الثقافة .. المسؤولية الاجتماعية .. القطاع الخاص
إن القطاع الخاص أصبح في وقتنا الراهن يلعب دورا كبيرا ومحوريا في عملية التنمية على مختلف مجالاتها، ومن المجالات المهمة التي لا بد على القطاع الخاص التركيز عليها في خططه واستراتيجياته، المسؤولية الاجتماعية التي تعبر عن اندماجه في المجتمع وتفاعله معه، إذ لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال توسيع نطاق هذه المسؤولية الاجتماعية وتزايد أنشطتها، كأن تكون هناك شراكة بين القطاع الخاص والمجال الثقافي من خلال تبني مشاريع تخدم الأدب والشعر، أو بناء مراكز لتلك الأغراض، مما تعمل على زيادة النشاط الثقافي واستمرارية فعالياته.
إن مثل هذه المشاريع تعمل بطرق غير مباشرة على تنويع المشارب الفكرية للمجتمع وتقبل الآخر، كما تفتح أفقا أوسع وأشمل لخدمة الثقافة على اختلاف تخصصاتها وتنوع أقسامها، فالمسؤولية الاجتماعية تجاهها أصبحت ضرورة إنسانية تمليها المسؤولية الأدبية لأي كيان، حيث يكون للقطاع الخاص شراكة واضحة فيه تعمل على تطويره ودعمه وتذليل العقبات التي قد تقف أمام نموه .. ولنا في هذا الجانب مثال رائع تمثل في الدعم والمتابعة المستمرين من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لمركز الحوار الوطني، وتأسيسه أيضا مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار الذي يؤكد تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات وتشجيع الاحترام والتفاهم والتعاون المشترك ودعم العدل والسلام والتصدي للتطرف والكراهية ونشر ثقافة الحوار، والسعي للتعايش بين الأفراد والمجتمع، وتعزيز روح الاحترام والمحافظة على قدسية المواقع والرموز الدينية، ومعالجة التحديات المعاصرة التي تواجه المجتمع وتعزيز دور الأسرة والمحافظة على البيئة.
كذلك لنا مثال جميل في المشاريع التي تبنتها الشيخة مي آل خليفة وزيرة الثقافة البحرينية، لخدمة الأدب والثقافة بشكل عام، من خلال تأسيسها مراكز للتراث في البحرين مثل بيت الشيخ إبراهيم آل خليفة وغيره من البيوت الثقافية التي عملت على ترميمها وإعادة واقعها السابق، إلى جانب عملها الدؤوب في مدّ الجسور مع القطاع الخاص لإحياء هذا الجانب.
إن مشاركة القطاع الخاص في مثل هذه المشاريع ستعكس صورة جيدة للقطاع الخاص ومسؤوليته الاجتماعية، وتعمل على خلق قنوات تفاعل حقيقية مع المجتمع المحلي عبر مبادرات تحقق استجابة عالية في أهدافها وأدوات تنفيذها مع غايات التنمية المحلية وخطط اكتشاف طاقات المجتمع الكاملة، كما أن مثل هذه المشاريع الثقافية تعمل على بناء شخصية الفرد وتنمية ذاته وتوسيع معرفته، إضافة إلى التواصل مع جيل الشباب وتعريفهم بما كان عليه السابقون من أدباء وشعراء ومثقفين، حيث إن مشاركة القطاع الخاص في مثل هذه الجوانب المهمة تعكس قيمة وأهمية المسؤولية الاجتماعية للشركات، في دعم الاقتصاد الوطني والمساهمة في إنجاح مثل هذه الجوانب، التي تبرز الوجه الحضاري المشرق للمملكة التي ندعو العلي القدير أن يديم عليها أمنها واستقرارها.