رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مصداقية الإحصاءات وتشكيل الرأي العام

ليس مستغربا أن يصل حجم الإنفاق المتوقع للسعوديين في فصل الصيف للسياحة خارج المملكة نحو 75 مليار ريال بمعدل 500 - 940 ريالا للسائح في اليوم، بناء على توقعات أن يصل عدد السياح السعوديين بين 500 ألف ومليون سائح خارج البلاد. وهي أرقام معقولة ومنطقية عطفاً على حجم الطلب المحلي والإنفاق الاستهلاكي للأفراد. فحسب إجمالي الناتج المحلي للسعودية خلال الربع الأول من العام الحالي فقد بلغ حجم الطلب الحكومي والخاص أكثر من 409 مليارات ريال بمتوسط 4.5 مليار ريال في اليوم. ويبلغ متوسط إنفاق السعوديين والمقيمين الاستهلاكي من خلال أجهزة الصرف الآلي ونقاط البيع نحو 60 مليار ريال في الشهر، بمعدل ملياري في اليوم، وبمتوسط 74 ريالا للفرد يوميا. كل هذه الأرقام تأتي من مصادر حكومية رسمية، ما يضفي عليها مصداقية أفضل مما نسمعه من أرقام من بعض شركات الإعلام والتسويق ومراكز المسح واستقصاء السلوك العام، ناهيك عن بعض الأرقام التي يستنتجها الكتاب والمحللون كل على طريقته.
ورغم أهمية الأرقام في معرفة حجم الإنفاق فإنه من المهم أن نتعرف على حجم الادخار الأسري، وهو الأمر الذي لا توجد له أرقام أو نسب متفق عليها. وفي اعتقادي أن هذه الأرقام موجودة لدى مصلحة الإحصاءات العامة، الأمر الذي يستوجب تحديثها ونشرها حتى يمكن التعامل مع أرقام معقولة ومنطقية بدلاً من ترك بعض المحللين والدارسين يخرجون بأرقام قد لا تكون منطقية على الإطلاق. لكن الإعلام لا يجد أمامه إلا تلك الأرقام فيقوم بتغذيتها وتضخيمها بنحو قد يؤدي إلى تشكيل رأي عام خاطئ حول موضوع ما، لذا فإن أهمية نشر الإحصاءات الرسمية المفصلة عن مستوى المستهلك وفي التوقيت المناسب يأتي لإشباع وتوثيق ومثاقفة الوعي الشعبي المتزايد، خصوصا أن الحصول على تلك الإحصاءات من منظمات دولية وإقليمية أمر أصبح سهلاً للغاية، ناهيك عن سهولة استخراجها وتوليد الكثير من المعلومات الأخرى حولها، ما يغذي الوعي الشعبي بأرقام قد لا تكون دقيقة.
إن الأرقام التي نسمعها عن البطالة من جهات تقدرها بطريقتها الخاصة أمر مؤسف في وقت نشعر فيه بأن أرقام البطالة، بعد الجهود الجبارة التي بذلتها وزارة العمل في التوظيف، أمر يمكن تقديره بشكل شهري، ما يستوجب عليها نشر أرقام التوظيف والبطالة بالتفصيل وبشكل شهري. كما يمكن نشر أرقام العجز والفائض في ميزانية الحكومة السعودية بشكل شهري. وهناك الكثير من البيانات والمعلومات المطلوب توليدها ونشرها بصورة دورية وإلا كيف يمكن تحول هذا المجتمع إلى اقتصاد معرفي في وقت تحجب فيه المعرفة في الأدراج.
إن قيمة المعلومة أصبحت أهم مورد أساسي اليوم في عالم الأعمال والاقتصاد، وأهم مورد أساسي للأفراد في ظل انتشار المعلومات الخاطئة والصائبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسرعة البرق، وتلك الوسائل ترتفع مصداقيتها مع مرور الوقت، ما يؤدي إلى ترسيخ بعض المعتقدات أكثر من أن تؤدي إلى تغيير القناعات بسبب اعتماد المستخدمين على المعلومة السهلة غير المعقدة التي لا تحتاج إلى شرح وتفاصيل. بل إن المعلومة في وسائل الاتصال الاجتماعي أصبحت كالكبسولة اليومية التي تفاجئك بتحسن أو تدهور صحتك مع الاستمرار في الاستخدام، بل إن زيادة الجرعات قد تفاقم المشكلة ويستعصى إيجاد العلاج الناجع لها. ولأن العلاج الناجع موجود لدينا الآن ومتوافر لدى الجهات الحكومية المعنية، فإن من الأفضل انتهاج ثقافة نشر الأرقام والإحصاءات الرسمية بمصداقية عالية، والعمل في هذا الاتجاه بطريقة منهجية واضحة، وهو الأمر الذي يمكن قيام مصلحة الإحصاءات العامة بذلك إن أرادت.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي