دول الخليج مطالبة بالمحافظة على ثرواتها النفطية بشتى الوسائل
يشكل النفط المصدر الرئيس للطاقة في وقتنا الحالي، مع الأخذ بعين الاعتبار وجود مصادر أخرى للطاقة منها ما هو مثير للجدل، مثل الطاقة النووية (استخدامها محدود بعدد قليل من البلدان)، ومنها ما هو باهظ التكلفة مقارنة بالنفط كالفحم الحجري، إذ إن تحويله إلى وقود سائل عملية مكلفة جدا، ومنها ما هو تحت التطوير ولم يبلغ سن الرشد مثل خلايا الوقود الهيدروجيني.
إذاً باختصار يعد النفط أحد أهم عوامل التنمية في جميع بلدان العالم، حيث يمثل الروح التي تدب الحياة في المصانع والكثير من محطات توليد الطاقة، ويدير عجلة وسائل النقل المختلفة من سيارات وشاحنات وطائرات وغيرها. من أجل ذلك أنشئت العديد من المراكز والهيئات العالمية التي تعنى فقط بإجراء وإعداد الدراسات التي من شأنها إلقاء الضوء على كميات الاستهلاك العالمي للنفط ومستقبله، وأيضاً كيفية هذا الاستهلاك سواء كمولد للطاقة الكهربائية وغيرها أو كوقود للوسائل النقل المختلفة.
ومن الجدير ذكره في هذا المقام أن العديد من دول العالم بدأت تتسارع لإيجاد بديل ولو جزئي للنفط مدفوعة بارتفاع أسعار النفط، وينطبق هذا القول على بعض الدول المصدرة للنفط، وذلك من أجل توفير نفطها ومن ثم بيعة بالأسواق العالمية بأسعار مغرية، وأيضاً ينطبق على الدول المستوردة للنفط من أجل توفير المال من جراء شراء النفط، وهذه الدول بشكل عام تحلم بتقنين استعمال السائل النفطي كوقود لوسائل النقل لديها وليس لتوليد الطاقة، حيث إنها تخطط لاستعمال الطاقة النووية لتوليد الكهرباء بدلاً من النفط على الرغم من أنها محفوفة بالمخاطر، وأي خطأ قد يؤثر في المنطقة بأسرها، وما حادث محطة تشرنوبيل السلمية عنا ببعيد.
في الناحية الأخرى نرى أن الدول الخليجية تعتمد اعتمادا مباشرا وشبه كلي على نفطها مع الغاز كمصدر وحيد للطاقة، إذاً هي معنية بالمحافظة على هذه السلعة الاستراتيجية بشتى الوسائل من ترشيد الاستهلاك وتقليل الانبعاثات النفطية إلى البيئة، لجعل استعمال النفط أكثر أُلفه وأقل ضرراً على بيئتنا.
ولو أردنا معرفة إلى أين يتجه العالم في طلبه على الطاقة في المستقبل القريب، نجد أن كل المؤشرات والدراسات المتخصصة تشير إلى تنامي الطلب العالمي على النفط، وهذا النمو في الطلب هو في زيادة مستمرة بفضل عوامل التنمية والنمو السكاني وازدهار النهضة الصناعية التي يشهدها العالم. في عام 2000م مثلاً كان الاستهلاك العالمي يقدر بنحو 75.8 مليون برميل يوميا، وزاد هذا الاستهلاك ما قيمته سبعة ملايين برميل يومياً عام 2005م ليصل الاستهلاك العالمي إلى نحو 82.4 مليون برميل يومياً عام 2005م أي بزيادة سنوياً تقدر بـ 2 في المائة.
تم استهلاك ربع هذه الكمية، أي نحو 20.5 مليون برميل يوميا، في الولايات المتحدة (يبلغ عدد سكانها نحو 300 مليون نسمة) واستهلكت دول الاتحاد الأوروبي (يبلغ عدد سكانها نحو 456 مليون نسمة) ما قيمته 19 في المائة من إجمالي الاستهلاك العالمي، وأما الصين (يبلغ عدد سكانها 1.8 مليار نسمة) واليابان (عدد سكانها 127 مليون نسمة) فقد استهلكتا مجتمعتين ما قيمته 12 في المائة من الاستهلاك العالمي للنفط، أي أن هذه الدول مجتمعة استهلكت ما يقارب من 60 في المائة من إجمالي الاستهلاك العالمي للنفط على الرغم من:
* عدد سكانها لا يتجاوز 30 في المائة من إجمالي سكان العالم، أي أن متوسط استهلاك الفرد للطاقة النفطية في هذه البلدان هو ضعف متوسط ما يستهلكه الفرد في باقي دول العالم.
* تعد هذه الدول من أكثر الدول استعمالاً لمصادر الطاقة البديلة، وأعني بها الطاقة النووية على الخصوص لتوليد الكهرباء وغيره. إذاً لو تم حظر استعمال الطاقة النووية في العالم لربما وصل سعر برميل النفط إلى أكثر من 200 دولار على أقل تقدير.
لكن يمكن تفسير استهلاك هذه الدول العالي للنفط مقارنة بباقي دول العالم، بتقدم هذه الدول صناعيا، إذ إن البنية التحتية الصناعية تحتاج لكميات هائلة من الطاقة، هذا بالإضافة إلى نمو اقتصاد هذه الدول وإلى علو مستوى المعيشة فيها مقارنة مع باق دول العالم.
وفي نظرة تحليلية لأكبر مستهلك للنفط في العالم وهي الولايات المتحدة، نجد أنه في عام 2005م قد استهلكت ما يقارب 20.5 مليون برميل يوميا، وأن 45 في المائة من استهلاكها قد تم على شكل وقود للسيارات (الجازولين) .إذاً يعتبر وقود السيارات اللاعب الرئيسي والمستهلك الأكبر للنفط في الولايات المتحدة، وأما الديزل فحاز على نسبة 20.5 في المائة من إجمالي الاستعمال الكلي للنفط، وأما حصة وقود الطائرات فكانت 8.3 في المائة، وغاز البترول السائل حصل على 7.6 في المائة من إجمالي الاستعمال الكلي للنفط. والجدير ذكره أن زيت الوقود كان أقل المشتقات السائلة استخداماً وإنتاجا، إذ حصل فقط على نسبة 4.5 في المائة، وكما هو معلوم فإن زيت الوقود كان يستخدم بكثرة في أمريكا في الستينيات والسبعينيات لتوليد الطاقة الكهربائية، إلا أنه ولأسباب بيئية واقتصادية قد تم استبداله تدريجيا بالغاز لتوليد الطاقة، وأصبح استعمال زيت الوقود منحصراً تقريباً كوقود للناقلات العملاقة التي تجوب المحيطات.
إذاً بناءً على ما تقدم نجد أن القسم الأكبر من النفط في الولايات المتحدة يستخدم في مجال المواصلات، سواء السيارات أو الشاحنات أو الطائرات. أي أن نحو 75 في المائة من النفط الخام يتم تكريره وتحويله كوقود لوسائل النقل المختلفة.
* أكاديمي متخصص في صناعة تكرير النفط والبتروكيماويات ـ الظهران
[email protected]