"كامبريدج لأبحاث الطاقة": الاحتياطيات النفطية 4 تريليونات برميل

"كامبريدج لأبحاث الطاقة": الاحتياطيات النفطية 4 تريليونات برميل

على عكس ما هو سائد بسبب نظرية ذروة النفط، فإن رابطة كامبريدج لأبحاث الطاقة ترى أن المتاح من احتياطيات نفطية يبلغ 3.74 تريليون برميل، أو ثلاثة أضعاف رقم 1.2 تريليون السائد في الوقت الحالي، وبالتالي فهي ترى أن الحديث عن أن الاحتياطيات النفطية ستصل إلى ذروة تبدأ بعدها في الانحدار إنما يعتمد على معلومات مغلوطة وتحليلات لا تقوم على ساقين وتسهم في النهاية في إحداث تشويش على واضعي السياسات وعلى النقاشات الجارية على مستوى الدول ومستقبل صناعة النفط.
وأوضحت دراسة لرابطة كامبريدج المعروفة اختصارا بـ "سيرا" أن الاحتياطيات التقليدية وغير التقليدية، بما في ذلك الإنتاج التاريخي لأكثر من تريليون برميل وما يمكن إنتاجه فعلا يصل إلى 4.82 تريليون برميل مرشحة للنمو والزيادة كما جاء في الدراسة، التي أشرف عليها بيتر جاكسون وتم نشرها تحت عنوان "لماذا سقطت نظرية ذروة النفط: الأساطير والخيالات ومستقبل الموارد النفطية" مطلع الشهر الماضي.

<img border="0" src="http://www.aleqt.com/picarchive/hgjguhtjgkl.jpg" width="499" height="300" align="center">

ويعتمد توقع "سيرا" على تحليلات لاحتياطيات الحقول القائمة في الإنتاج وتلك التي ستدخل دائرة الإنتاج أو التي ستكتشف مستقبلا. ولاحظ جاكسون أن النظرية تضع الإطار الخطأ للسياسات، وبالتالي تبعد النقاش عن مجالاته الحقيقية. فالنفط مادة مهمة للغاية للاقتصاد العالمي، وبالتالي فليس من الحكمة في شيء جعل الخوف يحل محل النقاش الهادئ والتحليل لمختلف القضايا، مضيفا: "إن هذا نقاش من الحيوية والأهمية بمكان مما يستلزم تناوله بصورة عقلانية".
وقال دانييل يرجن رئيس مؤسسة كامبريدج، إن هذه هي المرة الخامسة التي يقال فيها إن العالم وصل إلى مرحلة ذروة إنتاجه النفطي. وكانت البداية بمجاعة البنزين في الحرب العالمية الأولى، ومرورا بالنقص الدائم في الإمدادات في عقد السبعينيات، لكن في كل مرة تقوم التقنية بفتح مجالات جديدة للتنقيب والقضاء على الاتجاه الانحداري لتوافر الإمدادات، وليس هناك ما يحمل على الاعتقاد أن الخيار التقني هذا قد تراجع هذه المرة عن القيام بمهامه.
ضرورة التركيز على العوامل فوق الأرض هو الذي يحدد النتيجة النهائية من عوامل جيوسياسية، إلى جانب الصراعات، الوضع الاقتصادي، والتقنية وذلك أكثر من البحث في باطن الأرض. وتوصلت الدراسة بعد بحث لأوضاع الاحتياطي حقلا حقلا إلى أن نظرية ذروة النفط ليست قابلة للترجمة في أرض الواقع بحلول العقد الثالث من هذا القرن، وإنما تثير تساؤلات. فالتراجع في العادة يستغرق وقتا، والطلب المتزايد ستتم تلبيته ليس من قبل الموارد النفطية المعروفة وإنما أيضا من قبل المصادر القابلة للاستغلال وكذلك من النفط الثقيل، نفط الرمال والغاز المرتبط بالنفط، المكثفات والغاز الطبيعي.
لكن أصحاب نظرية ذروة النفط لا يستسلمون بسهولة، رغم الكثير من الاكتشافات النفطية والغازية أخيرا، مثل ذلك الذي أعلنته "شيفرون" و"ستاتويل" في خليج المكسيك، وشركة هسكي الكندية والنفط الوطنية الصينية في بحر الصين الجنوبي وغيرها. ويقول كريس سكريبوسكي الذي يدير مركز أبحاث حول تحليل اتجاهات نضوب النفط في لندن، أن اكتشاف حقل نفطي جديد في خليج المكسيك شيء جميل قد يطيل عمر الإنتاج هناك لفترة من الزمان، لكنه لن يغير من إجمالي الصورة.
ويشير إلى تراجع حجم الاكتشافات التي بلغت 60 مليار برميل في 1949 وكذلك في 1964، لكن في عقد السبعينيات ورغم دخول بحر الشمال في دائرة الاكتشاف والإنتاج إلا أنه أضاف 40 مليار برميل فقط. وخلال فترة السنوات العشر الماضية فإن متوسط حجم الاكتشافات النفطية السنوي كان في حدود 11.5 مليار برميل، وكان في الحد الأعلى 20 مليارا والأدنى أربعة مليارات، بل بلغ حجم الاكتشافات العام الماضي ما بين ثمانية إلى تسعة مليارات برميل.
وخلاصة ما يراه كريس سكريبوسكي أن العالم اليوم يعيش على ما تم اكتشافه من موارد نفطية وغازية في الماضي. ولهذا فهو يصر على نظرية ذروة النفط التي يتوقع أن تتضح ملامحها بصورة جلية في عام 2010/2011 وذلك استنادا إلى تحليل للحقول المخطط لها أن تدخل دائرة الإنتاج حتى عام 2013 وتنتج نصف مليون برميل يوميا أو أكثر.
لكن من الناحية الأخرى فإن دراسة "كامبريدج لأبحاث الطاقة" ترى أن هناك فرقا بين الهضبة وبلوغ الذروة. ويحتاج الأمر إلى عقود من الزمان حتى تبدأ مرحلة الانحدار. كما ترى إمكانية لأعداد ترتيب لأفضل الأوقات وتطوير خيارات في ميدان الطاقة يمكن أن توفر غالبية الإمدادات لقطاع المواصلات.
ومن الانتقادات التي وجهتها الدراسة للنظرية أنه لم يتم تقديمها في إطار منظم من المعلومات المتاحة، وبالتالي لم يتح الوقت لنقاش جاد حولها، وكل ما فعلته هو تحديد منحنى التراجع مقابل الاحتياطيات الموجودة والوصول إلى خلاصة حول نهاية العصر النفطي.
وتشير الدراسة إلى أن الصيغة التي اعتمدها كنج هوبرت فشلت في تحديد تقديرات الاحتياطي القابلة للاستغلال كما فشلت في التعرف على حقيقة أن تقديرات الاحتياطيات تتطور مع مرور الوقت، وهي خاضعة لمتغيرات كبيرة خاصة مع تزايد التأثير التقني. ويلاحظ أنه في عام 1970 كان الإنتاج العالمي يزيد بنحو 600 مليار برميل، أو بنحو 20 في المائة مما كان يتوقعه هوبرت.
طريقة هوبرت تتطلب معرفة دقيقة وعميقة بالمنطقة، لكن عندما خرج بتحليله عام 1956، فإنه لم يكن يتوقع حدوث اكتشافات في ألاسكا والمياه العميقة في خليج المكسيك، الأمر الذي يعني وفق تقديرات هوبرت الأولية أن فترة ذروة النفط التي كان ينبغي بلوغها قد تم تجاوزها بأكثر من عشر سنوات.
وتتمثل نقطة الضعف الرئيسية في أن نظرية ذروة النفط تقوم على وجود احتياطيات مؤكدة في حدود تريليون برميل، لكن في رأي الكثير من الجيولوجيين، فإن هذا التقدير يعتبر متشائما، إن لم يكن قاصرا، لأنه لا يضم الاحتمالات الخاصة بالاحتياطيات الأخرى وغير التقليدية مثل نفط الرمال، الصخور، وأنواع النفط الثقيل جدا. وفي تقديرات "سيرا"، فإن الاحتياطي قد يصل إلى 4.8 تريليون برميل منها 1.08 تريليون تم إنتاجها فعلا والباقي 3.72 تريليون برميل من الأنواع التقليدية وغير التقليدية.

الأكثر قراءة