المملكة مقبلة على نهضة صناعية كبيرة في مجال تكرير النفط

[email protected]

خلصنا في المقالين السابقين إلى أن العالم يتجه بشكل عام إلى استهلاك المزيد من النفط ومعظم هذه الزيادة هي في الحقيقة من الدول الآسيوية (مثل الصين والهند) وأيضاً من الدول المصدرة للنفط مثل دول الخليج العربي.
ما يهمنا في هذا المقال هو تحليل ودراسة استهلاك المملكة الداخلي للنفط تحديدا، فكل المؤشرات تؤكد زيادة هذا الاستهلاك بمعدل سنوي، فمثلاً في عام 2000م وصل إنتاج المملكة للنفط الخام وبحسب منشورات "أرامكو" (حقائق وأرقام) نحو 7.7 مليون برميل يوميا، تم تصدير 6.2 مليون برميل يوميا، أي حجم ما تم تكريره داخلياً يصل إلى نحو مليون ونصف مليون برميل يومياً (طبعاً تم استهلاك الجزء الأكبر منها وتصدير الجزء الآخر).
أما عام 2005م فقد تنامى إنتاج المملكة الكلي للنفط ليصل إلى 9.1 مليون برميل يومياً وتم تصدير 7.1 مليون برميل يوميا منه أي أن قيمة الاستهلاك للتكرير المحلي وصلت إلى نحو مليوني برميل، أي بزيادة قدرها نصف مليون برميل يوميا عن عام 2000م، (أي بزيادة سنوية قدرها 100 ألف برميل يومياً).
يبين جدول (1) مقارنة بين استهلاك الدول الرئيسية في العالم للنفط ويجمع هذا الجـدول الدول التي استهلاكها أكثر من مليون برميل يومياً. ويتضح في الأرقام الواردة في الجدول أن المملكة تتصدر القائمة بالنسبة للقدرة التكريرية على عدد السكان، والتي تعتبر مؤشراً مهماً لعلاقته بالخطط التنموية.
والحقيقة أن معظم دول الخليج العربية، مثل الكويت والإمارات، تمتلك نسبة عالية، وذلك لأن قدرتها التكريرية تعتبر عالية بالنسبة لعدد السكان تماماً عكس الهند والصين وإندونيسيا. أما إذا حسبنا نسبة استهلاك النفط على عدد السكـان، فـإن المملكة تصدر نحو 550 ألف برميل من المشتقات النفطية أي أنهـا تستهلك فقط مليونا ونصف مليون برميل يومياً من المشتقـات النفطية فتصبح نسبتها (استهلاك على عدد السكان) = 24، أي أن الفرد في المملكة يستهلك تقريباً 24 برميل فقط سنويا، وهذه أيضاً نسبة عالية قريبة لتلك في الدول الصناعية الكبرى مثل أمريكا وكندا، اللتين تصل النسبة لديهما إلى 25 وأعلى من باقي الدول في جدول (1)، لأن كل الدول باستثناء المملكة تملك القدرة نفسها، أي أن القدرة التكريرية تعادل القدرة الاستهلاكية.
ومن الجدير ذكره أن قدرة المصافي الوطنية في المملكة تصل إلى نحو 1.4 مليون برميل يوميا، وهنالك أيضاً مصافي "ساسرف" و"سامرف" في كل من الجبيل وينبع، ومملوكة بالشراكة مع كل من "شل" و"إكسون موبيل" وقدرة هاتين المصفاتين تقارب 705 آلاف برميل يوميا، أي أن طاقة المصافي الموجودة في المملكة تقارب 2.1 مليون برميل يوميا.
ولا يفوتنا ذكر المصفاتين المزمع إقامتهما في كل من الجبيل وينبع بالشراكة مع شركتي "كونكو فيليبس" و"توتال" الفرنسية بطاقة إجمالية تقارب 800 ألف برميل يوميا من الزيت الثقيل، إضافة إلى توسعة مصفاة ينبع المحلية، ما يقودنا إلى الاستنتاج بأن المملكة مقبلة على نهضة صناعية كبيرة في مجال تكرير النفط.
أما بالنسبة للاستهلاك المحلي للنفط، فيصل إلى 1.5 مليون برميل سنوياً وهذه الكمية، أيضاً في تزايد مستمر مع الزيادة الكبيرة في عدد السكان والنمو الاقتصادي الذي تشهده المملكة. ويراوح الاستهلاك المحلي بين وقود السيارات (الجازولين والديزل)، وقود الطائرات، وزيت الوقود الذي يستخدم لتوليد الطاقة في محطات الكهرباء ومحطات تحلية المياه، وأيضاً كوقود للناقلات البحرية الكبيرة وأيضاً كميات قليلة من الغاز المسال.
يعرض جدول (2) مقارنة للكميات المستهلكة من المشتقات النفطية في المملكة والشرق الأوسط والولايات المتحدة (أكبر مستهلك للنفط في العالم). فلو نظرنا للجدول لتبين لنا أن نسبة استهلاك المملكة للجازولين تقدر بـ 21 في المائة من إجمالي استهلاك المملكة للنفط، ويساوي ثلث استهلاك الشرق الأوسط، واستهلاك المملكة لأنواع الوقود المختلفة من جازولين وديزل ووقود الطائرات وصل إلى ما نسبته 58 في المائة من إجمالي استهلاك المملكة للنفط. أما زيت الوقود فيصل استهلاك المملكة منه إلى 39 في المائة من إجمالي الاستهلاك النفطي، وهو منتج ثقيل وغالباً ما يحتوي على كميات كبيرة من الكبريت الضارة بالصحة والبيئة، حيث ينصح بالتقليل من استخدامه واستبداله الغاز الخالي من الكبريت به من أجل بيئة أفضل وأنظف.
ونرى أن الولايات المتحدة قد قللت استخدامه فنزل إلى نحو 5.8 في المائة فقط من إجمالي استهلاك النفط كما هو مبين في جدول (2)، بعد أن كان يمثل أكثر من 20 في المائة من إجمالي استهلاك الولايات المتحدة للنفط في السبعينيات من القرن الماضي قبل أن يتم استبداله تدريجياً بالغاز النظيف لتوليد الطاقة.

<img border="0" src="http://www.aleqt.com/picarchive/hgoht.jpg" width="499" height="300" align="center">
<img border="0" src="http://www.aleqt.com/picarchive/hgoht1.jpg" width="499" height="300" align="center">