسان المفكر ليتبادل المعرفة والعلم مع الآخرين ويفيد ويستفيد، لكن حين يحاول البعض أن يصنع من هذه المواقع مقاصل ينفذ فيها أحكامه، التي تذكرنا بأحكام القرون الوسطى، فهذا ما يشوّه جمالها وأهميتها.
في "تويتر" يقيم بعض المغرّدين بين الفترة والأخرى ما يسمى (الهاشتاق)، وذلك حين ينوي البعض "سلخ" جلد أحدهم وتعليقه فوق مقصلة الهاشتاق ليكون عبرة للآخرين، حتى الذين يشاركون فيه أكاد أجزم أنهم يردّدون بينهم وبين أنفسهم "عساكم ما تمسكون لي زلة" من شدة الحرب الضروس التي تدور رحاها في هذا (الهاشتاق).
و"الهاشتاقات" ليست كلها شراً، خاصة حين تقام من أجل نقد ظاهرة سلبية أو لتسليط الضوء على وضع يشكو من فساد إداري أو مالي معين، أو للتحذير من شخص مسيء للدين والأعراف، أو لمساعدة أحد محتاج أو غيرها من الأمور التي تقدم فائدة ملموسة يشعر بها المجتمع بشكل عام. لكن أن يُقام (هاشتاق) لنقد المرأة السعودية وتحطيم معنوياتها والتقليل من جمالها ووصفها ببعض التعبيرات التي أطلقها البعض حتى سرت سير النار في الهشيم وأصبحت (معيارة) كقولهم (أم ركب سود) وغيرها من التصنيفات السيئة، فهذا ما يحز في النفس، ويحز أكثر حين يشارك شباب سعودي في هذه المعركة وكأن أخته أو زوجته أو ابنته ليست محسوبة من ضمن هذا (الهاشتاق). نحن لا نريد شباباً يطلقون على بنات بلدهم (أم ركب سود) ولا فتيات يطلقن (أبو سروال وفنيلة) على شباب بلدهم حتى ولو كان الأمر مجرد مزاح .. أتدرون لماذا؟
لأن هذه الأمور تقلل من احترام الطرفين بعضهما لبعض، وتنتقص من قيمة كل طرف في نظر الطرف الآخر، وهي أشبه بجلد الذات الذي يمارسه الشخص حين يشعر بعدم التقدير الذاتي لنفسه، ومثل هذه الأمور يجب أن نكون منها على حذر حتى لا تتحول لثقافة شعبية تكون مجالاً للتندر والفكاهة وتبادل النكت والمقاطع المضحكة عن طريق "الواتس آب" ثم بمرور الأيام ترسخ كمفهوم اجتماعي قد يعتبره البعض (علامة تجارية) لبنات السعودية وشبابها، وهنا يأتي دور السخرية والازدراء من الآخرين، وهذا يجرنا نحو مهاترات إعلامية نحن في غنى عنها، وإن كانت بوادرها بدأت تظهر في "اليوتيوب" من خلال بعض مقاطع الانتقاص من الفتاة السعودية وتحديداً (الركب)!
يجب أن نفتخر بالمرأة السعودية وبالرجل السعودي، وأن نرفض أن يكونا مثالاً للتندر والاستخفاف من قبل الآخرين .. فهما يملكان العقل الراجح والأخلاق العالية والنفس الطموحة الوثابة نحو العُلا، وفيهما من الشخصيات الناجحة والبارزة ما يرفع رؤوسنا ونفتخر به ويستحق أن نقيم له (هاشتاق) شكر وامتنان ومحبة وتقدير.
اللهم لا تجعلنا من الذين (يهشتقونه) الناس إلا بخير!