الحايك لـ "الاقتصادية" : ثقافة الجمهور السعودي للمسرح تقتصر على الهزل والتهريج
تسهم العروض المسرحية المقامة ضمن فعاليات الأنشطة والمهرجانات خلال الإجازات الصيفية والأعياد الاحتفالية في إتاحة الفرص لتطوير المسرحيين واكتساب المهارات وتبادل الخبرات فيما بينهم كونها الحسنة الوحيدة التي تضيفها للمسرحيين، وفقا للناقد المسرحي عباس الحايك.
#2#
وقال الحايك وهو كاتب مسرحي لـ ''الاقتصادية'': أشك في تغير المسرحيين وتطورهم واشتغالهم على أنفسهم جراء مشاركاتهم في العروض الصيفية والأعياد، وإن كنت أتمنى ذلك''، مبينا أن مسألة العروض المسرحية في مناسبات الأعياد غالبا ما يتساهل المسرحيون والمخرجون في موضوعات العرض، بمعنى أن النصوص سطحية لا تتناول قضايا مهمة، وإنما ينصبُّ تركيزها على الكوميديا فقط، وهدفها الضحك الهزلي وليس إيصال رسالة المسرح الهادف.
وأضاف الحايك أن أيام المناسبات والإجازات الصيفية تمثل فرصة سانحة لعرض مثل هذه النوعية الفكاهية، ذات التهريج العالي الناتج عن اعتقاد المسرحيين برغبة الجمهور في الاستمتاع بهذا النوع البسيط الفكاهي وطلبه إياه، يضاف إلى ذلك أن المسرحيين ذاتهم ليس لديهم الاهتمام بتناول قضايا معينة، واكتفاؤهم بالكوميديا التي تعد نوعا من أنواع المسرح، لافتا إلى إيمان العديد من الناس بأن المسرح الكويتي هو الصورة والنموذج للمسرح الحقيقي الخالد.
ولفت الحايك إلى أن أكثر المسرحيين الذين يقدمون هذه النوعية من العروض لديهم مشكلة فكرية وليست فنية، لأن صاحب القضية والثقافة الفكرية لن يجري وراء القشور والأمور السطحية، وأن المسرحي الذي قدم هذا النوع الهزلي سيواصل سيره في الخط ذاته طالما وجد القبول لدى الجمهور الضاحك الراغب في الترفيه دون المبالاة بقضية مشاهدة مسرحية بالمفهوم المسرحي.
وحمل الحايك قضية التأسيس لمفاهيم المسرح منذ النشأة باعتباره قيمة فنية لها فكرة أصيلة وثقافة واعية خاصة في ظل غياب ثقافة المسرح لدى الجماهير إلى الجمهور نفسه بالدرجة الثانية كونه يتحمل جزءا من المسؤولية لطلبه النوع التهريجي من العروض، بدليل أنه عند تقديم مسرحيات خارج الإطار الزمني للأعياد والإجازات الصيفية لا نشاهد كثافة حضور وتفاعل كالحضور الملموس للعروض الصيفية والأعياد، في حين أن المسؤول الأول عن غياب ثقافة المسرح هي جهات مسؤولة تسببت في وجود الخيط المقطوع بين المسرحي والجمهور، وبالتالي تسببت في إصابة المسرحي بالإحباط الفطري خصوصا في ظل تنصل هذه الجهات من مسؤوليتها عن المسرح وضرورة الاعتناء بشأنه وتوفير الأمكنة التي تستقطب المسرحيين وتعنى بهم.
ولفت الناقد المسرحي إلى أن عدم الاعتراف بالإمكانات والإبداعات الموجودة محليا واشتراط بعض الجهات لإدخال عنصر النجومية من خارج السعودية في تقديم العرض المسرحي على خشبة مسارح هذه الجهات ساعد هو الآخر في تصاعد وتيرة الإحباط لدى المسرحي السعودي وضعف ثقته بإمكاناته.
وانتقد الحايك الصورة الساخرة من الآخرين والمستهزئة بهم من قبل أبطال المسرحيات، وهي الصورة التي تتجلى في فصول بعض المسرحيات المحلية والخليجية المعروضة على مدار ثلاث ساعات وأكثر، لتقدم ما يوصف بالتهريج المسرحي ولتبتعد بذلك عن المسرح الاجتماعي الذي ظهر في الثمانينيات من القرن الماضي بشكل كتابي سليم، وتناول قضايا مجتمعية بقالب كوميدي هادف، وأدى بالتالي إلى صناعة نجوم لا تنسى، مشيرا إلى أهمية إحياء المسرح الاجتماعي لحاجة الجماهير والمسرحيين له.
ويعول الحايك على المهرجانات المسرحية النوعية كمهرجان الدمام، والطائف، والأحساء التي يعدها مختبرا حقيقيا لكل عناصر المسرح من مخرج وممثل ليقدم نوعية مختلفة عن المسرح السائد المعروف، معتقدا أن كل من دخل مجال الفن المسرحي ينبغي أن يكون أمينا على موهبته التي أنعم الله بها عليه، وذلك بصقلها وتنميتها وتطوير إمكاناتها بشكل طبيعي من خلال الاطلاع والقراءة والمعرفة والمشاهدة للعروض العالمية.