رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أزمة المواقف في مدينة الرياض .. هل يمكن استثمارها؟

<a href="mailto:[email protected]">Alfaizdr@yahoo.com</a>

أزمة المواقف في مدننا, خاصة وسط المدينة, تكاد تصل إلى مرحلة الشلل المروري والانتظار لساعات وسط الطرق المسدودة, وربما تمتد لتشل حركتنا أحيانا داخل الأحياء السكنية جراء وجود بعض الهيئات الحكومية أو الخاصة والتجارية التي تزاحم سكان الحي لتسد وتقفل حتى بوابات وكراجات المنازل وتمنع الساكنين من مزاولة أعمالهم والتأخر في مشاويرهم وارتباطاتهم. متى تكون لدينا أنظمة تمنع وتردع قيام البعض بإيقاف سياراتهم في أشد المواقع ازدحاما وسط المدينة ثم الركوب مع زميل لمشوار آخر غير مبالين بأنهم سببوا ازدحاما أو أخذوا موقفا لشخص قد يكون أحوج منهم لذلك (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه!). وبذلك يضطر المحتاج إلى الموقف للدوران عدة مرات حول الموقع ويزيد من عدد السيارات التي تزاحم الطريق وتعطل الآخرين. أو قيام هؤلاء بإيقاف سياراتهم في أقبية مواقف بعض العمائر ولمدة طويلة ومن دون اكتراث, بينما صاحب العمارة لا يستطيع سحبها أو مقاضاتهم! أو من يترك سيارته في أي شارع يراه ويسافر لأسابيع أو أشهر.. هل هناك قانون يمنع ذلك؟ ولماذا يسمح لبعض الجهات الحكومية والخاصة باختيار مواقع داخل الأحياء دون توفير مواقف كافية لهم مما يجعلهم يضايقون سكان الحي ويسدون منافذهم وأبوابهم؟ ولماذا لا يتم إلزام سيارات الأجرة والنقل العام بالوقوف في مواقف خاصة بهم بدلاَ من الدوران المتكرر في الطرق وما يسببه من زيادة أعداد السيارات على الطرق وازدحامها, إضافة إلى زيادة احتمالات الحوادث والتلوث؟
أزمة المواقف ليست جديدة على العالم ولا نحتاج إلى إعادة اختراع العجلة. فعدم وجود المواقف أو شحها يجعل سائق السيارة يدور حول الموقع وبذلك يسبب زيادة عدد السيارات داخل الطرق في تلك المنطقة. كما أن عدم تخصيص مواقع لمواقف الشاحنات أو الحافلات وفق طرق ومداخل واسعة تسمح بالدوران لها يساعد على سد الطرق وخنقها. وهي أزمة مرت بها معظم مدن العالم وأوجد لها العشرات من الحلول, التي تبدأ أولا بالحلول التخطيطية العمرانية التي يجب أن تتحسب لمشكلة المواقف أثناء تخطيط واعتماد المخططات بتخصيص مساحات لمواقف السيارات بين المناطق التجارية والمكتبية حسب الكثافات وإعداد المواقف المتوقع الحاجة لها. كما يتم عادة تصنيف المواقف التي تحتاج إليها المدينة من مواقف للسيارات الخاصة والأجرة والشاحنات والحافلات والدراجات وتوضع لذلك خريطة واضحة لمواقع المواقف في المدينة وتكون مربوطة ومتكاملة مع حركة المرور والنقل. ولكل نوع تكون هناك مساحة كافية للحركة والدوران وتختلف مواقعها حسب استعمالات الأراضي للمدينة. وقد لا يخلو رصيف أي مدينة من لوحة تمنع أو تنظم وقت الوقوف وفق ألوان معينة على بردورة الرصيف, فاللون الأصفر يمنع الوقوف والأبيض يسمح والأحمر يمنع الوقوف أو الانتظار, خاصة أمام محبس لمضخة الحريق أو ممر سيارات الإسعاف. وتخصيص مواقع على الرصيف للشحن والتفريغ. ويمنع وقوف السيارات على الرصيف أكثر من 12 ساعة لعدم عرقلة مرور سيارات تنظيف الطريق. ثم يتم وضع اشتراطات لكل مطور لتوفير مواقف سيارات لكل مساحة 50 أو 100م2 للمكاتب أو موقف لكل شقة. (ويوجد هذا التنظيم حالياَ لدى الأمانات ولكن هناك تساهل في تطبيقه). كما يتم اشتراط تخصيص مواقف لذوي الاحتياجات الخاصة وسيارات الأمن والدراجات. ويتم تحديد مواقف خاصة لسيارات الأجرة على أطراف الحي وقرب ساحات المساجد والأسواق تمنعها من الدوران داخل الأحياء أو الدوران في الطرق مما يزاحم حركة السيارات والمرور.
وتنتهي الحلول العمرانية لتأتي الحلول القانونية والإدارية للمدينة بإيجاد ميكانيكيات للتحكم في مدة الوقوف مثل عدادات الوقوف بمبلغ معين (باستعمال بطاقة قابلة للتعبئة) لكل ساعة أو جزء منها مع تحديد أقصى مدة للوقوف لإعطاء الآخرين فرصة. وبذلك لا يقف إلا من يضطر إلى ذلك. وذلك يساعد على القضاء على ما يقوم به السفهاء من عدم احترام حقوق الآخرين ومضايقة أبوابهم وكراجاتهم أو أقبيتهم.
وكلما تكبر المدن تزداد ازدحاماَ ويزداد الطلب والحاجة إلى مواقف السيارات, خاصة داخل المدن لدرجة أن معظم المباني سيطلب منها زيادة عدد الأدوار تحت الأرض لتصل إلى ثلاثة أو أربعة أدوار(قبو) ويمكن استثمارها بتأجيرها. وهي فرصة للمطورين للتفكير من الآن فيها كفرصة للاستثمار.
بل إن الموضوع قد يحتاج إلى التفكير من الآن لخصخصة مشكلة المواقف بتأسيس شركة تدعمها الدولة لتتولى استثمار وإدارة مشكلة المواقف ومراقبتها عن طريق شرطة خاصة سواء بوضع الرسوم أو المخالفات أو سحب السيارات المخالفة وتحميل صاحبها أجرة السحب وزيادة. وبحيث تمتلك وتنزع ملكيات بعض المباني وسط المدينة لبناء مواقف مظللة أو متعددة الأدوار كالتي سبق بناؤها في البطحاء. وتكون مدروسة بحيث يفصلها مسافات معقولة بحدود 500م مع توفير مسارات آمنة للمشاة. وكذلك توفير ساحات مواقف لمن يرغبون في وقف سياراتهم على حدود المدينة للركوب مع أصحابهم, خاصة إذا كانوا يعملون قريباَ من بعضهم Park & Ride. وكذلك إدارة مواقف على أطراف وسط المدينة وخارجها لتأجيرها على الشاحنات والحافلات السياحية أو حافلات الحجاج والمعتمرين أو من تتعطل سياراتهم.
المشكلة تتعاظم وإذا لم نتداركها ونبدأ بوضع الحلول الآن وقبل ارتفاع أسعار الأراضي, خاصة في الأحياء الطرفية, فإنها ستتغلب علينا وتشل شريان مدننا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي