سيف.. الأمير نايف
إذا لم يترك الأمير نايف بن عبد العزيز.. إلاّ سيف الأمن والحق والعدل، فيكفيه هذا.
لقد أرسى الملك عبد العزيز ـــ يرحمه الله ـــ منذ أن أسس المملكة العربية السعودية قبل نيف و100 عام مجموعة من القواعد لبناء نظام الحكم وتداول السلطات بين أبنائه البررة على أساس الحق والأمن والعدل والكفاءة.
وفي إطار هذا المنهج السياسي العادل، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أمراً ملكياً بتعيين الأمير نايف بن عبد العزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء، إضافة إلى منصبه كوزير للداخلية.
ولقد جاء تعيين الأمير نايف بن عبد العزيز ـــ يرحمه الله ـــ في التسلسل الطبيعي الذي يؤكد أن نظام الحكم في السعودية يقوم على الثوابت الراسخة والأصيلة، ويقوم على استراتيجية ثابتة ومحددة تضمن الاستمرار والاستقرار في كل مراحل التاريخ المعاصر لهذه المملكة الفتية.
لقد وقف الأمير نايف طوال أكثر من ثلاثة عقود في وجه سلسلة من التحديات التي اجتاحت المنطقة العربية عامة والسعودية خاصة، ومع تزايد أخطار التطرف وتحوله من مجرد أفكار سوداء إلى إرهاب دموي تصدى له بكل بسالة رجل الأمن الأول بكل الحزم، واستطاع أن يحجب كل أشكال التخريب والضلال، ثم نجح في مرحلة لاحقة في تحقيق بعض الضربات الاستباقية التي أجهضت كل المحاولات المضللة والفاشلة.
ويحمد للأمير نايف بن عبد العزيز تأكيده الدائم على أن الثقافة الإسلامية والأصالة العربية ثابتة من ثوابت وطننا الأغر. وفي هذا الإطار تأتي جائزة الأمير نايف العالمية للسنة المحمدية كواحدة من المبادرات الرائدة في مجال دعم الاستقرار ونشر الأمن فى كل مكان من المعمورة.
إن سجل الأمير نايف بن عبد العزيز يؤكد أن الأمير نايف ليس جديداً على الحكم، بل هو شريك فاعل ومؤثر في عمليات الاستقرار والبناء التي شهدتها السعودية لأكثر من قرن ونيف.
ولذلك فإن الأمير نايف بن عبد العزيز يحتل مكانة رفيعة عند كل أبناء الشعب العربي السعودي، بل إن الأمير نايف استطاع أن يبني لنفسه مكانة رفيعة عند الأشقاء العرب في كل أنحاء الوطن العربي الكبير، حيث استطاع أن يجعل اجتماعات وزراء الداخلية العرب من أهم الاجتماعات في منظومة العمل العربي المشترك، ولا أبالغ إذا قلت بأن مؤتمرات وزراء الداخلية العرب أصبحت ترقى في أهميتها إلى مستوى مؤتمرات القمم العربية.
ولعل من أبرز إنجازات الأمير نايف ـــ يرحمه الله ـــ على الصعيد العربي أنه استطاع أن يصمم الاتفاقية الأمنية التي صادقت عليها جميع الدول العربية وأصبحت سارية المفعول، وهذه الاتفاقية من المشروعات القليلة التي وقعت عليها جميع الدول العربية وحرصت على تنفيذ بنودها احتراما لصاحب مشروعها الأمير نايف بن عبد العزيز، وتمكن هذا الرجل الإنسان أن يجمع العرب إلى كلمة سواء، وأن ينشر الأمن والاستقرار على حدود جميع الدول العربية من المحيط إلى الخليج.
وهكذا فقد واجه الأمير نايف الكثير من التحديات أثناء توليه وزارة الداخلية، بل نستطيع القول إن السعودية والمنطقة العربية تعرضت في العقدين الأخيرين لسلسلة من الحروب والثورات والاضطرابات التي زلزلت الاستقرار في المنطقة، ولكن الأمير نايف كان على قدر المسؤولية وواجهها بكثير من الحكمة ورباطة الجأش، واستطاع بقراراته الحكيمة أن يحمي المملكة من كل مكروه، بل استطاع أن يحقق نصراً مؤزراً ضد ظاهرة الإرهاب التي أرادت شراً باستقرار وأمن المملكة.
وإذا تعمقنا في مشاريع القرارات الأمنية التي يتخذها الأمير نايف.. نجد إنها تبنى على أسس راسخة من العلم والتنظير. ونذكر ــــ على سبيل المثال لا الحصر ــــ أن الأمير نايف أطلق مشروع "الأمن الفكري" لمحاربة الإرهاب، أي أن الأمير نايف ـــ يرحمه الله ــــ نظر إلى الإرهاب من زاوية التغرير الذي يتعرض له شبابنا من قبل حفنة من أصحاب الضلالات والفسق، وبدأ فكرة العلاج من خلال نشر الوعي الفكري بين الشباب لحماية العقول الغضة من الترغيب والترهيب المضلل.
وواضح من كل المحطات التي وقف فيها الأمير نايف أنه يقبل التحديات ولكن لا يعالجها بالعنف والسطحية، وإنما يعالجها بالدخول إلى أعماق أعماقها وتشريحها حتى يجتثها من جذورها الأولى.
وهنا نستطيع القول إن في شخصية الأمير نايف ــــ طيب الله ــــ ثراه نضوجا أمنيا متكاملا، فهو دائماً يستخدم البعد العلمي والتربوي في علاجه للمشكلات والمصائب التي يتعرض لها المواطن السعودي.
وإذا اقتربنا من اهتمامه الشخصي بمشروع يوم المهنة الذي يقام في عدد من الجامعات السعودية (وهو اهتمام يفوق الوصف) نجد أن الأمير نايف أراد من هذا المشروع أن يؤهل الشباب للعمل، لأنه يدرك أن البطالة هي أحد الأسباب الرئيسة التي تدفع الشباب إلى ارتكاب الجريمة، ولذلك ذهب الأمير نايف إلى معالجة الأسباب ولم يكتف بمعالجة الجريمة فحسب.
ولقد عرفت هذه الخصال النادرة في الأمير نايف حينما عرفته من قرب وقابلته فى يوم المهنة في جامعة الملك عبد العزيز، ووقف الرجل الكبير بكل الاهتمام يشرح لي الهدف من يوم المهنة، وطالبني بأن يرقى اهتمام المفكرين والصحافيين إلى هذا المستوى لأنه السبيل إلى إنقاذ أبنائنا، ويومها أحسست إن الأمير نايف لا ينظر إلى الأشياء في سطوحها، وإنما ينظر إلى الأشياء في أعماقها ويعمل بجد وإخلاص للوصول إلى جذور المشكلات التي يعانيها الشباب ليساهم فى وضع العلاج الحاسم.
ولا شك كان موسم الحج الماضي أحد التحديات التي واجهتها وزارة الداخلية، واستطاع الأمير نايف الذي يترأس لجنة الحج العليا أن يوفر للحج الأمن وأن يجعل الحج سهلاً وميسوراً لكل حجاج بيت الله الحرام، بل استطاع هذا الرجل الكبير أن يبعد عن الحج كل محاولات استخدام هذه الشعيرة لإثارة القلاقل والاضطرابات بين حجاج بيت الله الحرام.
إن المتابع لأعمال وإنجازات الأمير نايف يستطيع أن يدرك أن هناك الكثير من الجوانب الإنسانية التي يمارسها في حياته اليومية، وله مواقف مشرفة إزاء ترسيخ وحماية حقوق الإنسان في السعودية.
وأخيراً وليس آخراً إن الأمير نايف ـــ يرحمه الله ــــ كان رجل دين ودولة ومواطن صالح من الدرجة الأولى.
إننا جميعاً ندعو الله سبحانه وتعالى أن يسكن الأمير نايف فسيح جناته، وأن يكلأه بعين رحمته، ويجعله دائماً في جنات الفردوس، إنه سميع مجيب الدعوات.