16 مليار دولار حجم استثمار "أرامكو" على مشاريعها خلال الـ 5 أعوام المقبلة
تطرق النائب الأعلى للرئيس للعلاقات الصناعية في "أرامكو" السعودية، خالد الفالح، إلى أهمية انعقاد منتدى الطاقة السعودي في هذا الوقت، الذي يتطلب المزيد من الفعاليات لمناقشة مسائل صناعة الطاقة والحفاظ على استمرارية دورها في توفير الرخاء وجلب الرفاه لمواطني المملكة من خلال دعم هذه الصناعة لمجمل العملية التنموية، ولا سيما ما يتعلق بدعم الصناعات الأولية والثانوية والتحويلية. وقال في حوار أجرته معه "الاقتصادية" إن مبادرات وزارة البترول والثروة المعدنية في هذا المجال تحقق أهدافها في بلورة التصورات التنموية المتعلقة بقطاع الطاقة. وأشار الفالح في حواره إلى أن "أرامكو السعودية" تقف دائما خلف أي جهد محلي يتعلق بتطوير وتنمية صناعة الطاقة في إطارها الواسع، مذكرا بالمتغيرات العالمية التي حصلت في السنوات الأخيرة في هذا المجال وكيف عززت هذه المتغيرات دور المملكة القيادي في هذه الصناعة.. إلى تفاصيل الحوار:
من وجهة نظركم ما أهمية انعقاد منتدى الطاقة السعودي في هذا الوقت بالذات؟
كما تعلمون فإن الطاقة ارتقت أخيرا لتشكل المحور الرئيس في نمو الاقتصادات العالمية بشكل عام واقتصادات الدول متسارعة النمو بشكل خاص، وهناك قلق على مستوى العالم حول إمكانية صناعة الطاقة في توفير الإمدادات الكافية للوفاء بحاجات العالم المتزايدة للطاقة، وهو ما جعل المملكة تتبوأ مركزا قياديا في صناعة الطاقة. أما على المستوى المحلي فإن النقاش حول مسائل الطاقة يتطلب المزيد من الفعاليات والمنتديات التي تبلور هذه المسائل وتضعها في يد المختصين والخبراء في المملكة ليتحقق لصناعة الطاقة المزيد من التطوير الذي يهدف إلى بلوغ هذه الصناعة غاياتها. تلك الغايات، التي ستمثل المحور الرئيس لنقاشات المنتدى، التي تتمثل في توفير الرخاء وجلب الرفاه لمواطني المملكة من خلال استمرارية توظيف صناعة النفط والغاز وصناعة البتروكيماويات لخدمة مجمل العملية التنموية، ولا سيما دعم الصناعات الأولية والثانوية والتحويلية، الأمر الذي يسهم في نهاية المطاف في تطور الاقتصاد الوطني ككل وما يوفره من فرص الاستثمار وفتح أسواق جديدة وخلق الفرص الوظيفية. ومن جهة أخرى فإن تداخل المنجز المحلي للمملكة في مجال صناعة الطاقة مع الأبعاد العالمية لهذه الصناعة، يعطي هذا المنتدى أهمية كبيرة، حيث تتاح الفرصة لمسؤولي الشركات هنا في المملكة ولضيوف المنتدى الآخرين ليتبادلوا الآراء والأفكار المتعلقة بالاستثمار في هذه الصناعة. ولذلك فإنني أعتبر هذا المنتدى فرصة لالتقاط الأنفاس على طريق صناعة الطاقة لدينا لنتدارس مع المشاركين فيه منجزاتنا ولننظر بعين واسعة إلى المستقبل، الذي يتطلب المزيد من الجهد والعمل.
إذن كيف تنظرون إلى مبادرات وزارة البترول والثروة المعدنية في هذا المجال وكذلك دور الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية، في عقد مثل هذه المنتديات ذات العلاقة المباشرة بصناعة الطاقة؟
مبادرات وزارة البترول والثروة المعدنية معروفة في هذا المجال وهي تحقق أهدافها في بلورة التصورات المتعلقة بقطاع الطاقة، انطلاقا من كونها الجهة التي تنظم وتدير هذا القطاع وترسم خططه الآنية والمستقبلية. ومن المعروف لجميع العاملين في القطاع الصناعي وقطاع الأعمال بشكل عام أن للوزارة نظرة استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى تعظيم القيمة المضافة من صناعة النفط. أما دور الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية، فهو، بلا شك، مهم، وتأتي أهميته من كونها الجهة التي بإمكانها ربط مجال صناعة الطاقة بالحراك الصناعي الاستثماري في المملكة، خاصة أن من أهداف المنتدى والمعرض الذي سيقام على هامشه، توفير السبل لتعريف المشاركين بما ينطوي عليه قطاع الطاقة من فرص استثمارية ضخمة، خصوصا للشركات الوطنية الباحثة عن تعاقدات في هذا القطاع. وهنا أود أن أشيد بنجاح الغرفة قبل عامين في تنظيم منتدى الغاز السعودي الأول، ثم تنظيمها منتدى المشاريع السعودية العملاقة في العام الماضي. ما يعني أن الغرفة أصبح لديها الخبرة في تنظيم مثل هذه الفعاليات ذات العلاقة المباشرة بصناعة الطاقة.
ما الذي ستقدمه "أرامكو السعودية" في المنتدى؟
لا نريد أن نستبق أحداث المنتدى التي ستتضح أثناء انعقاده، لكنني أستطيع القول إن "أرامكو السعودية" تقف دائما خلف أي جهد محلي يتعلق بصناعة الطاقة ومجالات تنمية وتطوير هذه الصناعة. وهناك، بطبيعة الحال، أوراق سيشارك بها مسؤولون في الشركة تتناول مجالات الاستكشاف والإنتاج والتوسع في إنتاج الطاقة في المملكة. كما سيشارك خبراء من الشركة في النقاش حول مجمل ما له علاقة بقطاع الطاقة مثل صناعة التكرير والبتروكيماويات وتعظيم مشاركة قطاع تصنيع المواد وكذلك المشاريع الاستثمارية المشتركة ذات الصلة بهذا القطاع. ولدينا حرص على مشاركة الآخرين في النقاش حول الورقة الخاصة بالبرنامج الوطني لتطوير التجمعات الصناعية، المقدمة من وزارة البترول والثروة المعدنية، حيث إننا في "أرامكو السعودية" ننظر إلى هذا البرنامج باعتباره نقلة تنموية وتطويرية نوعية في اتجاه مستقبل الاستثمارات الصناعية في المملكة وارتباط ذلك الوثيق بإمدادات الطاقة.
كيف، من وجهة نظركم، ترون مستقبل صناعة الطاقة في المملكة، كونها من الدول التي يعول عليها في ضمان إمدادات الطاقة؟
ما من شك أن مستقبل صناعة الطاقة في المملكة هو مستقبل واعد. والمنظمون للمؤتمر والمشاركون والحضور يدركون مدى التغيرات التي حصلت وتلك التي ستحصل في مجال صناعة الطاقة على مستوى العالم. وإذا تحدثت بشيء من التفصيل، فإن العالم اليوم يستهلك أكثر من 50 في المائة من الطاقة التي كان يستخدمها في عام 1980م. وفي عام 2030 سيحتاج إلى 50 في المائة من الطاقة مقارنة بما يستخدمه اليوم. وإذا كان النمو المتسارع للاقتصاد العالمي على وجه العموم وللاقتصاديات القُطرية على وجه الخصوص يمثل ركيزة من ركائز مستقبل صناعة الطاقة، فإن الركيزة الأخرى تتمثل فيما تم التوافق عليه من أن النفط والغاز سيستمران في تلبية الجزء الأكبر من احتياجات الطاقة في العالم خلال العقود المقبلة. وتتوقع تنبؤات الطاقة العالمية استثمار أكثر من 200 مليار دولار في السنة في قطاع النفط والغاز لتلبية احتياجات العالم خلال الـ 25 سنة المقبلة. وهنا تظهر علاقة هذا المنتدى بمستقبل صناعة الطاقة في المملكة، فمثل هذه الحقائق والأرقام تضعنا مع غيرنا من صناع الطاقة، أمام تحديات كبيرة، حيث ستحتاج هذه الصناعة إلى استثمارات ضخمة، لا تقتصر فقط على توسيع مجال الإنتاج التقليدي، بل مشاركة الآخرين في إحداث طفرة في التقنيات التي تعمل على تسهيل الحصول على إمدادات نفط وغاز جديدة وتوسيع قاعدة بناء معامل المشتقات النفطية ومعامل البتروكيماويات وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة.
ما دمتم تطرقتم إلى متغيرات الطاقة على المستوى الدولي وعلاقة المملكة كصانع للطاقة في هذه التغيرات، ماذا عن أثر تطورات مستقبل هذه الصناعة على واقعنا المحلي؟
تحتاج إجابة هذا السؤال، أيضا، إلى المزيد من التفصيل، لكنني سأضعك أمام جانب من النظرة المستقبلية لقطاع النفط السعودي حتى عام 2020م، لتتضح لك ملامح تطورات المستقبل. فهذه النظرة ترتكز، في جزء مهم منها، على تحقيق الحجم الأمثل من الإنتاج وتعظيم عوائد النفط الخام وتوظيفها لتمويل البرامج الاستثمارية المستقبلية، ثم هناك تنمية موارد المملكة من الغاز الطبيعي وتوسيع دورها في استراتيجية التنمية المستدامة على المدى البعيد. انطلاقا من ذلك وبما أن الطاقة هي محرك النمو الاقتصادي في العالم فإنها، كما أشرت إلى ذلك من قبل، هي أيضا محرك النمو الاقتصادي في المملكة ومفتاح خلق الوظائف وتشغيل الأسواق وإضافة المزيد من عناصر التنمية التي تنعكس على حياة الفرد ورفاهيته في مجتمعنا. وهذا هو في الحقيقة الدور الذي نهضت به "أرامكو" منذ سنواتها الأولى وحتى الآن، حيث كان لها دور مهم في تنمية قطاعات الأعمال التجارية المحلية، وإتاحة المجال لشركات القطاع الخاص لتشارك في إنشاء مشروعاتها وفي تأمين مستلزمات هذه المشروعات من السوق المحلية، مع الأخذ في الاعتبار ما يتيحه ذلك من فتح فرص التدريب والتوظيف أمام مواطني المملكة.
ولكي ندرك حجم فرص الاستثمار والتشغيل والتوظيف المستقبلية يكفي أن نعرف أن "أرامكو السعودية" ستصرف على مشروعاتها والمشروعات المشتركة خلال السنوات الخمس المقبلة ما مقداره 16 مليار دولار سنويا، يضاف إلى ذلك مصروفات التشغيل السنوية العادية التي تقدر بالمليارات وقيمة المشتريات الناتجة عن ذلك من السوق المحلية التي هي أيضا بالمليارات، من غير أن نغفل عن الاستثمارات التي تصرفها شركات أخرى في هذا المجال. وهنا أود أن أشير، بالمناسبة، إلى نجاح صناعة النفط والغاز في المملكة في خلق كيانات تصنيع ضخمة مستقلة من أبرز أمثلتها كيانات الصناعات البتروكيماوية وغيرها من الصناعات، وهو ما يؤدي إلى خلق مزيد من الفرص الاستثمارية والتشغيلية والتوظيفية التي تنتجها هذه الكيانات. وخلال المنتدى سيتم التطرق إلى هذا الجانب وأهميته وأبعاده بالتفصيل من خلال الجلسة التي سيترأسها عبد الرحمن عبد الكريم، التي تبحث في موضوع الخدمات المساندة لصناعة الطاقة، تلك الخدمات التي تتنامى أهميتها سنة بعد أخرى بفضل تنامي صناعة الطاقة في المملكة، والتي أيضا بدورها توفر فرصا للتشغيل والتوظيف.
بالمناسبة طالبتم أخيرا أمام المنتدى الخليجي الهندسي بتطوير التعليم الجامعي الهندسي وضرورة مواكبته لسوق العمل. ألا ترون أهمية أن يناقش المنتدى ربط العملية التعليمية ككل بمستقبل صناعة الطاقة؟
لا بد أن مثل هذا الموضوع سيجد طريقه للنقاش أثناء المنتدى لأهميته القصوى وارتباطه كما ذكرت في سؤالك بتطور صناعة الطاقة في المملكة. ونحن في "أرامكو السعودية" لدينا تجربة طويلة في استقطاب الكفاءات السعودية المتخصصة في تقنيات الصناعة البترولية. لكننا أيضا نطمح إلى المزيد من تطوير أطر التعليم الجامعي ككل والتعليم الجامعي الهندسي على وجه الخصوص لنوفر الكفاءات المحلية المؤهلة لصناعة الطاقة في المملكة، فكما هو معلوم فإن التطور الاقتصادي يرتبط ارتباطا وثيقا بتطور العنصر البشري. ولعلي أتطرق هنا إلى أن تقديراتنا، على سبيل المثال، تشير إلى أن أعمال الشركة، التي يسهم فيها ما يقارب سبعة آلاف مهندس ستكون بحاجة إلى قرابة عشرة آلاف مهندس مع مطلع العقد المقبل. ولذلك قد يجد المنتدى فرصة للتطرق إلى هذه المسألة التي تحتاج إلى وقفات، لا تخلو من ملاحظات أنتجتها، بالدرجة الأولى، استفادتنا من مخرجات هذا التعليم، كما أنتجها العمل المشترك وتراكم الخبرة العملية وتبادل الخبرات لفترة طويلة.