أمهات يستبدلن أغاني المهد بالجوانب البصرية والقنوات الفضائية

أمهات يستبدلن أغاني المهد بالجوانب البصرية والقنوات الفضائية

تسبب استبدال الأمهات في وقتنا الحاضر بأشعار الهدهدة التي رددتها أمهاتهن على أسماع أطفالهن لحنا موسيقيا عذبا يتناسب مع إيقاع الكلمة لينام الطفل قرير العين بالجوانب البصرية والوسائل الحديثة، في فقد مكون أساسي من مكونات الطفل وهو الإبداع مع فقد الكثير من اللحظات الجميلة الناتجة عن الصلة الرابطة بين الطفل قبيل نومه ومؤانسة أمه له، وهي السمة العاطفية الجميلة لدى الإنسان حسبما أفاد الممثل المسرحي عبد الله الجفال.
وقال الجفال لـ ''الاقتصادية'': نتحمل كآباء اندثار هذه العادة الجميلة والموروث الشعبي ما يعادل نسبة 60 إلى 70 في المائة كون الرجل هو رب العائلة ويحفظ جزءا من التراث ويلتصق بمن هو أكبر عمرا وأوسع ذكرا للموروث الثقافي، وإن تلاشي هذه العادة مع تسارع الزمن تسبب في وجود أجيال لا تدرك كثيرا من مفرداتها اللغوية وتستغربها لأنها لا تطلقها ولا تستخدمها حتى تلاشت من ذهن الباحثين، لافتا إلى أن انشغال المهتمين بالشأن الثقافي والحراك الأدبي والفني بالهاجس الوقتي وما يخص النخبة في حين تهميش ما يخص المجتمع أوجد عدم الاندماج التام.
وأوضح الجفال أن الهدهدة أو الترانيم كما يطلق عليها ولها مسميات أخرى بعضها فقد وتلاشى وانقرض بسبب انقطاع ما بين الجيل والجيل أي ما بين الأم في العصر الحالي مع أمها ودخول الجوانب التكنولوجية في الحياة المعيشية وإن كانت صادرة من هواجس الرجل وهواجس المرأة، إضافة لعدم وجود الوقت الكافي للجلوس مع الطفل لتحلق معه في عالم الخيال والواقع فتجد لغة مشتركة والتكفل بالرعاية للخادمة ما جعلها بعيدة تماما قبيل نوم صغيرها وأوجدت عدم الممارسة فقدان المصطلحات والمفردات التراثية اللغوية، منوها إلى أن الاختلاط بالطفل لا بد يكون محفوفا بالخيال والقدرة على الدمج بينه وبين الواقع ولا سيما أن خيال الطفل خصب قبيل النوم.
وتابع الجفال أن العائلة بشكل عام تتحمل مسؤولية اندثار وتلاشي الموروث التاريخي والقصصي وحكايات الأسطورة النابعة من المجتمع مندمجة بالخيالات كذلك تتحمل وزارة التربية والتعليم انتفاء هذا الموروث كون أغلبية الأطفال يلتحقون بها في سن مبكرة وتستبدل تعزيز هذه الترانيم بالتراكيب والمكعبات، إضافة لتقصير جميع المؤسسات الفنية والثقافية التي لا تحاكي هذا التراث وتوليه الأهمية لدى جيل الناشئة، مشيرا إلى أن الأغلبية العظمى من الأمهات في الوقت الحالي يكتفين بتجميل الغرف بالوسائل الهندسية التشكيلية البصرية الغريبة عن البيئة التي لم تعد متعلقة بالواقع رغم قدرة المرأة البارعة على الاختزال والاختراع كما شهدنا سابقا.
من جانبه، بين أبوحوراء محمد أحد المهتمين بأغاني الهدهدة أن الترانيم لا تقتصر على النساء فقط كذلك الآباء يغنون لأبنائهم وينعسون معهم كما هو الحال معه، إلا أن المشهور أغاني الأمهات التي تصيغها النساء حسب حالتهن المزاجية وظروفهن المعيشية تارة تتسم بالغزل لطفلها المحبوب وتارة أخرى تعبر من خلالها عن أحداث حياتها ومجرياتها بأسلوب الشعر الزجل والرجز في محاولة منهن لتنعيم الصوت وتلحين الكلمات بأنغام هادئة وصورة حميمية وناعمة للطيور والحمام والغزلان في البرية مع الربت الخفيف على جسم الطفل كي ينام سريعا.
وأضاف أبوحوراء أن الوضع الآن تغير حيث قلة هن من الأمهات ممن تهدهد لطفلها بالموروث القصصي والمثل الشعبي والبوح الألمي كما كان سائدا في الأعوام الماضية، وأن بعضهن تكتفي في إسناد هذه المهمة لجدة الطفل سواء كانت من أمه أو أبيه خاصة إن كانت تختزل في ذاكرتها العديد من الترانيم الجميلة الهادئة. في حين أرجعت حنان الجبر - أم لا تحب هدهدة أطفالها - مسألة الأشعار والترانيم القديمة التي تقولها الأم كي ينام طفلها إلى أنها نتاج حاجة زمنية لم تكن متوافرة فيها الوسائل الملهية للطفل والتي تجذب انتباهه كالقنوات الفضائية والألعاب المتعددة والأجهزة الإلكترونية التي تسرق ألوانها نظر الطفل وتشد انتباهه، وتقول: غدت الآن القنوات المخصصة للأطفال المختلفة والأناشيد الموسيقية التي تعرض من خلالها كافية ومغنية مع أغاني الرسوم المتحركة ولا سيما أن أغلبية هذه الأناشيد الموسيقية مستوحاة ومبتكرة من الترانيم القديمة لكن بطريقة عصرية حديثة متناغمة مع أبناء الجيل الجديد.
وعن إمكانية ترديدها لأطفالها قبل نومهم بعض الأراجيز والأناشيد المقدمة في القنوات الفضائية أجابت حنان بأنها لا تجيد حفظ الأناشيد رغم سهولتها بسبب كثرة مسؤولياتها داخل المنزل وخارجه إضافة إلى عدم ميلها إلى مثل هذه الأمور وإن كانت تسعد بسماع أطفالها يرددون بعضها، منوهة بأنها كغيرها من الأمهات اللاتي يحملن مقاطع أغاني الأطفال على هواتفهن المحمولة ويجعلنها نغمة الاتصال من أجل إسعاد أطفالهن.

الأكثر قراءة