رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


آثار ارتفاع إمدادات الغاز الصخري عالميا

الحظوظ التنافسية لقطاع صناعة البتروكيماويات في أمريكا الشمالية بدت قاتمة خلال الفترة الممتدة بين أوائل ومنتصف العقد الماضي، حيث إن استمرار ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والتوقعات بانخفاض الإمدادات المحلية من الغاز قللت من قدرتها العالمية على التنافس. هذه المتغيرات قللت من الميزة التنافسية التقليدية لأمريكا الشمالية في هذا القطاع القائمة على إمكانية الحصول على إمدادات آمنة، وفيرة ورخيصة الثمن من الغاز الطبيعي وسوائل الغاز الطبيعي. إن الغاز الطبيعي لا يستخدم فقط كوقود لتشغيل المنشآت البتروكيماوية، لكن الإيثان المستخلص من الغاز الطبيعي يعتبر مادة خاما (مادة أولية) أساسية لصناعة البتروكيماويات في أمريكا الشمالية. على عكس نظيراتها الأوروبية والآسيوية، التي تعتمد مرافق إنتاج البتروكيماويات فيها إلى حد كبير على النفثا، صناعة البتروكيماويات في أمريكا الشمالية لديها قدرات واسعة على التعامل مع كميات كبيرة من غاز الإيثان، البروبان، البيوتان، النفثا وزيت الغاز.
الارتفاع السريع في إنتاج الغاز من طبقات السجيل الغازي على مدى السنوات الست أو السبع الماضية والزيادة الناتجة في إنتاج سوائل الغاز الطبيعي المصاحب، نقلا صناعة الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة نقلة نوعية كبيرة، وفي الوقت نفسه فتحا آفاقا جديدة لصناعة البتروكيماويات في أمريكا الشمالية.
على مدى السنوات القليلة الماضية انخفضت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة أقل بكثير من أسعار النفط الخام، ما أدى إلى انفصال أسعار الغاز الطبيعي وأسعار النفط الخام المبني على أساس الفرق في محتوى الطاقة لكل منهما، يعود الفضل في ذلك ليس فقط لارتفاع إنتاج أمريكا الشمالية من الغاز الصخري، لكن أيضا لتراجع الطلب نتيجة التباطؤ الاقتصادي. لقد شجع الفصل بين أسعار الغاز الطبيعي وأسعار النفط الخام الشركات الأمريكية إلى توجيه استثماراتها إلى موارد الصخر الغازي الغنية بالسوائل النفطية، أو ما يعرف بموارد الغاز الرطب. حيث إن تحقيق عوائد أفضل من استخراج وتسويق السوائل المصاحبة للغاز يوفر حافزا إضافيا للاستثمار في موارد الغاز الصخري لتحقيق أرباح تفوق تلك الناشئة فقط على أساس المحتوى الحراري (الطاقة) للغاز من موارد الصخر الغازي.
لقد أدى التوجه نحو الاستثمار في موارد الغاز الغنية بالسوائل والغاز الرطب إلى زيادة إنتاج الإيثان منذ عام 2005 بنسبة تربو على 20 في المائة تقريبا. لقد استجابت شركات الطاقة المتخصصة في النقل والمعالجة Midstream استجابة سريعة لهذه التطورات وقامت بالاستثمار بكثافة في تطوير البنية التحتية اللازمة، مثل محطات معالجة الغاز وخطوط الأنابيب، لمعالجة وتوزيع الغاز الطبيعي وسوائل الغاز الطبيعي المنتجة من موارد الغاز الصخري.
لم تكن شركات البترول الاستخراجية ولا شركات الطاقة المتخصصة في النقل والمعالجة المستفيدة الوحيدة من زيادة إنتاج الصخر الغازي وسوائل الغاز الطبيعي في أمريكا الشمالية، بل إن شركات صناعة البتروكيماويات الأمريكية كانت مستفيدة أيضا. إن الإمدادات الكبيرة من موارد الغاز الصخري أدت إلى انخفاض أسعار الغاز وسوائل الغاز الطبيعي مقارنة بأسعارالمواد الخام الأثقل في الأسواق المحلية الأمريكية، ما أدى إلى تحسين الظروف التنافسية لمنتجي الإثيلين في الولايات المتحدة.
صناعة الإثيلين في الولايات المتحدة القائمة على الإيثان كمادة أولية هي الآن أكثر تنافسية من ناحية التكاليف مقارنة بنظيراتها في شمال شرق آسيا وأوروبا الغربية التي تستخدم النفثا كمادة أولية لإنتاج الإثيلين، كما تكاد تكاليفها تقترب من أقل المنتجين تكلفة في منطقة الشرق الأوسط. وقام بالفعل عديد من منتجي الإثيلين في الولايات المتحدة بتحويل مرافقهم البتروكيماوية لتمكينها من التعامل مع موارد أولية أخف، وذلك للاستفادة من الأسعار المنخفضة لسوائل الغاز الطبيعي، خصوصا الإيثان. يمكن ملاحظة دلائل إضافية لهذا التحسن الكبير في القابلية التنافسية لقطاع الصناعة الكيماوية والبتروكيماوية في الولايات المتحدة من خلال الزيادة الكبيرة التي حدثت أخيرا في صادرات المنتجات الكيماوية الأمريكية.
كما ساهم انخفاض أسعار الغاز وزيادة إنتاج سوائل الغاز الطبيعي وتحسن ربحية قطاع صناعة البتروكيماويات الأمريكي في تجدد النمو في هذا القطاع بعد فترة طويلة من الركود. استجابة لتحسن هوامش الأرباح وتعزيز القدرة التنافسية العالمية نتيجة انخفاض أسعار الإيثان في أمريكا الشمالية مقارنة بتكاليف النفثا، التي تعتبر المادة الأولية الرئيسة لوحدات التكسير بالبخار في الأسواق الرئيسة الأخرى، تعتزم الشركات الأمريكية إضافة طاقات بتروكيماوية جديدة للمرة الأولى منذ عقود. على وجه التحديد، تقوم الشركات حاليا بالنظر في عديد من التوسعات في المشاريع القائمة حاليا، فضلا عن بناء مشاريع جديدة في ساحل الخليج الأمريكي وفي شمال شرق الولايات المتحدة بالقرب من موارد الصخر الغازي لحوض مارسيلوس. يجري تطوير وبناء هذه الطاقات الإضافية الكبيرة على الرغم من أنه من غير المتوقع أن يستوعب نمو الطلب على مشتقات الإثيلين في أمريكا الشمالية خلال خمس إلى عشر سنوات القادمة الزيادة الحاصلة في الطاقات البتروكيماوية الجديدة.
لقد أدت التطورات الجديدة في توافر مواد الخام الأولية للصناعة البتروكيماوية الأمريكية بكلف منخفضة نسبيا إلى زيادة كبيرة في القدرة التنافسية لمصنعي البتروكيماويات المحليين في الأسواق العالمية، يتضح هذا من مقارنة تكلفة إنتاج البولي إثيلين عالي الكثافة خلال عام 2010 من وحدات التكسير الأمريكية باستخدام الإيثان كمادة أولية، بكلف الإنتاج لمنتجين رئيسيين آخرين في العالم.
يمكن أيضا ملاحظة تفوق القدرة التنافسية للمنتجين الأمريكيين في ارتفاع معدلات صادرات الولايات المتحدة من المواد الكيماوية، حيث انتقلت الولايات المتحدة من مستورد كبير لمادتي البولي إيثلين منخفض الكثافة والبولي إثيلين عالي الكثافة، إلى مصدر لهذه المواد في الوقت الحاضر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي